الاعتماد على الجهلاء في حروبهم

بقلم: سليم شراب

ان اسوأ الحروب التي واجهها العالم العربي والاسلامي هي تلك التي يمتزج فيها الجهل مع العلم، فالعلم وحدة لا يمكنه ان يدفع نفسه او يسهل توجيهه لتدمير الحضارات والمدنيات سواء كانت قديمة او حديثة. فالقوى العظمى -روسيا وامريكا - بنت قوتها من خلال التركيز على النخب التعليمية المحلية الى جانب ما يمكن لها من جلبه او اصطياده او اغرائه من علماء العالم كافة للعمل في مؤسساتها العلمية. لكن عندما تنتج هذه الدول اسلحة دمار ذات قدرة عجيبة لا يمكنها ان تعتمد على العلماء أنفسهم ليقوموا باستغلال ما انتجوه لتدمير حضارة او مدينة على رؤوس اهلها.

تحتاج المرحلة الثانية وهي مرحلة التدمير الى الفئة الغارقة في الجهل، فالذي انتج القنبلة الذرية على سبيل المثال مجموعة من العلماء لكن الذي القاها على اليابان هو جاهل اتقن فن الطيران ولا يمكن لعالم ان يقبل بفعلته، بل ان جهله جعله يفتخر بانه نجح في تدمير اكبر المدن اليابانية الصناعية، ويعتقد ان الفضل يعود اليه بأنه انهى الحرب الكونية. والولايات المتحدة تملك جيش من العلماء والفنيين ولكنها بنفس الوقت تمتلك جيش من المتخلفين الذين يسهل توجيههم باي اتجاه يرغب به السياسيون للحفاظ على مكانتهم، فامريكا تمتلك 40 مليون امي لا يحسنون القراءة والكتابة. وهم ممن جمعتهم من المهاجرين من مختلف بقاع العالم وخاصة امريكا اللاتينية.

وهذا الوضع ينطبق على الروس الذين يمتلكون من الجهل ما يتفوقون به على الولايات المتحدة الامريكية، مما يجعل من حروبهم اكثر دمارا من الدول الاخرى.

كذلك فعلت بريطانيا وفرنسا في السابق عندما دمجت العلم والجهل لتحقيق سيطرتها على العالم، وعندما وجدت هاتان الدولتان نفسيهما انهما لا تمتلكان الجهل الكافي لادارة المؤسسة العسكرية الاستعمارية اعتمدت على استغلال جهل الشعوب التي وقع عليها الاستعمار، ففي كل دولة مستعمرة انظم الاف الشباب كمتطوعين بالاجر للمشاركة في احتلال بلادهم. وكان اكبر مصدر لتجنيد الجهل لصالح الجيش البريطاني هو في الهند، التي لولا توفر الجهل الكافي لما صمدت بريطانيا في الحرب العالمية الاولى ولا في الثانية. ولهذا استحقت بجدارة لقب " البقرة الحلوب "

وعندما تراجع الاستعمار تراجع بسب فقدان العلم للجهل. فكلما خسرت مستعمرة خسرت مصدرا للجهل حتى خسرت الهند فخسرت بذلك كل منابع الجهل الذي تحتاجه للسيطرة. وساهم الامريكان في دعم الشعوب للتحرر بهدف التخلص من التركة الانجليزية ويحل محلها الامريكان الذين يعلمون ان لديهم مصادرهم الداخلية للجهل بينما الانجليز والفرنسيين لا تكفي مصادرهم الداخلية لشحن المؤسسة العسكرية.فهناك العلم يسيطر على سلوكيات المجتمع مما يجعله غير مندفع الى حماقات السياسيين ورغباتهم المحمومة نحو السيطرة والاحتلال؟ بينما في امريكا لم ينجح العلم من السيطرة التامة على سلوكيات الغالبية العظمى من المجتمع فهناك 40 مليون جاهل يتمتعون بالمواطنة الاصلية. والنخبة السياسية تعلم جيدا ان حاجتهم لهؤلاء لا تقل اهمية عن حاجتهم للعلماء؟؟؟.

بقلم / سليم على شراب