يقول المثل " لا بكاء على اللبن المسكوب"، فهذا المثل ينطبق على حال الواقع الذي نعيشه، خاصة في ظل الانقسام وعدم المقدرة على مواجهة قرار الاحتلال الإسرائيلي بسن مشروع قانون" منع الآذان"، فكيف لنا أن نقارع المحتل ونقف بوجه قراراته، ونحن لا نزال منقسمين على أنفسنا، ونكتفي بالبكاء على الذكريات، ومن ثم ندير ظهورنا وكأن شيء لم يحدث.
الاحتلال أقدم على اتخاذ هذه الخطوة وفق قراءات وتقييم للواقع على الأرض الفلسطينية والعربية، وقدر أن ردود الأفعال لن تخرج عن الاستنكار وبيانات التنديد، وأن تل أبيب لن تضرب بالصواريخ أو يكون هناك قرارات لاشتعال الأرض، وان كل ما يحدث سيبقى مجرد أقوال دون أفعال.
مفكر إسلامي: الرد ضعيف والقادم أخطر
ومن الأسئلة المطروحة الآن على أرض الواضع ماذا بعد هذه الخطوة الخطيرة، "وكالة قدس نت للأنباء" في هذا التقرير تحدثت مع الكاتب والمفكر العربي الإسلامي الدكتور جمال أبو نحل الذي قال في معرض رده على سؤال حول مصادقة الاحتلال الإسرائيلي على قانون منع الآذان، وماذا بعد هذه الخطوة الخطيرة ؟:"بعد هذه الخطوة الخطيرة خطوات أخطر فالاحتلال يعمل بصورة عصابة منظمة ويقومون بخطواتهم المدروسة الممنهجة خطوة خطوة حسب ردة الفعل الفلسطينية والعربية والإقليمية والعالمية.
مواصلاً حديثه، "فلو وجدوا الرد ضعيف وهو ضعيف فعلا - سيتخذون خطوات تصعيدية أخرى أشد فتكا وإجراما وفي طريقهم لطمس كل ما يبث الإسلام والمسلمين والفلسطينيين بصلة !! فهم ماضين بمخططاتهم بعد منع الأذان نحو تدمير المسجد وهدم المسجد الأقصى المبارك لا سمح الله".
وعن تفسيره لردود الأفعال الباهتة والاكتفاء فقط بالاستنكار والشجب أوضح أبو نحل أن ذلك يعود، كون العرب ودول عربية كبري لها وزنها بالمنطقة تغض الطرف عن ممارسات دولة الاحتلال، ولأن لهم مصالحهم الخاصة ولو كان ذلك علي حساب القضية الفلسطينية، وكذلك منهم من يخاف من أن يغُضب سيد البيت الأبيض اليوم المتهور ترامب - فسكتوا حتى عن الشجب.
وحول الحلول العملية الواقعية التي يمكن أن تحدث لمواجهة مثل هذه القرارات قال أبو نحل:" الحل أن يكون من الشعب الفلسطيني لوحده فما حك جلدك غير ضفرك وطالما أن الانقسام موجود فنحن وقضيتنا ليست بخير - فعلينا أن ننهي الانقسام فورا ومن ثم الرد بكل السبل الدبلوماسية والسياسية والمقاومة ضد ممارسات الاحتلال وبتوافق وطني وإسلامي شامل".
مشروع "قانون الأذان"
يذكر أن اللجنة الوزارية الخاصة بالتشريعات صادقت في الأول من أمس على مشروع "قانون الأذان" ما سيسمح بعرضه أمام الكنيست الإسرائيلي للمصادقة عليه بالقراءة التمهيدية.
وبحسب ما نشرت المواقع العبرية فقد صادقت اللجنة الوزارية على المشروع بعد تعديله، والذي يحدد فيه منع الآذان عبر مكبرات الصوت من الساعة الحادية عشرة ليلا حتى الساعة السابعة صباحا، وسيتم عرض مشروع القانون أمام الكنيست غدا الأربعاء القادم للتصويت عليه بالقراءة التمهيدية.
وأشارت هذه المواقع أن عضو الكنيست موتي يوجف من حزب "البيت اليهودي" وعضو الكنيست دافيد بيطون من حزب "الليكود" هما من تقدما بمشروع هذا القانون، الذي جرى عليه تعديلات ساهمت بموافقة أحزاب المتدينين عليه، حيث شملت التعديلات إخراج "صفارة السبت" من مشروع القانون، وأبقت على صوت الآذان والذي جرى تحديد منعه في ساعات محددة.
تطرف خطير يمس قدسية الديانات وشعائرها
من جهته أوضح الأمين للعام لـ "الهيئة الإسلامية المسيحية" وأستاذ القانون الدولي د. حنا عيسى وفق تقرير" وكالة قدس نت للأنباء"، أن مصادقة اللجنة الوزارية الأحد المنصرم 12/2/2017 على الصيغة المعدلة لقانون تقييد الأذان الذي ينص على منع استخدام مكبرات الصوت في بث الشعائر الدينية، من الساعة الحادية عشرة ليلا وحتى الساعة السابعة صباحا، تتيح فرض غرامات تصل إلى 1200 دولار على المساجد التي ستمتنع عن تطبيق القانون في حال إقراره بشكل نهائي ويحتاج القانون بعد مصادقة اللجنة التابعة للحكومة الى مرور ثلاث قراءات في الكنيست قبل أن يصبح قانونا نافذا.
وأشار الأمين للعام لـ "الهيئة الإسلامية المسيحية" إلى إن مصادقة ما تسمى "اللجنة الوزارية للتشريعات في الحكومة الإسرائيلية"، على قانون منع الأذان عبر مكبرات الصوت، ودعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لهذا القانون، عنصرية كبيرة وتطرف واضح ضد المقدسات في القدس المحتلة. حيث أن الأذان واحد من سمات المدينة المميزة، يصدح من كافة المساجد وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك، والتعدي عليه هو تعدي على كل ما هو مقدس في المدينة.
ونوه عيسى إلى أن قانون منع الأذان هو من ردات الفعل الإسرائيلية على قرار منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، والذي أكدت فيه على أن الحرم القدسي الشريف مكان مقدس للمسلمين فقط، ونفت أي صلة لليهود به. ومنذ صدور قرار اليونسكو الأخير وسلطات الاحتلال تؤجج هجمتها التهويدية ضد المسجد الأقصى خاصة وسائر المقدسات في المدينة، في خطوة لفرض الأمر الواقع على الأرض منتهكة القوانين والأعراف الدولية كافة.
وأضاف أن سلطات الاحتلال وبشتى الوسائل والأساليب تسعى لتغيير الطابع العام للمدينة المحتلة، وصبغها بمعالم يهودية تلمودية غريبة عن عروبتها الإسلامية المسيحية، من خلال بناء الكنس والحدائق التلمودية والاعتداء على المقدسات من مساجد وكنائس وبناء البؤر والتجمعات الاستيطانية، لتضحي القدس يهودية لليهود دون غيرهم.
وحذر عيسي من عاقبة هذا القانون العنصري، وما له من أثر في زيادة التوتر والاحتقان في المدينة المحتلة، لأن الآذان سمة مميزة من سمات القدس، لا يجوز التعدي عليه.
يشار إلى أن القانون يمنع المساجد ودور العبادة من استخدام مكبرات الصوت في الدعوة للصلاة والمناسبات الدينية بحجة إزعاجه للمستوطنين.
