المنتدى الاقتصادي العالمي أنهى مؤتمره السنوي في دافوس، وهو في كتابي الشخصي أهم اجتماع بعد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
البروفسور كلاوس شواب أطلق المنتدى في سبعينات القرن الماضي، وكان مؤتمر سنتنا هذه السابع والأربعين. بدأت الحضور في أواخر الثمانينات، وكنت ولا أزال معجباً بنشاط البروفسور شواب وجهده واجتهاده، وفكرة المنتدى وشعاره بناء عالم أفضل، وقد رشحت كلاوس شواب سنة بعد سنة لجائزة نوبل للسلام، فهو يستحق الجائزة أكثر من بعض الذين فازوا بها. ولا أنسى الدكتور ادريان مونك فهو عضو اللجنة التنفيذية للمنتدى ويبذل جهداً هائلاً لتلبية حاجات جميع المشاركين.
دافوس بلدة في جبال الألب يقصدها طلاب التزلج على الثلج، سكانها حوالى 11 ألفاً، وهم يزيدون الى 30 ألفاً خلال المؤتمر السنوي، ويشارك في الجلسات كل سنة حوالى ثلاثة آلاف مدعو من حول العالم، يضمون رؤساء دول وحكومات ووزراء ومرافقين، وحوالى 1200 رئيس شركة عالمية. الصحافة العالمية في مبانٍ تحيط بالمقر الرئيسي للجلسات، وهناك مئات من الصحافين أو الإداريين والفنيين من محطات التلفزيون.
ما أستطيع أن أقول بثقة هذه السنة إن جميع الفنانين الذين دعوا الى دافوس لبوا الدعوة، أما الفنانون الذين دعوا الى الاحتفال بدخول دونالد ترامب البيت الأبيض فاعتذروا باستثناء قلة من الدرجة الثالثة.
حضر من الكبار الرئيس الصيني شي جينبينغ ورئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، وسرني أن يعود نائب الرئيس الأميركي جو بايدن الى المؤتمر بعد أن منحه الرئيس باراك أوباما وسام الحرية، وهو أعلى وسام مدني أميركي. وكنت رأيت السناتور بايدن في دافوس في التسعينات.
كانت العملية السلمية بين الفلسطينيين وإسرائيل تعد بأن تؤتي ثمارها في تلك الأيام. وكان أبو عمّار من نجوم كل مؤتمر، وقد رأيت بعيني إقبال المندوبين عليه لتوقيع قائمة العشاء الخاص بالشرق الأوسط. ورأيت الرئيس حسني مبارك. كان هناك مجرم الحرب بنيامين نتانياهو، وأقول صادقاً إنه كان يجلس مع أفراد عصابته ولا أحد يسأل عنه أو يحدثه.
كان أبو عمار يقول لي "جبلنا ناس مهمين". ودعوت مرة الصديق العزيز الشهيد جبران تويني للجلوس الى طاولتنا. أبو عمار رحب به كثيراً وقال له إن والده غسان تويني انتصر دائماً للفلسطينيين ودافع عنهم. في سنة لاحقة شاركتنا حضور اجتماع دافوس نايلة، ابنة جبران ووريثته في "دار النهار".
لا أعرف كيف سيكون تأثير إدارة دونالد ترامب في عمل المنتدى الاقتصادي العالمي، وإن غامرت برأي أقول إنه لن يكون تأثيراً إيجابياً. كان هناك في دافوس هذه السنة بعض أعوان ترامب وأنصاره، إلا أن المشاركين اهتموا بالأهم، أي الاقتصاد العالمي وأين يتجه أكثر من الالتفات الى حفلة تنصيب رئيس أميركي جديد.
المؤتمر السنوي تزامن هذه المرة مع اجتماع جمعية خيرية يديرها الصديق عمرو الدباغ، وهو من الوجوه العربية التي أراها كل سنة في دافوس، وحضرت نشاط الجمعية في فيينا.
أجمل ما في عمل الجمعية الخيرية أن نشاطها لا يقتصر على الدول العربية بل يمتد ليشمل الشرق الأقصى وأفريقيا وأميركا اللاتينية وكل أطراف العالم.
هذه السنة وزعت جوائز على 23 جمعية خيرية تساعد الناس المحتاجين. وجوائز الشرق الأوسط كانت ثمانياً تقاسمتها ست جمعيات للفلسطينيين وجمعيتان مغربيتان. أرى أن كلاً من هذه الجمعيات يستحق جائزته، ويجب علينا جميعاً أن نشجع استمرار العمل الخيري في كل بلد.
الجمعيتان المغربيتان كانتا للأطفال وأصحاب الحاجات الخاصة، والجمعيات الفلسطينية ضمت الرواد والأمل والكمنجاتي والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال في فلسطين وحركة الإرشاد وجمعية أمان. أحييهم جميعاً.
جهاد الخازن