عندما يبدأ في الذات تحركها نحو الإقتناع ، أن هناك ما يستدعي أن تغيره، كما في ذات المجتمع أيضأ، لتسير نحو نمو جديد، وتطلع لبناء الأفضل، وتغير النمطية التي يعتاد عليها، لخلق ما الإبداع، عندها نقول أن الوعي بدأ جذوره، و التغير بدأ بذاره، لوضع أركان البناء و التطور في الذات الواحدة والمجتمعية.
فكيف إن كانت الذات السياسية التي إعتادت على نهج الرؤية الحزبية، بعيداً عن مبدأ قبول الأخر ، أليس الأجدى أن تكون السياسة، قائمة على تنافس يبنى على إحترام الأخر، وأن ما وصل له أي حزب متوقع أن يملكه غيره، فليس ما وصلت إليه بإرادتها، إنما إرادة العامة هي من وكلتهم نيابة عنها، كي تحمل الهم وتعالج المشكلات، وتنمي الحياة ، و الإتيان بالجديد الذي يطورها نحو مزيد تقدم وحضارة .
وحتى يتم بدء التغير مع الذات، لا بد من قناعة داخلية ، و زرع مبدأ القبول، فهذا المبدأ أهم مبادي التغير في الذات البشرية، فعندما يبدأ قبولي لما أعاني من قصور، وقبولي بأن غيري رأيه محتمل الصواب، و رأي محتمل الخطأ، والقبول بالمشاركة، وأن دائرة الحياة لا تكتمل لوحدها، بل تحتاج لعناصرها كي تحكم إغلاقها، وتقيد فجوات الدخول نحو خل توازنها، فلا بد في حل الصراعات والنزاعات ، أن يتغلغل مبدأ القبول في نفوس الجماعة، حتى تكون قناعة متفجرة بوجدانها، فيستشعر الطرفان كل من الأخر قبوله له، حتى تعود روائح الثقة والأمان بينهما، فيتحرك كل منهما نحو الهدف الواحد، المجمع عليه تحقيقه لمصلحة العامة، بعيدا عن مصالح الذات الفردية المنقادة لنوازع الحزب .
فالتحاور للتصالح في كل أنواع النزاعات، يحتاج لهذا القناعات أن تزرع فيها، كي تسير حقاً نحو نجاحها، وتحقيق وحدتها، وإعادت ذاتها الجمعية، وقتل نوازع الميل نحو الأنانية الحزبية والسلطوية، لتصبح كل قيادة سياسية، تصل لمنصة الحكم، ممثلة للكل المجتمعي لا فئوية معينة، ولا تنتج عناصرها وأتباعها على كراهية الأخر، واستبعاده وعداوته، بل محاربته بكل وسيلة، كي لا يمكن يوماً من القيادة .
فمبدأ القبول، هو الأساس الذي يحتاج إليه، قبل بدء أي حوارات ونقاشات لحل الخلاف، فإن تمكن المبدأ هذا من ذوات الجميع، صدقوا فيما يقولون، وتحركوا في فاعلية واحدة للعمل لمصلحة الجميع، وإلا بقي كل منهم يدور حول ذاته، يخاف الخروج منها، لينظر لأبعد من سواها، كي يفقد منها ما عز عليها من حب تملكها بحق الأسبقية في الرأي والسلطان والقيادة دون غيره .
بقلم/ آمال أبو خديجة