شاركت فلسطين، في الحوار الرفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة الذي عقد في مقر الامم المتحدة بنيويورك على مدار يومين حول بناء السلام المستدام للجميع: "التآزر بين خطة التنمية المستدامة والسلام المستدام".
ودعا المستشار بالبعثة المراقبة الدائمة لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة عبد الله أبو شاويش، إلى اعتماد مسار تنموي خاص بالفلسطينيين، لأنه استثمار في السلام والأمن المستدامين في المستقبل.
وتناول أبو شاويش في كلمته الحالة الفلسطينية على اعتبار انها حالة واضحة للعلاقة الجدلية بين السلام والتنمية، وان غياب احدهما يعني بالضرورة غياب الآخر، مستشهدا بما اقرته خطة التنمية 2030 " بأنه لا يمكن أن تتحقق التنمية المستدامة في منأى عن السلام والأمن، كما أن انعدام التنمية المستدامة يعرض للخطر استتباب السلام والأمن".
وأكد تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الاسرائيلي بشكل شبه مطلق، فالعملة الإسرائيلية هي المستخدمة في المعاملات التجارية الفلسطينية، والإستيراد للسوق الفلسطيني يتم فقط عن طريق المعابر "الإسرائيلية" وفي الغالب بالمواصفات الإسرائيلية أيضاً دون الأخذ بعين الاعتبار التباين بين المجتمعين، إلى جانب فرض رسوم جمركية على الواردات الفلسطينية تعادل تلك المفروضة على الواردات الإسرائيلية.
وتابع أبو شاويش: "بعد 23 عاما من توقيع اتفاقية اوسلو، فان ما تحقق من نجاحات تنموية ما زال متواضعاً بسبب الإحتلال الإسرائيلي، كما أكدت ذلك تقارير الأمم المتحدة والبنك الدولي وغيرها العشرات من التقارير الأممية ذات الصلة، فالتنمية في ظل الإحتلال تسير بخطوات بطيئة جداً، ولا تزال الفجوة الإقتصادية بين الشعبين كبيرة على جميع المستويات".
وأشار إلى نجاح المجتمع الدولي بشكل عام ومجموعة الـ77 والصين بشكل خاص في الإشارة إلى الشعوب تحت الإحتلال في خطة التنمية 2030، وإلى الدول والشعوب تحت الإحتلال في كل من المؤتمر الأخير للأمم المتحدة للمستوطنات البشرية المنعقد في كيتو، وفي قرار الجمعية العامة المعنون "الإستعراض الشامل الذي يجري كل أربع سنوات لسياسة الأنشطة التنفيذية التي تضطلع بها منظومة الأمم المتحدة من أجل التنمية"(QCPR)، كلها دلالات على قناعات المجتمع الدولي بحق الشعب الفلسطيني في الإستفادة من عمل الأمم المتحدة الإنمائي.
وأضاف "التعثر في المسار السياسي الحاصل حالياً بسبب التعنت الإسرائيلي وفشل المنظومة الدولية في إجبار إسرائيل على الإلتزام بمبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، يجب أن يقابله ويوازيه نهوض في الجانب التنموي لدى الفلسطينيين وإستثمار مكثف في تنمية الإقتصاد الفلسطيني والوصول به إلى إقتصاد مكافيء لنظيره الإسرائيلي يعني بالضرورة استثمار في السلام المستدام".
وقال أبو شاويش: "يتوجب علينا أن نستفيد من تجارب الشعوب الكثيرة التي تحررت من الإستعمار الأجنبي لتجد نفسها في ضائقة إقتصادية كبيرة وقد ورثت إقتصاد مثقل بالمشكلات، إنعكست بالضرورة على حالة السلم والأمن في هذه البلاد داخلياً وبينها وبين جيرانها خارجياً، والأمثلة هنا كثيرة جداً، ولذا يجب علينا التحضير الجيد لإقتصاد فلسطيني قادر على الإستمرار والعبور إلى مرحلة الإقتصاد المستقل والقائم بذاته، وفي نفس الوقت المكافيء في مؤشراته العامة للإقتصاد الإسرائيلي وفي هذا مصلحة للطرفين الفلسطيني والإسرائيلي وضمان أكيد لسلام دائم ومن المؤكد أن الفروقات الواسعة الحالية بين الإقتصادين وعدم الوصول لنقطة التوازن بينهما هما أفضل وصفة لتحطم سفينة السلام هذه، وهذا ما يفرض علينا التفكير ملياً وجدياً في الإستثمار المكثف في التنمية في الجانب الفلسطيني تحضيراً لعملية سلام مستدامة في المستقبل".
