دحلان يقدم مكرمات مالية لطلاب أسر الشهداء: الموقف والسياق الزمني

بقلم: فهمي شراب

الشهداء الأكرم منا جميعاً، هؤلاء الذين بشجاعتهم وبسالتهم وعظيم تضحياتهم عمَّدوا لنا الطريق، وكانوا سبباً في كل ما أعتبر انجازاً فلسطينياً، أصحاب الفضل على أصحاب الكراسي، واقع أسرهم وذويهم الحالي يعكس تقصيراً كبيراً مشوباً برائحة المؤامرة عليهم وعلى مسار التصدي للاحتلال.

على وقع ما يقدمه النائب محمد دحلان لأهل غزة من دعم  مستمر متعدد الأوجه، يشرع  الآن بتقديم دعماً مالياً لأبناء الشهداء من الطلبة المتفوقين، وضمن قراءة سريعة لواقع أسر الشهداء، ينكشف النقاب عن مستوى التدهور والمعاناة في حالة اسر الشهداء، و ينبئنا الواقع بما وصلت إليه الظروف الإنسانية والنفسية والمعيشية المتردية لأهالي الشهداء، والذين تقطعت بهم السبل وضاقت عليهم الدنيا بما رحبت، وباتوا للعام الثالث وهم يبحثون عن جهة تساندهم وتعيد إليهم حقوقهم المسلوبة، والتي للأسف لم تشفع لهم دماء أحبائهم الذين سقطوا إبان العدوان الإسرائيلي وخاصة عام 2014، فأكثر من 2150 أسرة شهيد وأكثر من 11 ألف جريح، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء في اعتصام مفتوح أمام مؤسسات السلطة ومنظمة التحرير يطالبون بصرف المخصصات التي لم تصرف حتى هذه اللحظة!

هذا الهوان، وهذا الظلم، وهذا التهميش الذي يتعرضون له بشكل مجحف يُعزى في أفضل تفسيراته البريئة لــــ "ضعف وغياب إرادة حقيقية" لدى المؤسسات الرسمية، وعلى رأسها مؤسسة رعاية اسر الشهداء والجرحى، التي تديرها الأخت انتصار الوزير، والتي دأب أهالي الشهداء وذويهم التظاهر ضدها وتمزيق صورها، والاعتصام أمام مقرها، وما زالت الخيام منصوبة أمام مقر المؤسسة التابعة لمنظمة التحرير، في دلالة على سخط كبير بسبب ترك هذه الأسر بدون مأوى وبدون صرف أي من مخصصاتهم أو اعتمادهم في كشوفات الشهداء والجرحى، وقد كانت أكدت مديرة مؤسسة رعاية الشهر الشهداء عبر تصريحات عديدة لها موثقة في كثير من الصحف؛ بان سبب عدم اعتماد شهداء 2014  وصرف أي مخصصات لهم هو عدم توقيع الرئيس على كشف الشهداء وغياب الإرادة السياسية!! وموقف الرئيس السلبي من قطاع غزة وتحميله مسئولية الحرب لحماس، والتي ترفض هذه الأخيرة تبني هؤلاء الشهداء!

وفي ظل هذه المعاناة المتزايدة لأسر الشهداء، والذين لا يحصلون على حقوقهم الأساسية، ولا على أقل تقدير واهتمام من المؤسسات الرسمية، ولا يحصلون حتى على كثير من الإعفاءات التي نصت عليها قواعد عديدة في القانون الفلسطيني وأقرتها اللوائح الداخلية، وفي ظل العجز الذي تبديه السلطة تجاه هذه الفئة المهمشة والمنسية، يتقدم النائب محمد دحلان بدعم هذه الأسر مرة أخرى، وذلك عبر دعم أبنائهم الطلاب في فكرة هادفة وطموحة، وضمن برنامج مستمر، وذلك بمنح مكرمات مالية لمجموعات كبيرة متفوقة من الطلاب في جميع التخصصات ومن جميع الجامعات، ودون النظر للخلفية الحزبية أو المناطقية، حيث سيتم تكريم مجموعات كبيرة الأسبوع القادم في إحدى الصالات الكبيرة في مدينة غزة، و ستصل هذه المكرمات لجميع الطلاب على مراحل زمنية قادمة، وبتفسيرات مجردة، تكمن أهمية هذه المبادرة الكريمة والقائم على تنفيذها  لجنة من الأكاديميين والخبراء والكفاءات في عدة نقاط:

أولاً: تأتي هذه المبادرة في سياق زمني عصيب، تعاني فيه اسر الشهداء من شظف العيش وقهر الظروف بسبب انحصار الموارد والمصادر كنتيجة للحصار الظالم على غزة، ولتعيد الكرامة المهدورة لديهم عبر سنوات التهميش الماضية، ولتجدد الثقة على مسار الكفاح ودعم المقاومة، ولتظل هاماتهم مرفوعة عالياً في وجه الاحتلال.

ثانياً: تعمل على تشجيع التفوق في المسيرة التعليمية لدى هذه الفئة العريضة في المجتمع الفلسطيني.

ثالثاً: تعزز مقومات الصمود لدى المجتمع الفلسطيني، فعوامل الفقر والجهل عوامل قوة للعدو، والتخلص من هذه العوامل يزيد من نقاط قوة الشعب الفلسطيني في صراعه المفتوح مع العدو الإسرائيلي على عدة أصعدة.

رابعاً: تقدم دحلان بهذه المبادرة الجريئة حتماً سيشجع في قادم الأيام شخصيات و جهات أخرى لدعم هذه الفئات المتضررة.

خامساً: دعم الطلاب أبناء الشهداء سيخفف عن كاهل أسرهم، حيث كثير من هذه الأسر ما زالت تعيش في كرفانات، ولم تستطع إعادة بناء بيوتها المقصوفة بسبب المناكفات السياسية وفشل حكومة الوفاق.

إن التنكر لأسر الشهداء وعدم الاعتراف بحقوقهم واعتمادهم يعتبر نقطة سوداء في صحائف السلطة الفلسطينية، وطعنة في خاصرة القضية الفلسطينية وعمودها الفقري المتمثل في الفئة الأكثر تضحية بجانب الأسرى والجرحى. فلا يكفي التصريحات المنمقة و المزخرفة التي يخرج علينا بها المسئولين في يوم الشهيد (السابع من يناير من كل سنة). اسر الشهداء تحتاج ترجمة لكل كلمات المديح والثناء والإشادة بصبرهم وتضحياتهم التي تلقى نفاقاَ في المحافل والمؤتمرات. فلولا دماء الشهداء ما جاءت هذه السلطة بجميع وزرائها وقياداتها وحكوماتها، ولما تسيدوا المشهد السلطوي الفلسطيني! ولما كانت هناك موازنات ضخمة ودعم مادي مستمر لهياكل هذه السلطة!

يذكر أن جميع الفصائل الفلسطينية وقوى المجتمع المدني والنقابات والمؤسسات القانونية والحقوقية ناشدت السلطة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس أبو مازن ورئيس الوزراء د. رامي الحمد الله بضرورة صرف مخصصات لأسر الشهداء واعتمادهم، ولكن لم تتلقى أي رد ايجابي حتى هذه اللحظة.

وما يجب أن يكون دوماً عليه الموقف السليم، هو احترام وتقدير كل من يمد يده لأي فئة من فئات المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة المحاصر والمكلوم، فدعم النائب محمد دحلان هذه الفئة يصب في صالح القضية الفلسطينية ويقوي مسيرة التعليم ويشجع على التفوق والتنافس بين الطلاب ويعيد الكرامة لأهالي الشهداء الذين يرحبون بأي يد كريمة تمتد نحوهم.

جدير بالذكر أن أهالي وأسر الشهداء اليوم الثلاثاء الموافق 31/1/2017 اقتحموا مبنى تلفزيون فلسطين في غزة-تل الهوا- اعتراضا على التنكيل بهم وانتهاء فترة الوعود الكاذبة بصرف مخصصاتهم.

كتب فهمي شراب