أبسط قواعد العلاقات الإنسانية تقضي بتخفيف الاحتقان مجرد الاتفاق على خطوة مشتركة، وقد اتفقت الفصائل الفلسطينية في جلسة بيروت التحضيرية على تشكيل حكومة وحدة وطنية، تتطلع بمهامها في غزة والضفة الغربية، فلماذا تصاعد التوتر، وارتفت وتيرة التهديد بعد أربع وعشرين ساعة من التوافق في بيروت؟
ما الذي جرى؟
وكيف انقلب الحال من انسجام ووئام على أرض بيروت إلى صراع وخصام على أرض غزة؟ ما الأسباب الحقيقية التي حالت دون وصول الوقود الصناعي إلى محطة التوليد، ومن ثم انقطاع الكهرباء عن سكان قطاع غزة، والبدء بحملة تحريض، واشتباك كلامي، واتهامات متبادلة؟
وهل من علاقة بين ما جرى في بيروت من توافق وما يجري في غزة من اختلاف!
في بيروت صدرت دعوة عامة صادقة من جميع فصائل العمل الوطني والإسلامي، بهدف الخروج من ضائقة الانقسام، والخلاص من التيه السياسي، ولكن للخروج هذا ضريبة مؤلمة ستدفعها بعض التنظيمات وبعض القادة السياسيين الذين استعذبوا بقاء الحال.
فهل يمكنني الافتراض بأن ما يجري على أرض غزة هو تخريب متعمد لجلسة بيروت، ولاسيما أن فصائل هيئة العمل الوطني، قد أصدرت بياناً قبل اجتماع بيروت، تدعو فيه إلى عقد جلسة المجلس الوطني في رام الله، ولهذه الدعوة مغازيها التي تنسجم مع توجه السيد محمود عباس؟
ولكن الأهم مما سبق يتعلق بالسيد محمود عباس نفسه، الذي صار مكلفاً من الفصائل الفلسطينية بالبدء بالتشاور لتشيل حكومة الوحدة الوطنية، وهذا ما أكد عليه بيان موسكو الصادر عن الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركة فتح، حيث جاء على لسان عزام الأحمد ما يشير إلى نقل التوافق الفصائلي من موسكو إلى السيد عباس في المقاطعة، ليبدأ في غضون 48 ساعة التشاور بهدف تشكيل حكومة وحدة وطنية.
فهل سيقبل محمود عباس بوجود حكومة وحدة وطنية قوية، تقف من خلفها فصائل العمل الوطني والإسلامي؟
هل سيقبل محمود عباس بوجود حكومة وحدة وطنية قادرة على عبور مرحلة الانقسام، وقادرة على تحمل المسئولية كاملة، وتجاوز المشهد السياسي الراهن، بما في ذلك الوصول إلى انتخابات تشريعية ورئاسية غير مضمونة النتائج بالنسبة للسيد عباس؟.
أزعم أن تصريحات السيد محمود عباس في الأيام الماضية تشير إلى عكس ذلك، وهذا ما ستكشف عنه الأيام القليلة القادمة؟
فتهيئوا لمزيد من المناكفة والاشتباكات اللفظية.
د. فايز أبو شمالة