استبعد مختصون في الشأن الإسرائيلي إقدام إسرائيل على أي عدوان في قطاع غزة، بالمنظور القريب، لاعتبارات كثيرة، أبرزها مُتعلقة برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وإخفاقات العدوان عام 2014م، والعبر المُستخلصة منها.
وشدد المختصون في أحاديث مُنفصلة مع مراسل "وكالة قدس نت للأنباء"، إلى أن تقرير عدوان 2014 على غزة، ما زال في أروقة الجهات الأمنية الإسرائيلية، يتم تدارسه، ولن يقبل أحد من الدوائر الأمنية أو وزير الجيش أو رئيس الوزراء أن يُكتب تقرير مُجددًا كما يجري حاليًا.
وأكدوا أن مشاكل نتنياهو حاليًا لا تسمح له بالدخول في حرب، حتى أن الجهات الأمنية لن تُقدم له طوق النجاة، من خلال الذهاب لذلك، خاصة في ظل يقين معظم الأحزاب الإسرائيلية أن وجود نتنياهو مسألة وقت في الحكم، والجميع يستعد لخوض الانتخابات.
تصريحات ليست جديدة
المُختص في الشأن الإسرائيلي باسم أبو عطايا، قال لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء" : "هذه التصريحات ليست جديدة على إسرائيل، دائمًا موجودة، خاصة الحديث عن مقاومة؛ ففي هذه المرحلة أبعد ما تكون عن شن أي عدوان جديد على قطاع غزة، والسبب الوحيد مشكلات نتنياهو التي لا تسمح له بخوض أي معركة، خاصة أن التُهم مُثبتة عليه".
وأضاف أبو عطايا "جميع الأحزاب الإسرائيلية باتت تُدرك تمامًا أن وجود نتنياهو في الحكم هي مسألة وقت، وجميع الأحزاب تستعد لخوض الانتخابات القادمة، وتحضرت لذلك، ليست أحزاب المعارضة خارج الحكومة فحسب، بل من الأحزاب التي تُشكل الائتلاف مع نتنياهو، سواء بينت ومحاولة إقامة تحالف جديد، أو ليبرمان ومحاولة تخالفه مع موشيه كحلون، ويعلون واتصالاته مع من خرجوا من الليكود سابقًا".
الحرب القرار الأصعب
وتابع "بالتالي أصعب قرار على الحكومة الإسرائيلية هي الذهاب لحرب، لأن جميعهم يدركون أن الذهاب لحرب في هذه المرحلة بمثابة انقاذ لنتنياهو، ولا أحد معني بإنقاذه؛ ولا أحد كذلك في الدوائر العسكرية أو الأمنية لها يد كبيرة بما يحدث لنتنياهو، ولن تُقدم له طوق النجاة بعدوان جديد".
وأستطرد المُختص أبو عطايا "بالتالي كل حرب على غزة أو أي عدوان تخوضه إن لم تكُن هناك موافقة من الجهة الأمنية والعسكرية لا تتم"؛ مُشيرًا إلى أن هذه التصريحات تأتي في ظل الحماية لإسرائيل في هذه المرحلة التي تُعتبر مرحلة حرجة، وانتقالية، من أجل أن تضع المقاومة في حسبانها أن الجيش على أهبة الاستعداد، وأن الأمور جميعها تحت السيطرة.
وواصل حديثه "بالتالي هي فقط مسألة رفع معنويات، وللوضع في غزة هو أفضل وضع تريده إسرائيل وتتمناه منذ سنوات"؛ مُعبرًا عن اعتقاده بأن أي تصعيد ليس في مصلحتها، لأنها حتى الأن ما تزال تُعاني وتُكابد من العدوان الأخير على غزة، وما زال التحقيق في العدوان يُشكل هاجس لها، خاصة بعدما تم السماح برفع يد الحكومة والأجهزة الأمنية، سيتم نشر التقرير، ومحاسبة القائمين على الفشل في قطاع غزة.
تقارير اخفاقات
ولفت أبو عطايا إلى أن خوض معركة أو عدوان جديد يعني تقرير جديد، ولا أحد يتحمل هذه المسؤولية، خصوصًا أن الكل أصبح تحت طائلة المسائلة من رئيس الوزراء لوزير الجيش وقائد الأركان؛ فثمن الحرب الأخيرة لم يُدفع بعد، وأي عدوان الجديد سيشكل أزمة ومشكلة كبيرة.
وشدد على أن التصريحات تأتي في سياق محاولة دفاع الجيش عن نفسه والدوائر السياسية كذلك، وأن المعركة ليست سهلة في غزة، والذهاب لها ليس عملاً روتينيًا تقوم به وتعود؛ المسألة مُعقدة بشكل كبيرة، والمقاومة لديها قوة، يُمكنها أن تؤثر في مواجهة الاحتلال.
وتابع "بالتالي هم يحالوا التخفيف من الانتقادات الشديدة لهذا التقرير، بأن ما سنواجه بغزة صعب، ويحاولوا وضع مخاوف حاليًا على الإعلام والشارع الإسرائيلي وكل المُنتقدين للحرب الأخيرة، بأنهم يواجهوا خطر كبير بغزة؛ هناك أصوات كانت تُنادي ارفعوا يدكم عنها، بالتالي لا تجعلوا مسألة المواجهة رعب مواجهة ورعب محاسبة، هذا ما كان يتحدث به العسكر، والأجهزة الأمنية".
وأوضح أبو عطايا إلى أن الحديث عن المقاومة الفلسطينية يندرج في خطوتين، أولهما محاولة توجيه رسائل للمقاومة بأن إسرائيل تتابع كل الأمور، وهي محاولة لمراقب الدولة والتقرير الذي رفع لم نذهب للتنزه في غزة وأن الحرب والمواجهة مع المقاومة مسألة صعبة، وما حققناه انجاز؛ الهدوء الذي تعيش به إسرائيل خاصة على الحدود انجاز كبير، يعني على الحكومة الاكتفاء بهذا الانجاز، حتى وإن خسروا بعض الجنود.
تحذير من النوايا
بدوه، ذهب المختص في الشأن الإسرائيلي توفيق أبو شومر، في حديثه مع مراسل "وكالة قدس نت للأنباء"، للتحذير من نية الإسرائيليين، من وراء التصريحات التي تتصاعد بين فينة وأخرى بشأن شن حرب على غزة؛ مُشددًا على أن ما يريدونه واضح.
وأشار أبو شومر إلى وجود أزمة في الحكومة الإسرائيلية؛ دائمًا يحالوا الخروج بتصعيد ما حولها، في سوريا، أو غزة، أو أي مكان؛ كذلك افيغدور ليبرمان يريد اختبار قواته، حتى الأن لم يفعل شيء جديد، دائم التحريض فقط، وهذا ليس شيء جديد عليه.
واستعبد بشدة قيام حرب وعدوان على غزة، إن لم يقع حدث كبير، لم تفكر بحرب جديدة؛ فهناك ملفات كبيرة أهم من غزة، عدا محاولة تطويعها عبر تركيا ومصر وقطر..؛ مؤكدًا أن جميع المؤشرات لا تتجه نحو وجود حرب؛ فقط هناك تدريبات عادية ومتواصلة، لا يمكن إغفالها، كالعادة تصب في مصلحتهم.
ونبه أبو شومر من الترويجات الإسرائيلية عن المقاومة، التي تهدف لترك تأثير نفسي، وترحيل عقول الشباب للخارج، خشية من حرب جديدة، الحرب النفسية؛ فاللأسف لم نتعلم شيئًا من تجاربنا السابقة، سنبقى عند نقطة التخويف.
ولفت إلى وجود مواقع مُتخصصة فقط بنشر ما تريده "وحدة 8200" في هرتسيليا، وما تريده المخابرات، وهو التخويف.
ونوه إلى وجود مشروع جديد في إسرائيل، لذلك يريدون تسخين الساحة، ليس ملف غزة فحسب بل في ملفات عديدة، في محاولة لكشف القدرات المقاومة، ورصد أي تحرك، وهذا ضمن سيناريوا معتاد مارسناه عشرات المرات، دون ان نستفيد منه شيئًا.
وعبر المُختص أبو شومر عن أمله في أن نكون أكثر وعيًا، وألا نُعطيهم مُبررًا، بشيء، والقيام بعملية كُبرى، فحتى الأن إسرائيل تحتاج لمبرر، لا يوجد مبرر، ما يحدث تسخين فقط، لو أعطيناها مبرر نكون وقعنا في الفخ وأنقذنا نتنياهو.
وأشار إلى أن وفدًا أمنيًا من حركة حماس ذهب للقاهرة، ربما لبحث أمرين، التهدئة الطويلة، أو ملف تبادل الأسرى مع الاحتلال.
