إلى قيادة العمل النقابي، يا من تمثلون العمال بكل الميادين والمواقع والمستويات في عصر التجديد والثورات، وما كان يسمى بالربيع العربي؟؟!! ومحاولات التغيير ورفض كل أشكال الاستبداد والظلم والاستغلال، والمتاجرة بحقوق الشعوب.
إن الحالة النقابية العمالية لا تصر عدو أو صديق، فحالة التشرذم، والخلافات الداخلية، وصراع المصالح، والانقسامات ساهم في الابتعاد عن العمل النقابي الحقيقي، وأثر سلبياً على العمال وواقعهم؛ لذا أود بهذه الرسالة أن أضعكم أمام مسئولياتكم في ظل تعاظم هموم وقضايا العمال، وارتفاع نسبة البطالة، ومعدلات الفقر والغلاء الفاحش للأسعار، وتآكل القيمة الشرائية للرواتب التي بالأساس كانت لا تفي بتوفير الحد الأدنى لمتطلبات المعيشة؛ بالإضافة لاستغلال المشغلين للظروف وإهدار الحقوق العمالية والتلاعب بالأجور؛ فمن ينظر لحال العمال وواقعهم بحرص وتمعن تدمع عيناه، ويرتعش قلبه حزناً وألماً لما وصلت إليه أوضاعهم وأحوالهم، خاصة هذه الأيام، والقيادات النقابية مشغولة أحيانا برحلات السفر والعلاقات العامة، أو التناحر على المواقع القيادية والخلافات الداخلية والشرذمة التي يتم اعادة انتاجها في كل موسم؛ وإن تحركوا نقابياً لقضايا عمالية او نقابية أو وطنية، تأتي هذه التحركات كردة فعل أو محاولات للحفاظ على البقاء، أو محاولة لسرقة أضواء أي تحرك عمالي من القواعد، وكأن العمل النقابي هدفه وضع القيادات النقابية تحت الأضواء وأمام وسائل الإعلام، ونشر صورهم على صفحات الفيس بوك والتويتر وشبكات التواصل Social media بدون أي تحقيق إنجاز ملموس ومؤثر.
برغم كل الهموم المثقلة والمشاكل التي يعيشها العمال ويعانون فيها صعوبة الحال تغيب المبادرات النقابية الفعالة والخطط عن ميادين العمل، وكأن ما يحدث برنامج مٌعد من قبل النظم الرأسمالية المستبدة والمستغلة لإهدار حقوق العمال والتجنب عن إثارتها، وخلق الأزمات والعثرات لها، لقتل أي محاولة ثورية في مهدها، وقبل تشكيل أي قوة تأثير و ضغط لتحسين أوضاع العمال والنهوض بهم نحو الامل والتغيير الفعال والايجابي والبنيوي.
إن العمل النقابي مبادأة ومبادرة ومساهمة إيجابية لصالح الأعضاء، وهدف وجودها الأساسي ومبررات استمرارها هو حماية مصالح العمال والنهوض بواقعهم وتنميته، ويأتي ذلك وفق فلسفة ثورية مطلبية قائمة على أسس علمية ومنهجية، وبمشاركة عمالية ، عبر تلمس لأهم قضاياهم، وتحديد الأولويات للتدخل؛ فأعمى من يعتقد أن العمال في حالة مستقرة، وسيستمر ويطول صمتهم، فهناك الكثير من قضاياهم ومشاكلهم التي تهدد الأمن والسلم الاجتماعي في المجتمع، فحجم معاناتهم خلق لهم الأزمات النفسية والاجتماعية والأمراض، وانعكس على حياتهم، وعلاقاتهم الأسرية، وقدراتهم الإنتاجية، ونظراتهم للآخرين؛ وبخاصة ما يتعلق بالعمل النقابي، وهذا الصبر لن يطول، فالعمال أمسوا كالبالون ممتلئ بالهموم والالام، ويكاد ينفجر من كثر الضغط، في وجه الجميع وقياداتهم النقابية في البداية، وهذا ما يؤكده الوضع القائم والمعلومات المتوفرة من العمال أنفسهم .
إن العمل النقابي تضحية وانتماء ونضال من أجل قضية عادلة تؤمنون بها لصالح العمال، ولقد مر زمن طويل، ولم نسمع عن انتصارات عمالية حقيقية، وانجازات نقابية مهمة وذات ثقل عمالي، وتضامن حقيقي جدي بين العمال كما كان الوضع في الماضي.
هذه الرسالة للتذكير التنويه بهدف إعادة النظر والتفكير باهتمام أكبر بالعمال وقضاياهم، فلن يستطيع القيادي الذي يعيش في قصر عاجي أن يلتمس معاناة من يعيش بالفقر المدقع أو بين الآلات وزيوتها ورائحة العرق الزكية، فلن يشعر بهم من ينام على ريش النعام، إلا إذا احتك بشكل حقيقي بواقعهم، واستمع جيدا لهم وجسد كل طاقاته وقدراته وإمكانياته لصالح قضاياهم وهمومهم ومطالبهم، وعلاجها بطرق منتجة وبأقل التكلفة والخسائر، وتحقيق انجازات ملموسة لصالحهم من خلال تخطيط علمي بمشاركتهم، وتنفيذه بمهارات عالية، وتقييم وتقويم للعمل دائما، وإعادة النظر في البرامج المقدمة فعلى سبيل المثال: لا يجوز أن ينحصر العمل النقابي في أنشطة تدريبية غير هادفة على حسب رؤية التمويل، وتكون بعيدة عن الواقع والتخطيط والحاجة العمالية، فالنتيجة ستكون سلبية حتماً على العمل النقابي والعمال، كما يجب أن نقيم بنية وهياكل العمل النقابي، وأنشطته، ووظائفه التقليدية؛ بهدف التجديد والتحديث في العمل، وإعادة النظر بأشكال الاتصال والتواصل، والأدوات التنفيذية للبرامج النقابية، والتثقيفية والترويحية والاجتماعية والرياضية والصحية، والقانونية ....الخ من مهام تقوم بها النقابات العمالية لخدمة أعضائها، ومهم التفكير جيداً بالحفاظ على البعد الثوري للعمل النقابي، فالنقابات العمالية نضالية مطلبية ثوريه بخدماتها وتحتاج للتضامن والتشبيك والتمكين، ولاستراتيجية ورؤية واضحة لتطوير عملها وجمع العمال تحت رايتها والحفاظ على علاقاتها وخاصة بالتضامن العربي والدولي ...
لا أريد أن أطيل فأنتم كادر مميز لديه معرفة جيدة بالعمل النقابي، وهذه رسالتنا للتذكير؛ ومحاولة لإعادة العمل لطبيعته، فلا يجوز لورثة العمل النقابي أن يحيدوا عن تاريخ مؤسسيه، والمناضلين الأوائل الذين قدموا التضحيات لإنشاء حركة نقابية قوية تستطيع أن تعبر عن هموم وقضايا العمال .
نصيحتي لكم انطلقوا واخرجوا من عنق الزجاجة، وفكروا بطرق للنضال النقابي تتناسب وحجم مشاكل العمال، وتنسجم مع البيئة الاجتماعية والمتغيرات السياسية والاقتصادية؛ التي تحدث حتى لا يدفع العمال ثمن تناحر ومصالح أفراد في العمل النقابي، أخيراً أمل أن توحد جهودكم النقابية وتجمعكم قضايا العمال وتصطفوا بقوة رجل وصوت واحد في مواجهة برامج الاستغلال والاستعباد الجديدة فالبشر ولدوا أحرار.
دمتم... وعاشت نضالات العمال
بقلم/ د. سلامه أبو زعيتر