الموت يغيب الشاعر الكبير عمر خليل عمر

غيب الموت، مساء الخميس، الشاعر الفلسطيني الكبير عمر خليل عمر أحد مؤسسي حركة القوميين العرب، عن عمر يناهز 81 عاما.
وسيشيع جثمان الراحل الكبير "شاعر الغزل في أرض الدم" الذي عاصر جميع المفاصل التاريخية للقضية الوطنية الفلسطينية يوم الجمعة من منزله في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، بمشاركة فعاليات وطنية وشعبية.

.

ولد الشاعر عمر خليل عمر في 5 نيسان/ أبريل 1936م في بلدة بيت لاهيا بقطاع غزة، وتوفي والده ولم يتجاوز السنة من عمره، فاعتنت به والدته خير عناية، وتلقى تعليمه الابتدائي في بلدته، والإعدادي في بلدة جباليا النزلة، وأنهى دراسته الثانوية في مدرسة فلسطين عام 1954، وانخرط في العمل الوطني في مقتبل عمره في صفوف تنظيم الإخوان المسلمين، فما لبث أن تركه بعد محاولة اغتيال الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في حادثة المنشية بالإسكندرية عام 1954.

فور حصوله على شهادة الثانوية سافر إلى مصر، والتحق بجامعة القاهرة في كلية الآداب بقسم اللغة العربية، وتلقى تعليمه فيها على أيدي أساتذة كبار أمثال: د. عبد الحميد يونس، د. طه حسين، د. شوقي ضيف.. وأضرابهم، وحاز على شهادتها عام 1959، وأثناء دراسته في القاهرة التحق بحركة القوميين العرب عام 1955، وكان أحد مؤسسيها ومسؤولها العسكري في مدينة غزة فيما بعد، وشارك في كثير من النشاطات السياسية والمظاهرات الوطنية.

عزم تحضير رسالة الماجستير، وكان عنوان أطروحته: (الأدب الفلسطيني بين الحربين العالميتين) بإشراف د. سهير القلماوي، ولكنه لم يكمل الرسالة لأسباب خاصة، عاد بعد تخرجه إلى بلدته، وعمل مدرساً للغة العربية في مدرسة الزراعة الثانوية في بيت حانون، ثم في مدرسة الزهراء الثانوية للبنات في غزة.

وفي عام 1961 التحق بكلية الضباط الاحتياط في مصر، وتخرج منها برتبة ملازم احتياط عام 1963، وعمل ضابطاً في جيش التحرير الفلسطيني، وكان مسؤولاً عن قوات الحرس الوطني في شمال قطاع غزة، وفي نفس الوقت زاول مهنة التدريس أيضاً في مدرستي يافا الثانوية والفالوجة الثانوية حتى حرب حزيران 1967.

وبعد هزيمة 1967 عمل وآخرين على استعادة نشاط حركة القوميين العرب سياسياً وعسكرياً، وكان مسؤولها العسكري، وأسهم في تكوين طلائع المقاومة الشعبية لحركة القوميين العرب بالتعاون مع قوات التحرير الشعبية، والتي كان لهما الدور الريادي في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وأصدر مجلة سرية (طلائع المقاومة الشعبية)، كانت تحث على المقاومة، وصدر منها ثلاثة عشر عدداً.

اعتقل وحكم عليه ثمانية أعوام بتهمة قيادة قوات المقاومة وكان ذلك في يناير 1968.. أمضاها في جميع السجون الإسرائيلية إلى أن أُفرج عنه عام 1973، ثم أُعيد 1974، وأُطلق 1975.. ثم أُعيد اعتقاله للمرة الثالثة عام 1979، وأُطلق 1980، وعانى ما عاناه المعتقلون من سطوة السجان الإسرائيلي.

بدأ كتابة الشعر عام 1968 أثناء اعتقاله، وترجم العديد من الكتب عن الإنجليزية إلى العربية منها: (تسليح إسرائيل – شمعون بيرس، الثورة – مناحيم بيغن، إسرائيل بدون الصهاينة – أوري أفنيري، التوجه للجنوب – بن جوريون).

عمل بعد خروجه من المعتقل معلماً للعربية في كلية غزة الثانوية، ثم مديراً لها حتى عام 2000، وأسهم في تأسيس رابطة مقاتلي الثورة الفلسطينية القدامى، واختير عضواً في هيئتها الإدارية.
كتب الكثير من الأشعار الوطنية والغزلية.. وكان خطيباً، وكان مؤثراً وهو يلقي قصائده بصوته المشوب بنبرة حماسية مشجية، ومن بديع شعره قصيدته (وطني أحبك) قال في مطلعها:

أنا لا أُحبُّ سواك يا وطني الحبيبْ
يا توأماً للروح في الزمنِ الرهيبْ

أنا لا أُحبُّ سواك مهما ضلّلــوا
لستَ البعيد عن الفؤادِ بل القريبْ

ياَ موِئلَ الأديانِ يا بيتَ الهــدى
أنت الهلال وأنت يا روحي الصليب

دوماً أَحِنَّ إلى رُباكَ وأشتهــي
قَطفَ الورودِ من الحبيبِ إلى الحبيبْ

مهما يُضلّل من ُيضلّل أو يخـون
ستظلَّ يا وطني بريقاً في العيـون

فالقبلةُ الأولى ستبقى غايـــةً
والمهدُ والأقصى ستحيا في الجفـون

وله من الشعر خمسة دواوين منشورة هي: (لن أركع – اتحاد الكتاب الفلسطينيين – غزة 1993، أغان للوطن – اتحاد الكتاب الفلسطينيين – غزة 1998، عراقيات – 1998، سنظل ندعوه الوطن – مطابع مركز رشاد الشوا – غزة 2001، مرثية الشرف العربي – اتحاد الكتاب الفلسطينيين – 2001)، والعديد من الدواوين المخطوطة.

ومن مؤلفاته: (من شريط الذكريات – وزارة الثقافة – 2005، بلدتي بيت لاهيا – 2006، أنبياء وملوك بني إسرائيل – مخطوط – مترجم عن الإنجليزية إلى العربية، الديانات الكبرى في العالم – مخطوط – مترجم عن الإنجليزية إلى العربية، حوار مع حمار – مخطوط، الحرب النفسية – مخطوط، حياة السجون كما عاشها – مخطوط، محطات هامة ورئيسية في تاريخ القضية الفلسطينية).

شارك في كل النشاطات الثقافية والسياسية، وله ثمانية أولاد وسبع بنات وهم: (خليل، أمين، إياد، أيمن، شريف، أشرف، محمد، مصطفى، سهير، انتصار، نور، عبير، غدير، فاتن، ميساء)...توفي الشاعر الوطني عمر خليل عمر في 9 شباط/ فبراير 2017م. كماجاءفي مقال  كتبه، نعمان فيصل، عن حياة الشاعر الراحل

المصدر: غزة - وكالة قدس نت للأنباء -