أدت مصادقه كنيست الاحتلال الإسرائيلي، بالأغلبية على مشروع قانون "حظر الأذان" بصيغته المعدلة، وتصويت 55 عضوا لصالحه، فيما رفضه 47 عضوا، بأنه سيزيد من حدة التطرف الإسرائيلي، إلى حالة من الغضب و الغليان في الشارع الفلسطيني.
وذكر محللون سياسيون أن هذا القرار سيزيد من اشتعال الأوضاع في المنطقة، وسيكون له أبعاد وانعكاسات كثيرة، ضد المجتمع الفلسطيني العربي بوضعهم في خانة الإرهاب والتطرف من قبل إسرائيل وسن قوانين أخرى لمزيد من المضايقة على الفلسطينيين .
بينما رأت الفصائل الفلسطينية ورجال دين، أن القانون الذي صودق عليه بالأمس، يعبر عن عنصرية تجاوزت الأبعاد السياسية لتصل إلى أبعاد دينية تنذر المنطقة كلها بحرب دينية عبر المساس بحرية المعتقدات".
وقال الكاتب والمحلل السياسي المختص بشؤون القدس راسم عبيدات في حديث لـ" وكالة قدس نت للأنباء"، تعقيبا على خطورة هذا القرار: "إن إقرار "الكنيست"، بالأمس، لقانون منع الأذان في القدس والداخل الفلسطيني- 48- بالقراءة التمهيدية، تمهيداً للمصادقة عليه بالقراءتين الثانية والثالثة، تحت حجج وذرائع أن رفع صوت الآذان يزعج المتطرفين الصهاينة، وفرض غرامات مالية باهظة على كل من يخرق هذا القانون العنصري، يأتي في إطار الحرب الشاملة التي يشنها الاحتلال بكافة مستوياته وأجهزته على مدينة القدس والمسجد الأقصى".
القرار سيفشل أمام صمود المقدسيين والمرابطين
وأوضح عبيدات، أن الهدف من وراء ذلك هو تغيير الطابع العربي – الإسلامي لمدينة القدس وتزوير تاريخها وأثارها وتراثها وطمس فضاءها العروبي، ومحاولة السيطرة على المسجد الأقصى وفرض وقائع جديدة فيه، خاصة بعد قرار منظمة "اليونسكو"، منظمة التربية والثقافة والعلوم، في تشرين أول من العام الماضي، باعتبار المسجد الأقصى مكان مقدس للمسلمين دون غيرهم من إتباع الديانات الأخرى، وبأنه معلم تاريخي وتراثي وحضاري عربي إسلامي ولا وجود لأي صلة ما بين المسجد الأقصى وبين الديانة اليهودية لا على الصعيد الديني التوراتي ولا التراثي ولا السياسي، هذا القرار احدث صدمة عند قادة دولة الاحتلال، والذين شنوا حرباً شاملة على الأقصى رفضاً لهذا القرار، وبغرض فرض وقائع مغايرة فيه تمكنهم من إيجاد موطئ قدم لهم فيه، ولعل قانون منع الأذان، جزء من هذه الحرب الشاملة.
وفي معرض دره على سؤال حول المطلوب للتصدي لمثل هذه القرارات قال عبيدات: "هذا القرار العنصري بامتياز يستوجب منا القول كمسلمين وعرب، من يزعجه صوت الآذان، وهو الطارئ والدخيل على أرضنا وقدسنا فليرحل وهذا القرار يستوجب منا كفلسطينيين وعرب ومسلمين التصدي ومواجهة هذا القانون بشكل حازم فهو يستهدف أهم ركن من أركان الإسلام، ورفع الآذان شعيرة من شعائر الصلاة، ولا تجاوز الصلاة بدون هذه الشعيرة، وهذا القرار بما ينطوي عليه من صلف وعنجهية وتطرف، فيه استفزاز واضح لمشاعر أكثر من مليار وسبعمائة مليون مسلم، وتجاوز فظ لكل الخطوط الحمراء.
وأضاف، إن القرار سيفشل أمام صمود المقدسيين والمرابطين، وهذه المصادقة لن تغير من الواقع الديني لمدينة القدس وحرية المعتقدات بها، بل ستجعلنا أكثر التزاما بمقدساتنا وممتلكاتنا الوقفية، التي تعبر عن هويتنا وثقافتنا الوطنية والسياسية، هذه الهوية التي تستعصي على الانتهاكات المتكررة من قبل الحكومة الإسرائيلية سواء بما تتعرض له من خلال الانتهاك المستمر لمدينة القدس، أو من خلال الانتهاكات اليومية للمسجد الأقصى"، وعلى أبناء المدينة المقدسة الوقوف بحزم وقوة في وجه هذه الهجمة التي تأخذ أشكالا جديدة.
يحظر القانون المعدل استخدام مكبرات الصوت
هذا وصادق كنيست الاحتلال الإسرائيلي بأغلبية، أمس، على مشروع قانون "حظر الأذان" بصيغته المعدلة، بعد جلسة نقاش ساخنة، وصوّت لصالحه 55 عضوا، فيما رفضه 47 عضوا.
وكانت اللجنة الوزارية لشؤون التشريع التابعة لحكومة الاحتلال، وافقت صباحا على طرح مشروع القانون قبل أن يطرح من قبل ما يسمى "رئيس الائتلاف الحكومي" (دافيد بيتان، وموتي يوغيف) أمام "الكنيست" للمصادقة عليه بالقراءة التمهيدية.
ويحظر القانون المعدل استخدام مكبرات الصوت من الساعة 11 مساءً وحتى السابعة صباحا مع فرض غرامات مالية على أي مسجد يرفض الالتزام بتطبيق القانون.
وينص القانون على فرض غرامات تصل إلى 1200 دولار (5 آلاف شيكل) على المساجد التي ستمتنع عن تطبيق القانون، في حال تم إقراره بشكل نهائي.
سياسة تستهدف الوجود الفلسطيني
وأكد نواب القائمة المشتركة في بيان لهم وفق ما رصده تقرير "وكالة قدس نت للأنباء"، على رفضهم القاطع لقانون "منع الأذان" الذي أقره الكنيست، وجاء في بيان للقائمة المشتركة؛ "القانون اعتداء سافر على الحيز العام الفلسطيني ومحاولة فظة لتشويه هوية المكان وطمس المعالم الثقافية والدينية المقدسة لأبناء شعبنا."
ودعا نواب القائمة المشتركة "الجمهور بالاعتراض على القانون ورفع الأذان عاليا، ردًا على السياسة الاحتلالية التي تستهدف وجودنا وتاريخنا، وقالوا؛ الأذان جزء من هذه الأرض وكان هنا قبل إسرائيل وسيبقى".
وبدورها حذّرت حركة حماس من تداعيات المصادقة على هذا القانون، وذكرت أن هناك تصاعد في الإجراءات العنصرية الصادرة من حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة، التي تستغل تصاعد الانحياز الأميركي مع تولي دونالد ترامب للرئاسة الأميركية."
من جهته اعتبر سالم عطا لله مسئول الدائرة السياسية في حركة المجاهدين القانون بأنه "إمعان في السياسة العنصرية الإسرائيلية التي تقصي كل لون أو دين أخر في ظل تغنيها بالديمقراطية في كيانها".
من جانبها قالت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني، إن قانون "منع الأذان" يكشف الوجه الحقيقي للاحتلال باعتباره مبني على التمييز وهو مخالفة صارخة للقوانين الدولية والإنسانية ، ويجب أن يقدم كل وزراء حكومة الاحتلال إلى المحاكم الدولية باعتبارهم مجرمي حرب".
كما طالب وزير الأوقاف والشؤون الدينية الشيخ يوسف ادعيس المجتمع الدولي والعالمين العربي والإسلامي، والمؤسسات الدولية ذات الاختصاص بحماية الأماكن المقدسة والمقدسات الإسلامية والمسيحية والعمل الفوري على دفع الحكومة الإسرائيلية للتراجع عن هذه القرارات المتطرفة وغير المسؤولة، وكف يدها عن المساس بمقدساتنا الإسلامية والمسيحية في القدس.
قانون يحدد طبيعة الحرب
بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي محمد خليل مصلح في حديث لـ"وكالة قدس نت للأنباء"، معقبا على عنصرية هذا القرار وما له من آثار على المنقطة: "إن هذا القانون يحدد طبيعة الحرب، صراع على الهوية الحضارية الدينية يستفيد من الفوضى في المنطقة في التوجه الديني المتطرف في إسرائيل حيث امتازت فترة نتنياهو واليمين الصهيوني بالتضييق على الفلسطينيين في وهو أيضا يعكس طبيعة تنافس اليمين الصهيوني على حساب الهوية الفلسطينية والدين، وهي دولة ترفض أي رموز دينية غير الديانة اليهودية .
وأضاف مصلح: "هذا القرار سيكون له انعكاسات كثيرة، وهي دفع المجتمع الفلسطيني العربي إلى التطرف ووضعهم في خانة الإرهاب وسن قوانين أخرى لمزيد من مضايقة الفلسطينيين ويحد من الالتزام الديني وهذا خطأ، استراتيجي لان ذلك سيدفع العرب إلى مزيد من التدين والدفاع عن هويتهم ودينهم وسيدفع إلى ظاهرة التطرف في المجتمع في مواجهة الدولة العنصرية.
ونوه مصلح، إلى أنه من الخطورة بأن تدرج شعيرة دينية جزء من العقيدة الإسلامية تحت مسمى الإزعاج والضوضاء كصوت زامور أو مصنع في الأحياء، الأمر مقصود به المساس بمشاعر المسؤولين وتذكيرهم أنهم في دولة يهودية، ومازال القانون في القراءة التمهيدية قد يجرى عليه تعديل يستثنى الأذان لكن بشروط أن يتم داخل المسجد وليس عبر الميكروفونات الخارجية.
