مستقبل العلاقة الامريكية الروسية في عهد الرئيس ترامب وانعكاساتها على المنطقة

بقلم: ناصر إسماعيل اليافاوي

القارئ للسياسة الامريكية يدرك ان مرحلة الصراع بين القطبين ستتخذ مناحي اكثر ايجابية بعكس ما عرفناه من مراحل متعدد ة ، بداية من مرحلة المواجهة مرورا بمرحلتي التعايش السلمى والوفاق ثم تراجع الانفراج والوفاق حتى حقبة باراك اوباما..

وبتقديرنا ان فوز ترامب سيدخل العلاقة بين القطبين بمراحل جديدة تشابه مراحل التعايش السلمي والوفاق الحذر، وممكن الوصول الى ذلك من خلال التعرف على المدخلات التالية :

*جذور العلاقة الشخصية بين الروس وترامب :

- زار ترامب العاصمة الروسية لأول مرة في عام 1987 حيث سكن في فندق "ناسيونال" وحتى نام في الغرفة التي عاش فيها لينين بعد انتقال الحكومة البلشفية من بطرسبورغ الى موسكو.

- في كانون الاول عام 1996 ابلغ نائب رئيس بلدية موسكو الصحفيين بأنه اجرى مفاوضات مع ترامب حول اعادة بناء فندقي " روسيا " و" موسكفا" بكلفة 300 مليون دولار.

- مؤسسة ترامب اعلنت في حزيران عام 2008 عن خطط بناء مساكن وفنادق فخمة بموسكو وبطرسبورغ وسوتشي.

- عام 2013 زار ترامب روسيا من اجل اجراء مسابقة ملكة جمال العالم في مجمع الحفلات "كروكوس" بضواحي موسكو.

*وبالرغم من تلك العلاقات الشخصية الى ان المصالح الامريكية بإدارتها وشركاته العملاقة هي من تقرر السياسة الخارجية المرتبطة بهيمنتها على العالم ، وبالطبع اخضاع الاقتصاد العالمي للمصالح الامريكية وإبقاء الدولار بصفته العملة السائدة في اسواق المال العالمية ..

لذلك نرى مجموعة من السناريوهات للتعامل الروسي الأمريكي في ا لشرق الاوسط :

من المعروف ان أحداث ليبيا صبت الزيت على النار بين القطبين ، إذ استغلت واشنطن ومن خلفها عواصم غريبة تحفظ روسيا على قرار مجلس الأمن الدولي بفرض حظر جوي فوق ليبيا ليتم تدمير البلد بحجة حماية المدنيين وهو ما عارضته روسيا واعتبرته التفافا على القرار.

وفي سوريا ظهرت حدة العداء بين الطرفين فروسيا تدعم الحكومة السورية وتصر واشنطن بألا مكان للأسد في مستقبل سوريا، وما الحرب الدائرة هناك ، وظهور الإرهاب المتنقل إلا دليل على تقاطعات المصالح الدولية واختلافها على ما بات يعرف بحروب الوكالة بين الدول ..

السيناريو الاول :

الحذر وعدم الافراط بالتفاؤل:

- يجب ابداء الحذر من سياسة الرئيس الجديد، حيث ان ترامب ينتمي الى النخبة والجماعات البرجوازية من العليا من الاغنياء واصحاب المصالح التي حملته الى كرسي الرئاسة في البيت الابيض، فهيهات ان تسمح له بتغيير المسار في السياسة على الصعيد الخارجي. وتعتقد تلك النخبة ان علاقات ترامب مع نجوم الفن او دوائر بزنيس العقارات في روسيا لا تنفعها بشيء ولن تحقق مصالحها ..

السيناريو الثاني : تخفيف لهجة النقد

باعتقادنا ان الرئيس ال 45 لأمريكيا سيكرس اهتمامه بالأمور الاقتصادية الداخلية لبلاده من ناحية، والبحث عن مكاسب سياسية و اقتصادية خارجية ، وعلى صعيد الازمات السابقة مع روسيا كل ما سيفعله هو التخفيف من لهجة النقد لروسيا وخاصة فيما يتعلق بأزمات سوريا –اليمن – ليبيا

السيناريو الثالث: عودة سياسة الوفاق الكارترية :

هذا السيناريو هو ما يمكن أن تلجأ الدولتين لإيقاف الصراع على الجبهات الخارجية ولاسيما جبهات الوطن العربي المشتعلة ، والتي تشهد حربا باردة بين القطبين واضحة المعالم ، ومن خلال العودة الى سياسة الرئيس الاسبق جيمى كارتر ممكن تحقيق مكاسب إضافية بشكل توافقي مع روسيا دون الخسارة لاحد الطرفين وممكن تحقيق ذلك اذا تحققت المعطيات التالية:

- رغبة الإدارة الأميركية الجديدة على توطيد العلاقات الدبلوماسية مع روسيا

- إظهار أميركا النوايا حسنة وترك سلوكيات الماضي التوترية من خلال رفع العقوبات عن موسكو..

- لتوصل الى تسوية بشأن الملفات الدولية والعربية ، بعد ادراك امريكا واوروبا أن روسيا باتت اليوم قادرة على ابتزاز أميركا والغرب في الشرق الأوسط.

- تأسيسا لما سبق :

نرى ان البلاد العربية ستبقى مسرحا وملعبا للأطراف الدولية ، لتحقيق مصالحها وهيمنتها الدولية ، وستنهى هذه الدورة الجديدة من اللعبة الشرق الاوسطية بوضع صياغة جديدة لسايكس بيكو بما يحقق مصالح القطبين ، حتى تظهر قوى جديدة تحول العالم من أحادى أ وثنائي القطبية الى متعدد الاقطاب ..

بقلم/ د. ناصر اليافاوي