التغير في المجتمعات سلبا ام ايجابا يأتي نتاج عدة ظواهر ومناخات لعوامل مؤثرة بيئية او سياسية او امنية او اقتصادية وقد تكون الحروب الواسعة والمدمرة وكل تلك العوامل تنعكس على السيكيولوجية الاجتماعية للشعوب مع التأكيد ان علم السيكيولوجيا الاجتماعية مرتبط ارتباط وثيق بمعظم علوم علم النفس ، وقد نستطيع تحديد علم النفس الاجتماعي واختلافه عن باقي العالوم فهو يهتم بالارتكاز على المواقف وتأثير البيئة الاجتماعية وتفاعلاتها على مسلكيات الفرد ومواقفه
وفي حالة المجتمع الغزي قد تختلط مفاهيم علم الاجتماع مع علم النفس الاجتماعي وفي مركب واحد ينتج ظواهر مجتمعية كثقافات ومؤسسات تؤثر على سلوك الفرد وتصرفاته
ولذلك لكي نفهم وبشكل دقيق المتغيرات التي حدثت على المجتمع الغزي والمرتبطة بمتغيرات في مسلكيات الفرد والجماعة والمؤسسة وتقاطعاتها مع الانقسام والحصار والفقر والبطالة وتدني مستوى الخدمات الاساسية بالاضافة ايضا الى امتداد سنوات الحصار وتأثيرها على العامل الاقتصادي للفرد من خلال العمالة في اسرائيل وانعدام تلك الفرص بعد انسحاب اسرائيل من غزة مما ادى الى نشؤء وتوسع في الطبقة التي تصنف الان بالفقر والفقر المدقع ، مع تلك الظواهر ايضا ظهور طبقة المستفيدين من الحصار والمستفيدين من واقع الانقسام والذين صنفوا 120 مليونير في غزة .
ومن هنا نستطيع الفهم ومحاولة الوصول الى تحليل للمواقف والمتغيرات والادراك الفردي والجماعي ومفهوم ودور القيادة وضهور ظاهرة العدوانية الذاتية والعدوانية تجاه الاخرين وتفاعلات الفرد في الجماعة او المحيط او الايقونة المجتمعية كنسيج يعيش على رقعة من الارض ومن خلال انضباطيات عرفية او قانونية
وقد نستطيع ايضا وضع ثلاث استنتاجات تقسم المجتمع الغزي في السيكولوجيا الاجتماعية
1-الجماعة الاولية : وهي الاسرة او العشيرة والتي طرا متغيرات متعددة لوجود الظواهر السابقة وهي اتت لانقسامات سياسية فصائلية وخلفت الانقسام الثقافي والاقتصادي بدلا من واقع سابق من ترابط ومحبة وصداقة
2-الجماعة الثانوية وهي تلتزم بتعليمات الحزب او الفصيل وتلقت ثقافة الصراع لا الشراكة مع الفصائل الاخرى وهو سلوك عدواني تجاه من يخالفها
3- الجماعة الرسمية "" السلطة "" وهي تعمل من اجل اشباع رغباتها الشخصية من خلال برنامج وانضباطيات ومحددات ادبية تجعل من الرباط الوثيق بين افرادها حفاظا على مصالحها .
من هنا نستطيع تحديد الدوافع للسلوكيات والمسلكيات الفردية التي تواجه المجتمع الغزي في ظل انفصال الفصيل والسلطة عن الحالة البيئية الاجتماعية والسيكولوجية لمجتمع مقسم بين السلطة والفصائل وفي اختلال وخلل ثقافي واقتصادي .
ان تحدثنا عن الظواهر 200 الف حالة بطالة وتقريبا 120 الف خريج بلا عمل وتحدثنا عن ظاهرة الحروب الاربعة العدوانية المدمرة على القطاع وان تحدثنا عن اكثر كثافة سكانية في العالم وان استحضرنا المعاناة اليومية لسكان القطاع كازمات الكهرباء والغاز وتدني الخدمات الصحية والتعليمية وحصار 2 مليون من سكانه في شريط مساحي 40 كيلومتر في عرض متوسط 7 كيلو متر وتفشي الاورام الخبيئة السرطانية الثدي والبروستاتا والقولون والمعدة والسرطانات الدماغية والضغط النفسي لاولياء الامور وةالتزاماتهم الاسرية والمجتمعية ، تمثل كل تلك الظواهر بان غزة منطقة مفجوعة ومنكوبة على مسمع القانون الدولي والمؤسسات الدولية وهنا نريد ان نسجل في هذا المقام فساد السلطة والتملص من مسؤلياتها تجاه سكان القطاع وانقسام يعمل بانجندين سياسيتين وامنيتين مختلفتين اديتا السيكولوجيات الثلاث السابق ذكرها .
من الجانب العاطفي رغم انه يخرج عن مفهوم علم الاجتماع السيكولوجي ومنهجيته في التحليل والاستقراء والاستنتاج والتي قد تصل بنا الى نتائج يصعب فيها معالجة الظواهر وبحكم قاطع ان تلك الظواهر من اب يقتل اطفالة ومن ثم يحرق نفسة ويرافقها حالة تملص من الرجوع النفسي لوجود تلك الظاهرة بالتبرير بانه معتل نفسيا او شاب يضرب ابيه او سيدة تقتل ابنة زوجها او مرتكب بزنا المحرمات او منتحر او منتحرة او من احرقوا انفسهم امام العامة وفي الميادين او اكثر 150 الف يتعاطو التريمادول ، من الجانب العاطفي ترتعد فرائصنا ولكن ليس هو العلاج وليست هي الحقيقة المفجعة التي يجب ان يستسلم لها المجتمع الغزي والمسؤلية هنا تقع على النظام السياسي الفلسطيني وبرنامجه وثقافته الحزبية والسلطوية ، ولذلك ولكي لا يصل المجتمع الغزي الى ظواهر صادمة اكثر من ذلك يجب ان تتغير الثقافات المختلفة وتحل مكانها ثقافة وطنية جامعة ببرنامج سسياسي جامع مع ملاحقة الفساد في المؤسسات وتوزيع عادل للممتلكات المجتمع والعودة للتكافل الاجتماعي الذي ضرب في العمق وبعنف وكما كان السائد في حقبة الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي وكذلك ان تعي الاجهزة السيادية بان تنفيذها للقانون لصالح المجتمع وليس ضد رغبات المجتمع للحفاظ الجماعات الرسمية ومصالحها .
لانريد هنا ان نتحدث عن موضوع انهاء الانقسام الذي اشبع مع انني اعتقد ان الانقسام وجد لكي يقيم وليس ليرحل ومن هنا يجب ان تفكك ازمات غزة وتحل ، وهنا يجب ان ان نضع بعين التقدير للنظرة الثاقبة والاحساس الوطني العالي لدى القائد الوطني محمد دحلان وما يقوم به من مسؤليات وواجبات وطنية ولفهمه العميق بمؤثرات تلك الظواهر على الحالة الوطنية للشعب الفلسطيني بمد يد العون والمساندة للمجتمع الغزي وبما تحتمله قدراته المالية ومحاولبته مليء فراغ ناتج عن الخلافات السياسية والحزبية من دعم لطلاب الجامعات واسر الشهداء والمرضى والاسر الفقيرة وهنا كلمة حق يجب انم توضع في مكانها كما هو لدور مؤسسة فتا ورئيسة مجلس ادراتها السيدة الدكتورة جليلة دحلان وما تقدمه من خدمات لاهالى القطاع والفئات ذات الفقر والفقر المدقع واهمها الحفاظ على التوازن السيكولوجي للاسرة من خلال زرع الاجنة والاعراس الجماعية وتوفير الطاقة لمئات المنازل والمعونات العينية والمادية وارساء ثقافة الايمان من خلال مسابقات حفظ القران الكريم .
تلك النماذج المبنية على التكافل الاجتماعي والحس الوطني والتي لو التزمت بمثلها رؤوس المال المال الفلسطيني لن يبقى فقيرا في غزة ومحتاجا فالعامل الاقتصادي مهم في التوازن النفسي للاسر ومتطلباتها اليومية والتي تنعكس على سلوك الفرد وسلوك الجماعة .
سميح خلف