فيتو " فياض " والخبر اليقين عند ترامب

بقلم: رامز مصطفى

الدكتور سلام فياض من المؤكد أنه قد مارس خلال توليه رئاسة الحكومة في السلطة الفلسطينية أداءً لم يحظى بتأييد الكثيرين في الساحة الفلسطينية من فصائل ونخب وجمهور ، وأنا من هؤلاء فهو المسؤول عن جعل الشعب الفلسطيني من خلال أبنائه الموظفين لدى السلطة رهينة للبنوك ، ووضعهم تحت سيف مسلط على الدوام على رقاب رزقهم الذي يجنونه من وظيفتهم ، بمعنى أن الدكتور فياض قد أتاح للموظفين وبالاتفاق مع البنوك أن يقرضوا هؤلاء الموظفين قروضاً ميسرة ، وبذلك تمكن الموظفين من شراء المنازل والسيارات ، فتحول هؤلاء الموظفين إلى جيش في الدفاع عن سياسات الحكومة والسلطة على السواء ، لأن غير ذلك سيعرضهم للطرد من وظائفهم ، الأمر الذي سيقف هؤلاء حائرين في كيفية تسديد ما هو مترتب عليهم لصالح تلك البنوك التي ستلجأ للحجز على المنازل والسيارات في حال عدم الإيفاء بدفع الأقساط الشهرية . وبهذه الطريقة والسياسة تمكن الدكتور فياض من تحييد الجزء الأكبر من أبناء شعبنا من الإنخراط في مواجهات مع الاحتلال ، أو رفع الصوت عالياً في وجه السلطة وممارساتها السياسية والأمنية .
رغم تلك الخدمات التي قدمها في تدجين جزء كبير من أبناء شعبنا ، الذين أوقعهم في أسر القروض ومقصلتها ، انتهى الحال بالدكتور سلام فياض إلى الاستقالة المدفوع إليها من رئيس السلطة على خلفية الخلافات التي وقعت بين أبناء النهج والتوجه السياسي الواحد ، ومن خارج الحسابات الوطنية .
اليوم يعود نجم الدكتور فياض يسطع من خلال تداول اسمه كمرشح من قبل الأمين العام للأمم المتحدة السيد " أنطونيو غوتيريش " لمنصب المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا ، خلفا للألماني " مارتن كوبلر " ، في رسالة قد أرسلها الأمين العام " غوتيريش إلى مجلس الأمن اعتماداً على امكانياته وقدراته المهنية والسياسية الكبيرة ، والذي جاء بتوصية من جيفري فيلتمان وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون السياسية . ولكن المفاجأة أن سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ، " نيكي هيللي " ، قد استخدمت الفيتو في وجه تعيين الدكتور سلام فياض ، وقالت فور قرأتها لرسالة الأمين العام : " إنها تشعر بخيبة أمل إزاء قراءة رسالة بعثها الأمين العام إلى مجلس الأمن تشير إلى نيته تعيين فياض لقيادة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا " ، مضيفة في رسالة وزعتها : " لفترة طويلة للغاية والأمم المتحدة تنحاز بشكل غير عادل لصالح السلطة الفلسطينية على حساب حلفائنا في إسرائيل . إن واشنطن لا تعترف بالدولة الفلسطينية ولا تدعم الإشارة التي يمكن أن يمثلها هذا التعيين داخل منظمة الأمم المتحدة . ومن الآن فصاعداً سوف تعمل الولايات المتحدة الأمريكية ليس فقط بالكلام ، من أجل مساندة حلفائها ". وعبر مندوب الكيان " الإسرائيلي " ، في بيان قال فيه : " الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة أثبتت مرة أخرى أنها تقف بحزم إلى جانب دولة إسرائيل في الساحة الدولية وفي الأمم المتحدة على وجه الخصوص " .
نقول مفاجأة أمريكية من العيار الثقيل ، على اعتبار أن الدكتور فياض أتى لتولي رئاسة حكومة السلطة مُزكى من قبل أمريكا ، والرجل لم يُقدم على أية خطوة من خارج التوجهات السياسية للسلطة ، التي هي في الأساس تعتمد على الصرامة في التمسك بسياسة الرهان على المفاوضات دون سواها ، والتسليم بالإدارة الأمريكية راعٍ حصري لعملية التسوية والمفاوضات بين السلطة والكيان" الإسرائيلي " الغاصب . ولكن على ما يبدو أن قبل ترامب ليس ما بعده ، والفيتو جاء ترجمة لموقف عبر عنه ترامب فور التصويت على قرار مجلس الأمن 2334 بخصوص الاستيطان ، وامتناع إدارة أوباما استخدام حق النقض الفيتو ، حينها قال ترامب : " أن 20 كانون الثاني لن يكون قبله " ، وكأن الفيتو في وجه فياض جاء كتعويض عن عدم استخدام الفيتو ضد القرار 2334 ، ورسالة تطمين ل" الإسرائيليين " أن إدارة ترامب ماضية في دعمها اللامحدود للكيان وتغطية لسياساته العدوانية .
وبغض النظر عن خلافنا مع الدكتور سلام فياض وما ينتهجه من سياسات ليست بعيدة عن السياسة الأمريكية ، ولكن نرى في الفيتو الأمريكي لا يستهدف فياض بشخصه ، وهو المرشح لهذا المنصب بتوصية من جيفري فيلتمان المعروف بعدائه لشعبنا وقضيته ، والمنحاز للسياسات " الإسرائيلية " ، بل هو تعبير عن حالة العداء التي تناصبنا إياها الإدارة الأمريكية أياً تكن جمهورية أم ديمقراطية . وعلى أساس فيتو " فياض " يجب عدم استمرار الرهانات البائسة على السياسات الأمريكية ، والخبر اليقين عند ترامب .

رامز مصطفى