قراءة في المشهد الفلسطيني

بقلم: عباس الجمعة

في ظل المشهد الفلسطيني اردت ان اتوقف، لأنني على ثقة بأن الشعب الفلسطيني الذي يخوض كفاحه ومعركته مع الاحتلال، هو بحاجة اليوم الى مظلة وحدوية، لا تعترف بالتقسيمات المفروضة او المصطنعة، ان المطلوب اليوم ببساطة هو صناعة هذه المظلة السياسية امام الصمود الشعبي في وجه اشرس هجمة استعمارية استيطانية تستهدف الارض والانسان.

ان القضية الفلسطينية اليوم تستحق الاهتمام في ظل عالم يخلط الاوراق ويبتعد عن قضية العرب الاولى فلسطين ، فالشعب الفلسطيني الذي احتُل وطنه التاريخي وشُرد وقُتل بلا رحمة على مدى عقود، يحاول البعض وصم مقاومته بوجه الاحتلال بالارهاب ، في حين تؤكد كل الشرائع والقوانين مقاومة الاحتلال لأي شعب تحتل ارضه ، وليعلم العالم بأن هذا الشعب العظيم ، لم يكن في أي يوم، مغرماً على تقديم التضحيات لولا هذا الاحتلال الاستيطاني العنصري الذي يمارس كل اشكال الارهاب ويسطو على الارض والمقدسات ، فهذا الشعب البطل والمناضل يحب الحياة كما كافة شعوب الارض.

من هنا نقول ان انتفاضة الشابات والشباب على ارض فلسطين من خلال تصديها للاحتلال وقطعان مستوطنيه اضافة للمقاومة الشعبية بكافة اشكالها ، هذه الانتفاضة والمقاومة تواجه الاحتلال بعمليات بسيطة حيث تولد مشاعر مختلطة، مدفوعة بالأمل، بعد كل هذه السنوات من النضالات والتضحيات الفلسطينية.

وفي ظل هذه الظروف نرى بان اتفاق اي اتفاق للمصالحة الفلسطينية يتعثر ، نتيجة عدم ترجمة حقيقية على أرض الواقع، وبالتالي أصبح الشعب الفلسطيني يحلم بتحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام، فهل اليوم بعد اجتماعات اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني في بيروت واجتماع موسكو، هناك بصيص من الأمل اتجاه تطبيق اتفاقات المصالحة ، وهذا بكل تأكيد يتطلب ارادة وطنية ، لأن القضية الفلسطينية تمر الآن بمرحلة حساسة جداً وصعبة.

وهنا لابد من التأكيد على اهمية سلاح الوحدة الوطنية في مواجهة الغطرسة و العدوانية الهمجية الأمريكية - الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني ،ولتأخذ جميع القوى والفصائل نموذجا حيا من قادة عظام قدموا حياتهم من اجل فلسطين واضاءوا طريق النضال بشمعات عالية، فاكدوا بشكل دائم استعدادهم لتطوير الفكرة والموقف والممارسة وحماية مسيرة النضال من الإنحراف والدفاع عن الثوابت الوطنية الراسخة.

لذلك من المهم ان يسعى الكل الفلسطيني الى استثمار ما صدر عن مجلس الأمن والجمعية العامة، ومؤسسات الأمم المتحدة، من قرارات، تتعلق بالقضية الفلسطينية، والهوية التاريخية والثقافية للشعب الفلسطيني، والتي وصفت بالتاريخية لأهميتها، ومنها القرار 194 ، مرورا بقرار إعطاء صفة عضو مراقب لفلسطين في الجمعية العامة، وإدخالها في عضوية منظمة الأونيسكو، كبلد له تاريخه وتراثه الحضاري، وإعتبار المسجد الأقصى من التراث الإسلامي ــ

العربي، ولا صلة تاريخية لليهودية به، وأخيراً ــ قرار مجلس الأمن- حول الدعوة لوقف الاستيطان فوراً، وعدم الإعتراف بشرعية المستوطنات.

في ظل هذه الاوضاع من المؤكد ان الادارة الامريكية الجديدة لا يمكن الرهان عليها ولا يمكن ان تكون مع حقوق الشعب الفلسطيني، بل ان الواضح انها اكثر تعنت ووقاحة في انحيازها للعدو الصهيوني، وتبدي اصراراً اكبر على تدمير اي فرصة لتطبيق القرارات الدولية بشأن فلسطين.

ان المطلوب اليوم هو تفعيل وتطوير الاستراتيجية الوطنية وتنفيذ قرارات المجلس المركزي الفلسطيني ، وتعزيز المقاومة بكافة اشكالها في مواجهة الاحتلال بكل الادوات الممكنة وفي كل نقطة من ارض فلسطين.

وعندما نتحدث عن فلسطين نتوجه بتحية الفخر والكبرياء للأسيرات والأسرى البواسل في سجون الاحتلال وهم يحطمون الغطرسة الصهيونية، ويواجهون بإصرار وعزيمة كل ممارسات مصلحة السجون وأدوات القمع التابعة لها، وهذا يتطلب من كافة القوى والفصائل والهيئات والجمعيات بإطلاق أوسع حملة دعم وإسناد للأسرى الذين يواجهون الآن بصدورهم العارية القمع الصهيوني، وهم متسلحين بالإرادة والعزيمة والتصميم على نيل حقوقهم ، وصياغة برنامج جماهيري نضالي، وخطة عمل شاملة تهدف إلى تفعيل قضية الأسرى ودعمهم على شتى المستويات.

امام كل ذلك ان الشعب الفلسطيني هو شعب واحد ان في فلسطين التاريخية عام 48 او في الضفة والقدس وقطاع غزة او في اماكن اللجوء والشتات ، ولهذا مطلوب من جميع الفصائل والقوى العمل تحت سقف البيت الفلسطيني الجامع منظمة التحرير الفلسطينية والاسراع في عقد المجلس الوطني الفلسطيني والالتفات حول الشعب الفلسطيني واستعادة ثقافة المواجهة والثقة بالجماهير لدى صانع القرار الفلسطيني.

ختاما: لا بد من القول ان ارادة المواجهة والصمود التي كرسها شهداء فلسطين ، تتمثل بالعودة الى الشعب، والاقتداء بوحدته، واعادة رسم المشهد السياسي الفلسطيني بما يعكس هويته الوطنية، التي تعبر عن ارادته، وفي صموده، والتمسك بحقوقه كاملة.

بقلم/ عباس الجمعة