امام حالة الانقسام الكارثي بين ابناء الصف الواحد والقضية الواحدة، نسأل البعض الذي يطالب اليوم الرئيس محمود عباس بالرحيل ، لمصلحة من هذه المطالبة ، فنحن نرى ان الرئيس محمود عباس منتخب من قبل الشعب الفلسطيني كما المجلس التشريعي منتخب من قبل الشعب الفلسطيني ، كما ان حركة فتح انتخبت الرئيس محمود عباس رئيسا لها ، كما ان شرعية الرئيس مستمدة من المجلس الوطني الفلسطيني ، حيث منحه الشعب الفلسطيني الثقة ، لهذا نقول الى البعض الذي يطلق التصريحات ، كفاكم الوقوع في شرخ الشرذمة ، المطلوب اليوم تحصين الوضع الداخلي وتعزيز التلاحم والوحدة الفلسطينية وتجنيب الساحة الفلسطينية مضاعفات وانعكاسات خطيرة، خصوصاً في هذه اللحظة المصيرية التي تمر بها القضية الفلسطينية.
ان الاختلاف في وجهات النظر الفلسطينية يستدعي من الجميع العمل على رفع الصوت من اجل انهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية وعقد المجلس الوطني الفلسطيني وانتخاب لجنة تنفيذية لمنظمة التحرير وتطبيق اتفاقات المصالحة ووتشكيل حكومة وحدة وطنية والذهاب الى انتخابات رئاسية وتشريعية بعيدا عن سياسة المحاور.
ان المرحلة تستدعي اليوم مواجهة المخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية وعدم الرضوخ للشروط والمشاريع الامريكية الصهيونية ، والتمسك بخيار المقاومة والانتفاضة وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني ونضال الحركة الاسيرة .
لذلك نرى انه بات على كافة الفصائل والقوى الفلسطينية ان تعي بأن الوحدة الوطنية الفلسطينية هي السلاح الامضى في مواجهة الاحتلال والاستيطان والمشاريع المعادية ، وان الاختلاف حق وأمر طبيعي يجب ان لا يؤثر على صلابة الموقف الفلسطيني في هذه اللحظة الحرجة التي تمر بها القضية.
أن ما يحصل من مطالبة من قبل البعض بتنحية الرئيس محمود عباس يوضح حجم الحقد الذي يكنه هؤلاء الذين اصبحوا يرون الانقسام مصلحة فلسطينية ويذهبون الى مؤتمرات تعقد هناوهناك ، وكل ما يحصل فيها من مواقف وتصريحات هي ضد الشعب الفلسطيني .
أن الحملات الممنهجة على الرئيس محمود عباس هو أمر غريب ممكن ان نختلف معه في المواقف ، ولكن يجب علينا ان لا نجامل الآخرين لأن المجاملة للآخرين تقع على حساب الشعب الفلسطيني وعلى حساب كرامته وثورته ، فنحن نأسف الى ما وصلت اليه الحالة الفلسطينية من عصبوية تنظيمية فوق فلسطين ، فوق كل فكر ينشر في مقال .
قلنا في السابق اتركوا الحالة المعنوية للجاليات الفلسطينية تلتزم بتوجهات دائرة المغتربين بمنظمة التحرير الفلسطينية، صحيح ان الشعب الفلسطيني ما زال في مرحلة التحرر الوطني ، وهو بحاجة الى كل القوى والفعاليات السياسية والشعبية في إطار موحد لتعبئة طاقات الشعب وإمكانياته، ووضعها في خدمة قضية التحرر الوطني.
أرجو أن يؤخذ رأيي في هذا الموضوع، في إطار الرأي والاجتهاد، وبالتالي فهو يحتمل الخطأ ويحتمل الصواب، وكذلك النقصان، سأحاول أن أكون صريحاً بقدر الإمكان في هذا الموضوع، إن مفهوم الوحدة الوطنية يعني ان تكون في اطار جبهة وطنية متحدة تضم كافة الفصائل والقوى الفلسطينية على اساس برنامج وطني، يجري فيه تحديد استراتيجية العمل الوطني تجاه القضية الوطنية، والتكتيكات المتبعة، وآلية التنفيذ، وفق كل مرحلة من المراحل، وتجاه كل ساحة من ساحات العمل، داخل فلسطين المحتلة، وعلى المستوى العربي، والإقليمي والدولي ، باعتبار ان قضية فلسطين قضية تحرر وطني ، وأن قضية الوحدة الوطنية بمفهوم وحدة القوى السياسية، في إطارها الوطني، ممثلاً في منظمة التحرير الفلسطينية والأساس الوطني هو الالتزام في القررات التي تصدر عن المجالس الوطنية والمركزية الفلسطينية، والتي تشتق لكل مرحلة من مراحل النضال.
إزاء هذه الحالة التي صرنا إليها، تعالوا نستعرض مواقف القوى المختلفة من قضية الوحدة الوطنية، ضمن الشروط الجديدة، لنرى إلى مواقع هذه القوى، ودور كل واحدة منها لنضع شروط الوحدة الوطنية ، المراقبة والمحاسبة، وحين توضع مثل هذه المواقف، فإنها تبدو أكثر من كافية، لأن تجعل من تحقيق الوحدة الوطنية أمراً مهما .
لذلك يبدو ان التيار الإسلامي، غير جاد، في طرح شعار الوحدة الوطنية، والوصول به إلى مداه، والتقابل مع الأطراف الأخرى، سواءٌ كانت داخل السلطة، أو خارجها، عند محطات معينة، وفي مراحل معينة، ولكنه يستفيد من طرح الشعار، لتمرير المرحلة، وتخفيف آثار الحصار المضروب حوله.
في هذه اللحظة السياسية الانعطافية على صعيد القضية الفلسطينية والمنطقةنتطلع اليوم للتأكيد مجددا امام كل العالم بان المدخل الوحيد للامن والاستقرار والسلام في المنطقة لن يقوم الا بانهاء الاحتلال الاسرائيلي للارض الفلسطينية والعربية المحتلة والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني كاملة وفي مقدمتهما ضمان حق عودة اللاجئين الى الديار التي هجروا وشردوا منها وفقا لقرار 194 ، ولن يقبل المساس بهذا الحق أو الالتفاف عليه تحت يافطة عودة البعض الى الدولة الفلسطينية ، ورفض توظيف الوضع الاقليمي والدولي الجديد لفرض حلول جزئية أو قاصرة على الشعب الفلسطيني أو الانتقاص من شرعية كيانه السياسي الوطني أو الوقوع في مصيدة المراهنة العقيمة مجددا على المفاوضات.
ان البناء على ما حققه صمود الشعب الفلسطيني وانتفاضته ومقاومته ، تتطلب أكثر من أي وقت مضى الاتفاق على استراتيجيتة سياسية وكفاحية فلسطينية واحدة, لمواجهة التحديات الكبرى التي تواجه الشعب الفلسطيني في ظل استمرار الاحتلال وسياسة العدوان الاسرائيلي وتصاعدها ومحاولات انقضاض على الأرض والحقوق والمنجزات الفلسطينية, ووصم نضال شعبنا المشروع من أجل الحرية والاستقلال بالارهاب, مما يتطلب رسم هذه استراتيجية سياسية وكفاحية تستجيب لحقوق وأهداف شعبنا تركز على تحديات المستقبل وآفاقه وليس خلافات الماضي وعلى الوحدة الوطنية وحدة الشعب بكل قواه ومؤسساته السياسية والاجتماعية والاسراع في عقد المجلس الوطني, فالوحدة الوطنية قضية راهنة وليست معلقة أو مؤجلة في ظل الاحداث المتسارعة والتحديات الكبرى التي تواجهنا وتطال مصيرنا ومستقبلنا, وتزداد
أهمية هذا الأمر اليوم قبل الغد في إطار الشراكة الوطنية التي تجمع الجميع عبر المعركة الوطنية ومن خلال منظمة التحرير الفلسطينية التي دافعت كافة الفصائل والقوى عن وجودها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني ووقفنا أمام كل المحاولات التي استهدفتها.
وفي ظل هذه الظروف ارى ان تنسيق القوى الوطنية والديمقراطية والقومية واليسارية تجاه حماية المشروع الوطني والحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل وتطوير مؤسساتها ربما يعطي فرصة لتقييم أكثر موضوعية وواقعية ، وإن كانت لها مواقف نقدية، وتحاول أن تميز نفسها داخل إطار المنظمة والسلطة، عبر العديد من المطالبات الإصلاحية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز دور الاتحادات والمنظمات الشعبية والمهنية ، او في تفعيل مؤسسات المنظمة على ارضية شراكة وطنية حقيقية.
ختاما : لا بد من القول، الكل يقدم قضية الوحدة الوطنية على أنها خشبة الخلاص ، ولكن ما يجري من اخفاقات على هذا المسار اصبح يستدعي وقفة جادة ومسؤولة لترتيب البيت الفلسطيني وتكريس الجهد في المرحلة الراهنة حتى يتمكن الشعب الفلسطيني من مواصلة نضاله من اجل تحقيق اهدافه الوطنية المشروعة اي حقه بالعودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس .
بقلم / عباس الجمعة
كاتب سياسي