فضائيات فلسطين والمرحلة

بقلم: راسم المدهون

يدرك الفلسطينيون خطورة المرحلة التي يعيشونها وتعيشها قضيتهم الوطنية، خصوصاً مع إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، وحماسته للاستيطان كما لنقل السفارة الأميركية الى القدس. مع ذلك، لا نجد الإعلام الفلسطيني عموماً والفضائي خصوصاً يتصرف بما يعني أنه يفهم خطورة المرحلة أو يقدم ما تحتاجه وما يمكن أن يكون في مستوى تلك الخطورة.

من يتابع القنوات الفضائية الفلسطينية على اختلافها وتعدّدها، لن يجد في برامجها ما يتناسب مع ما يجري: لم نشهد في الفضائيات الفلسطينية كلها حوارات جدية وواسعة تستقطب آراء المحللين من كل الاتجاهات والمواقع السياسية. فالبرامج لا تزال على حالها ويجري تقديمها بالكيفية القديمة ذاتها، والتي باتت تقليدية ولا تحمل أي جديد.

لا ندعو هنا أن تكون برامج الفضائيات الفلسطينية في "حالة استنفار" كتلك التي نراها في حالات الحرب، لكن أن تضع الحدث السياسي الفلسطيني في مكانة تليق به وتعكس خطورته وتأثيره في مستقبل القضية والشعب. ولا يعني ذلك الخروج عن المألوف بل الالتزام بتقديم حوارات واسعة وجادة لا تنتقي من السياسيين والمثقفين من يتفقون مع القناة الفضائية في مواقفها كما حدث ويحدث عند كل منعطف سياسي مهم، وضروري أن تغادر هذه "العادة" الإعلامية العبثية وتمارس انفتاحاً حقيقياً على مختلف التيارات فتستقبل أصحاب الرأي أياً تكن مواقفهم.

تفترض خطورة الحدث الفلسطيني أن يعود الإعلام التلفزيوني للجميع وأن يستطلع رؤى الجميع وتحليلاتهم، فالمسألة لا تتعلق بطرف فلسطيني بذاته سواء كان في السلطة أو في صفوف المعارضة.

تفترض المرحلة الراهنة والآتية فتح حوار واسع يتناول كل شؤون القضية وشجونها بهدوء ومن دون انفعال وبعمق يليق برغبة الجميع في اجتراح برامج وخطوات سياسية جادة وحقيقية قادرة على استنهاض الحالة الرسمية والشعبية، التي ندرك جميعاً الحاجة الى ترميمها واستعادة توهجها وحيويتها وقدرتها على الخروج من شللها الى آفاق الفعل. الحوار في هذه الحالة يتجاوز شكلياته الى أن يكون خطوة حقيقية الى الأمام سواء على صعيد الوحدة الوطنية، أو إعادة تأسيس المؤسسات الوطنية المترهلة والمتآكلة وزجها في دائرة الفعل والتأثير.

ليس من واجب برامج الفضائيات الفلسطينية أن تكون عادية في زمن غير عادي ولا طبيعي.

راسم المدهون