المرأة حضارة الشعوب نعم تلك هي حقيقة ومن ينكرها فهو جاحد لهذا الحق العظيم للمرأة العظيمة التي وقفت دوما بجانب الرجل في شتى مناحي الحياة ،بل هي أصل تلك الحياة ،فمنذ أن خلق الله سيدنا آدم وخلقت حواء من ضلعة الأيسر لتكون رفيقة دربة وتؤنس وحشته وتكتمل الحياة الكونية من آدم وحواء حتى يرث الله الأرض ومن عليها . لن أتحدث اليوم عن المراحل المختلفة التي عاشتها المرأة قديما علي مر العصور مراحل تختلف من عصر لآخر كثير منها كانت مضطهدة وبعض العصور عاشت في ازدهار ورخاء وبعضها مسلوبة الحقوق حتى أتي الإسلام ورفع مكانه المرأة وكرمها رب السموات في علاه وجعل لها شأنا عظيما وحفظ لها كرامتها وطهارتها وعفتها وكفل لها حقوقها ودورها العظيم . سأتكلم اليوم بشكل خاص عن المرأة الفلسطينية صانعة الرجال هي التي مازالت تنجب من أجل فلسطين وهي التي مازالت جنبا إلي جنب في العمل والعطاء وتحمل المشقة والألم والتعب والمعاناة ومازالت تناضل جنبا إلي جنب مع الرجل وتخوض شتى المعارك من اجل الانتصار والتحرر تخوض في الداخل المحتل معركة التطبيع وترفضها بشتى أشكالها وتتشبث بأصالتها وعروبتها لتحافظ علي قوميتها العربية الفلسطينية ،وفي القدس و الضفة الغربية تناضل المرأة الفلسطينية وتواجه المحتل الإسرائيلي البغيض وسياسته التعسفية والعنصرية في جدار فصل عنصري يفصل ويمزق النسيج الفلسطيني وكذلك سياسة الاستيطان الذي يسلب الأراضي الفلسطينية ويشتت العائلات ويسلب أرضهم وقوت يومهم ويقتل ويحرق أطفالهم كما حدث مع عائلة الطفل "علي الدوابشة" في قرية "دوما" بمحافظة نابلس حين أقدم مجموعة مستوطنين يهود علي اقتحام القرية في منتصف الليل وحرق المنزل وقتل الأب وزوجته والطفل الرضيع علي وبقي الناجي الوحيد هو الطفل أحمد دوابشة وتلك هي نموذج فلسطيني تعيشه الأسر الفلسطينية مع هذا المحتل البغيض . أما في غزة للمرأة الفلسطينية ألف حكاية وحكاية لست ادري من أين أبدأ فهي تعيش ما تعيشه المرأة الفلسطينية في الداخل المحتل وفي القدس والضفة الغربية من معاناه وألم واضطهاد وزد علي ذلك حكاياتها مع حصار بلغ أكثر من عشر سنين لم تجد فيه كسرة خبز تطعمها لصغيرها الجائع، لم تجد في هذا الحصار علبة دواء لصغيرها الذي يتألم وهي تسهر لياليها المظلمة دون كهرباء ، فلا تملك إلا أن تسجد وتتوسل لرب السموات بأن يأتيها الفرج القريب وأن ينزل سكينته علي طفلها الصغير وأن يشفيه من آلامه، ذلك الحصار الذي حرمنا فيه من ابسط مقومات الحياة لا كهرباء ولا غذاء ولا دواء ،وحكاية آخري مع حروب إسرائيلية تكررت علي غزة ،ثلاث حروب عاشتها المرأة الفلسطينية في غزة فقدت فيها الزوج والابن والاخ ،فقدت فيها عائلتها وكانت المرأة ذاتها شهيدة ،وبتلك الحروب فقدت منزلها وكل مقومات الحياة ،وابسط حقوقها قد سلبت وباتت في مهب الريح تصارح الحياة والخوف والألم يحيط بها من كل مكان ،قصف ودمار وركام في الطرقات وفي كل شارع ،لم تنتهي الحكايات المرأة التي سهرت وتعبت علي رعاية اولادها وتحلم كأي أم بأن يكمل أولادها دراستهم الجامعية ويحظون بوظيفة وعمل كريم وتشاهده عريس في ليلة زفافة تلك هي أصبحت احلام ولكنها كثرت الأعراس في غزة نعم لقد كثرت ولكنها ليست أعراس الزفاف بل هي أعراس الشهادة يكاد لا يوجد بيت في غزة إلا وكان به عرس شهيد ومن لم يكن لدية عرس شهيد فكان لدية عرس جريح بترت ساقة أو يده أو كلاهما نتيجة انفجار صاروخ إسرائيلي وانتشرت أمراض السرطانات نتيجة استخدام الأسلحة المحرمة دوليا مثل سلاح الفسفور الأبيض الحارق الذي لوث الارض والهواء والماء ومثل القنابل العنقودية ومخلفات الحروب الكثيرة جميعها تسببت بثلاث حالات سرطان جديدة في غزة كل يوم . كل شيء جميل قد قتل من احلام وأمنيات لدي المرأة في غزة ورغم ذلك فهي صامدة كالخيمة في مهب الريح تقاوم وتكافح وتعمل وتبني وتستمر في كفاحها حتى بلوغ النهاية وتحقيق العرس الأكبر عرس الانتصار ودحر الاحتلال . أما أنت أيتها المرأة الفلسطينية في الشتات فما اعظمك من امرأة تجسدين رسالة شعب تحافظين علي الهوية وترفضين التطبيع وترضعين اطفالك قضية فلسطين كي لا ينسوها تزرعين فيهم حب الوطن والحنين للوطن ونجد في كل جيل يولد تشبت وتمسك بحق العودة أكثر مما نظن فهذا لم يأتي بشكل عبثي بل هو منهج تكفلت به المرأة الفلسطينية في مخيمات الصمود وفي الشتات في كل مكان ارضعت صغارها الوطن فلسطين وعلمتهم حين كبروا قليلا بأن وطننا المغتصب فلسطين حتما سنعود إلية وحين اشتد عودة قليلا علمته كيف يخبر العالم بقضيتنا وحين كبر وكبر لقد كبر معه هم الوطن وجابه المحتل الإسرائيلي وهو في شتي بقاع الأرض عبر فعاليات ونشاطات وحملات مقاطعة للاحتلال تضامن معها كل احرار العالم وعبر لجان وفعاليات ومؤتمرات وصل خلالها صوتنا لكل العالم بأننا فلسطينيون حتما سيندحر الاحتلال وحق العودة حق مقدس لنا لا يسقط بالتقادم وحتما سنعود ،فكل الاحترام لك أيتها المرأة الفلسطينية في كل مكان فأنت عنوان حضارتنا الفلسطينية وحقا تستحقين كل أنواع الأوسمة وشهادات الشكر تقديرا لنضالاتك المستمرة فاليوم وكل يوم هو عيد لك أيتها المرأة الفلسطينية العظيمة .
بقلم/ هاني مصبح