ومن المشاهد الساخرة في حياتنا ،في الوقت الذي يتابع فيه الملايين بكل حماسة ،وشغف من المشاهدين في بلاد العرب أوطاني لبرنامج العرب أيدول ،وحتى من أبناء شعبنا ،ووسط الهتافات والتصفيق بعد إعلان نتيجة البرنامج الختامية...رغم أني لست بصدد مهاجمة أولئك الناس ،أو المزايدة عليهم في الشعور بالآخرين ،ورغم أني ،لست كذلك بصدد فتوى التحريم أو الجواز... إلا أن هناك مشهدٌ آخر يدمي له القلب ...لايمكن حذف صورته ، أو تجاوزه من عمق واقعنا... وهو أن هناك قلوب ٌ حزينة ...مازالت تنبض بكل لوعة وألم وقهر،وما زالت تنزف لعمق جراحها ، بعد فقدانها لفلذات أكبادهم ،و الذين سقطوا ،ويسقطون في كل يوم ،ضحايا تحت أنقاض الأنفاق ...! تلك الأنفاق ، التي لم يندفع إليها أولئك الشباب الذين هم في عمر الزهور ، والذين هم من دفعهم الفقر المدقع بعدما درسوا ...وتخرجوا ...واصطفوا على طابور البطالة الطويل ولكن بلا جدوى ...! ،إنهم يعلمون علم اليقين أن أعمالهم تلك لم تكن للمتعة أو الترفيه ...بل هم كل يوم يودعون أهليهم ، بكل صمت ، وبكل خفاء حتى لايقلقوا عليهم ،فيحملون أرواحهم على أيديهم ، بعدما أغلقت كل الأبواب أمام أعينهم ،و بعدما ضاقت عليهم الأرض ، بما رحبت لينالوا لقمة العيش المغمسة بدمائهم نهاية المطاف ...!
كلما تأملت الحياة ومواقفها ازددت يقينا باني على حق عندما أتنصل متعمدا من حمل الأمانة أو المسئولية ليس لعدم خبرتي أو قدرتي في التصرف أو افتقادي للقيادة ، ولكن ذاك الحديث النبوي ،الذي يتدافع دوما في ذاكرتي ، والذي بمعناه أن الرجل محاسب على دجاجة يربيها في بيته، إن تأخر في إطعامها أو شرابها ...فما بالنا بالبشر...؟! ومن الأحاديث التي ترتعد لها كل فرائصي كذلك ما أخرجه الإمام أحمد عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك إلا أتى الله عز وجل مغلولا يوم القيامة يده إلى عنقه فكه بره أو أوبقه إثمه أولها ملامة، وأوسطها ندامة، وآخرها خزي يوم القيامة...فما بالنا بالذين هم مسئولون عن مئات الآلاف من البشر ،ولا يكترثون بقضاياهم الشائكة ...! تُرى كيف هو مصيرهم ...؟!
بقلم/ حامد أبوعمرة