جعجعة الآخرين وطحن ترامب

بقلم: رامز مصطفى

غريب أمر السلطة وفريقها والدائرين في فلكها ، حين يصورون أن إقدام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على تنفيذ نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس ، كمن يُطلق الرصاص في الرأس . هكذا هي التصريحات الممجوجة التي أطلق العنان لها الكثيرون من أركان السلطة ، التي أشبعتنا تهديداً ووعيداً في مواجهة هكذا خطوة . وما استخدم حتى الآن من تصريحات وانتقادات لا تعدو كونها زوبعة في فنجان الثنائي ترامب و نتنياهو الذي سرعَّ من وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس .
وعلى خطورة خطوة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وما ستتركه من تداعيات على القضية الفلسطينية ، ولكي لا تبقى الأسئلة حبيسة الرأس واللسان ، فماذا لو نفذ ترامب وعيده ونقل السفارة ؟ ، ما هي الخطوات التي ستقدم عليها السلطة والمنظمة من خلفها ؟ ، وما هي ردود أفعال الجامعة العربية إزاء خطوة كهذه ؟ ، وبالتالي منظمة التعاون الإسلامي ، ما هي إجراءاتها العملية لمواجهة نقل السفارة ؟ . وأيضاً وحتى لا تبقى الأجوبة على تلك الأسئلة حبيسة الرأس واللسان ، فهي لن تتعدى بيانات الشجب والإدانة ومطالبة المجتمع الدولي أخذ دوره في دفع صاحب البيت الأبيض إلى التراجع عن قراره ليس إلاّ .
صحّ لسان أجدادنا وما قالوه في أمثالهم :- " المكتوب مبين من عنوانه " ، " لو بدها شتي غيمت " . هذه هي الحقيقة التي نتجرع كأسها المرة على ضوء كل التجارب السابقة ، وهذا ما يُذكرني بما قالته " غولدا مائير " عندما أخذت علماً بإحراق المسجد الأقصى :- " لم أنم طوال الليل ، كنت خائفة من أن يدخل العرب إسرائيل أفواجاً من كل مكان ، ولكن عندما أشرقت شمس اليوم التالي علمت أن باستطاعتنا أن نفعل أي شيء نريده " . كلام مائير هذا كان في العام 1969 ، أي قبل 48 عام من الآن ، يوم كان المد الثوري في أوجه ، والنظام الرسمي العربي رغم ما شابه ، كان لا يزال في معظمه ينتهج خطاً عروبياً داعماً ومحتضناً وملتزماً القضية الفلسطينية ومقاومة شعبها . أما اليوم فأين نحن وهم من تلك الأيام . فترامب ونتنياهو ليسا بمنجمين أو من يقرؤون الفلك ، بل هما يقرأن جيداً واقعنا الذي بفضل ساسته يسير من السيء إلى الأسوأ .
الأيام بيننا إذا ما نقل ترامب الغارق بعنصريته سفارة بلاده إلى القدس ، لن نسمع من هؤلاء إلاّ جعجعة وعويلاً ، فيما ترامب ونتنياهو يطحن بما تبقى من عناوين وطنية فلسطينية .

رامز مصطفى