الإبعاد القسري والملاحقة الدولية

بقلم: آمال أبو خديجة

لم يكتفي الإحتلال الإسرائيلي بما صدر ويصدر من حقه من قرارات دولية من الامم المتحدة، أو بما يقوم به من مخالفات للمواثيق الدولية حول حقوق الإنسان و القانون الدولي الإنساني، بل كل يوم تزيد من ممارساتها ضد الشعب الفلسطيني بأنواعه المختلفة، سواء على الأرض أو الإنسان وكل ما ينغص حياته وبقائه.
ومما يطرح اليوم في جلسات ما يسمى بالكنيست الإسرائيلي مشروع قانون " إبعاد عائلات منفذي العمليات " ، كما طرح من قبل الكثير من القوانين بضم أراضي الضفة الغربية وتوسيع الإستيطان، وزيادة التعذيب والإنتهاك لحقوق الأسرى، وغيرها من مشاريع قوانين أصدرت لممارسة العدوان الإحتلالي على الفلسطينين .
وفي إطار ما يسمى بمشروع إبعاد عائلات منفذي العمليات، تستطيع فلسطين أن تمارس عملية المقاومة الدولية ضد هذا الإحتلال بفضح ممارسته من خلال ما صدر من قرارات في الأمم المتحدة، أو مخالفاتها لنصوص ومواثيق دولية ضد حقوق الإنسان، لعل من خلالها تستطيع أن توقف بعض ممارسات الإحتلال الإسرائيلي .
وإنطلاقأ من أهم قرار صدر حديثاً يدعم القضية الفلسطينية ويضع فيه نهاية للإستيطان الإسرائيلي في أراضي عام 1967 " 2334 "، والذي انطلق من قرارات التقسيم لحل الدولتين "242" " 338 "، واعتماداً على الإعتراف الدولي بدولة فلسطين كدولة غير مكتملة العضوية بقرار( 194 )، وما تم من إنضمام فلسطين لكثير من إتفاقيات دولية وأهمها محكمة الجنايات الدولية، لعلها تستطيع من خلالها فتح بوابة الملاحقة للإحتلال الإسرائيلي، والتنغيص على ممارساته ووجوده، وتثبيت بعض الحقوق، أو استردادها إن أنصف العالم الدولي، وفرض قوته وإرادته لأجل القضية الفلسيطنية العادلة .
قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالإبعاد القسري، وبعض نصوص القوانين الدولية التي تعلقت بتحريم الإبعاد للمدنين، من خلال إعتمادها كمفاتيح تلاحق بها فلسطين، سياسة الإبعاد القسري للفلسطينين أينما تواجدوا، سواء إبعاد داخلي أو لخارج فلسطين، حيث يعتبر هذا الإبعاد مخالف لهذه القرارات والنصوص القانونية التي يتوجب على المنظمات الحقوقية الدولية، ودول العالم الحر أن يسارع في إعتمادها من أجل منع هذه السياسة وإيقافها وفرض العقوبة على الإحتلال الإسرائيلي، والتعويضات عن الأضرار التي تكبدت بها لكثير من المواطنين الذي أبعدوا أو يراد إبعادهم ضمن مشاريع قوانين يصدرها الكنسيت الإسرائيلي
قرار رقم 607 لعام 1988 بتاريخ 5 يناير يطلب فيه مجلس الأمن أن تمتنع إسرائيل عن ترحيل مدنيين فلسطينيين عن الأراضي المحتلة.
قرار رقم 468 لعام 1980 بتاريخ 8 مايو يطالب مجلس الأمن فيه إسرائيل (بصفتها القوة المحتلة) بإلغاء الإجراءات غير القانونية و الإبعاد التي اتخذتها ضد رئيسي بلديتي الخليل وحلحول وقاضي الخليل الشرعي.
قرار رقم 608 لعام 1988 بتاريخ 5 يناير يطلب من إسرائيل إلغاء أمر ترحيل المدنيين الفلسطينيين وكفالة عودة من تم ترحيلهم فعلاً.
  قرار رقم 636 لعام 1989 الصادر بتاريخ 6 يوليو يطلب من إسرائيل أن تكفل العودة إلى الأراضي المحتلة لمن تم إبعادهم ، ثمانية مدنيين فلسطينيين في 29 يونيو 1989) وأن تكف إسرائيل عن إبعاد أي فلسطينيين مدنيين آخرين.
قرار رقم 641 لعام 1989 بتاريخ 30 أغسطس يشجب استمرار إسرائيل في إبعاد المدنيين الفلسطينيين ،إبعاد خمسة مدنيين فلسطينيين في 27 أغسطس 1989) ويطلب من إسرائيل أن تكفل العودة الآنية والفورية لمن تم إبعادهم.
  قرار رقم 681 لعام 1990 بتاريخ 20 ديسمبر يشجب قرار إسرائيل استئناف إبعاد المدنيين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
قرار رقم 694 لعام 1991 بتاريخ 24 مايو يشجب إبعاد إسرائيل للفلسطينيين الذي يمثل انتهاكاً لاتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب.
قرار رقم 726 لعام 1992 بتاريخ 6 يناير يطلب من إسرائيل تحاشي قرارات الإبعاد.
قرار رقم 799 لعام 1992 بتاريخ 19 يناير يدين قيام إسرائيل بإبعاد 418 فلسطينياً إلى جنوب لبنان منتهكة التزاماتها بموجب اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1948 ويطلب من إسرائيل أن تكفل عودة جميع المبعدين الفورية والمأمونة إلى الأراضي المحتلة.
أتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين المــادة (49( يحظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى، محتلة أو غير محتلة، أياً كانت دواعيه. والمــادة (147( المخالفات الجسيمة التي تشير إليها المادة السابقة هي التي تتضمن أحد الأفعال التالية إذا اقترفت ضد أشخاص محميين أو ممتلكات محمية بالاتفاقية : القتل العمد، والتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك التجارب الخاصة بعلم الحياة، وتعمد إحداث آلام شديدة أو الإضرار الخطير بالسلامة البدنية أو بالصحة، والنفي أو النقل غير المشروع، والحجز غير المشروع، وإكراه الشخص المحمي على الخدمة في القوات المسلحة بالدولة المعادية، أو حرمانه من حقه في أن يحاكم بصورة قانونية وغير متحيزة وفقاً للتعليمات الواردة في هذه الاتفاقية، وأخذ الرهائن، وتدمير واغتصاب الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورات حربية وعلى نطاق كبير بطريقة غير مشروعة وتعسفية .
ونص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المادة ( 9(. لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً.
ونص قانون روما للمحكمة الجنائية الدولية حيث نصت المواد ( 6، 7، 8 ) على أن إبعاد السكان أو النقل القسري لهم أو الإبعاد والنقل غير مشورعين، أو تعمد إلحاق الضرر وإخضاع جماعة عمداً لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكاً فلياً ، كلها ضمن إختصاص المحكمة، وإتفاقيات جنيف لعام 1949 تعتبر جرائم جسيمة ضد الإنسانية والإبادة الجماعية وجرائم حرب يتوجب على المجتمع الدولي أن يعمل على معاقبة الأفراد المرتكبين لهذه الجرائم وملاحقة قياداتهم .
من الملاحظ أن قرارات الأمم المتحدة لم تتوقف على مدى تاريخ القضية الفلسطينية حول ممارسة الإحتلال الإسرائيلي لإبعاد الفلسطينين عن أراضيهم وأماكن سكناهم، بل في كثير منها أصدرت قرارات بإلزام الإحتلال الإسرائيلي أن تقوم بإعادة من أبعدتهم إلى موطنهم فوراً.
كما يلاحظ أن إتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنين قد حرمت النقل الجبري للمدنيين المحميين ضمن نصوصها من أماكن سكناهم،كما اعتبرتها مخالفات جسيمة ضد الإنسانية التي يتوجب المحاكمة الدولية عليها ، وأكد على ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يعتبر النفي التعسفي إختراق لأهم حقوق الإنسان التي يتوجب إحترامها من الدول، وأخيراً المحكمة الجنائية الدولية، التي بينت أن الإبعاد القسري والتهجير للمواطنين هو من الجرائم الجسمية التي تستوجب معاقبة مرتكبيها ، سواء رؤساء و قيادات أو أفراد مؤتمرين منهم، مما يتوجب تقديم قيادات الإحتلال الإسرائيلي وغيرهم في أي ممارسة قامت بها أو ستقوم بها، بإبعاد فلسطينين قسرياً عن أماكن سكناهم وممتلكاتهم إلى المحكمة الجنائية الدولية، للمعاقبة الجزائية،  بالإضافة لمحاكمتهم أمام محكمة العدل الدولية،  للتعويض عن الأضرار لما أصاب المبعدين الفلسطينين أو من تعرضوا للتهديد بالإبعاد  .  
تبقى المقاومة ضمن المواثيق والقرارات الدولية هي وسيلة من إحدى الوسائل التي تتخذها فلسطين في المحافل الدولية ، عل من خلالها تفضح الإحتلال، وتبثت الحقوق، وتبقي القضية شاغله عقلية العالم، وتنغص على الكيان المحتل وتبقيه في حالة من الخوف وعدم الإستقرار، ولا يبعد الأمل يوماً أن نستعيد حقوقنا كلها، ولكن الإرادة القوية مفتاح لنا، كما هي وحدتنا،  وإنهاء إنقسامنا وعودتنا لحاضنة شعبنا،  هو أهم ما نحتاج لتثبت حقوقنا .
 
آمال أبو خديجة