الفلسطينيون بين مشروع توطين 1953م ومشروع بيبي- ترامب2017م

بقلم: ناصر إسماعيل اليافاوي

تشهد الساحة السياسية الدولية تزاحما في الاعلام والتصريحات حول امكانية توطين الفلسطينيين في سيناء ، وكأن الفلسطينيون اصبحوا متسولين لا ارض ولا هوية لهم ، في ظل صمت محلى ، وتصارع فصائلي مقيت ، وغياب عربي رسمي ..
هذه الارهاصات الاعلامية تذكرنا بتلك المشاريع المحمومة التي سكبت على القضية الفلسطينية حقبة الخمسينات والستينات من القرن الماضي ، مع اختلاف المواقف الرسمية والشعبية ، ولنعود بالقارئ للوراء قليلا
مشروع توطين اللاجئين في سيناء
جاءت فكرة توطين الفلسطينيين في سيناء بعد سلسلة من المشاريع الخاصة باللاجئين وانهاء بل وتصفية قضيتهم ، وبدأت مباحثات بين الولايات المتحدة الأمريكية والحكومة المصرية ومندوبي وكالة الغوث للبحث في توطين اللاجئين الفلسطينيين اعتبارا من عام 1953 , وتم طرح مشروع مفصل لتوطين لاجئي قطاع غزة في صحراء سيناء ، ولم ينفذ بفضل المقاومة الشعبية الفلسطينية في غزة
عودة الفكرة من جديد
فاجأ أيوب قرّا، الوزير بالحكومة الإسرائيلية، الجميع ، بتغريده على موقع التواصل الاجتماعي تويتر حول تبني الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو «خطة الرئيس المصري السيسي بإقامة دولة فلسطينية في غزة وسيناء بدلًا من الضفة الغربية». و تعززت المخاوف لدى المتابعين للشأن الفلسطيني ، بعد تصريحات ترامب في مؤتمر صحفي مع نتنياهو، التي قال فيها إنه ستكون هناك عملية سلام كبيرة تضمن قطعة أكبر من الأرض، وتتضمن إشراك حلفاء عرب فيها.، فهم من ذلك ان تصريحات القرا لم تكن عشوائية بل على دراية وقراءه قريبة من الواقع المتداول في البيت الصهيوني الدولي
تباين الموقف الفلسطيني بين الخمسينات واليوم :
فترة الخمسينات :

مع الفرق الشاسع في توفر وسائل التواصل والاتصال بين فترة الخمسينات ويومنا هذا ، الا ان العقل الجمعي الوطني الفلسطيني كان اكثر ادراكاً ونضجا من يومنا هذا ، ففي منتصف 1955م حصل الفلسطينيون على تقارير وكالة الغوث باللغة الانجليزية ، كتبه خبراء وكالة الغوث ومهندسوها وترجمه (سعيد فلفل) والتي تؤكد على استحالة الحياة في تلك المنطقة لقلة المياه , ورغم ما كتبه أطباء وكالة الغوث عن الأمراض التي ستداهم حياة اللاجئين ، فان التقرير حمل موافقة الخبراء على المضي في تنفيذ هذا المشروع التي بدأت ببناء المساكن وفحص المياه هناك, هذه التقارير التي أكدت علي عدم صلاحية سيناء لإسكان اللاجئين ، قد تسلمها معين بسيسو .
وفى تلك الحقبة وكمقدمة للتضيق على الفلسطينيين لتمرير أي حلول سادت الأوضاع المزرية أللإنسانية التي يعيشها اللاجئون في المخيمات، ومحاولات الإذلال المستمر , واستمرار الهجمات الصهيونية علي المخيمات واستمر ذبح الناس بلا شفقة أو رحمة(وما اشبه سيناريو اليوم بالأمس)
كانت ذروتها مساء 28/2/1955م حيث قامت القوات المحتلة بارتكاب مذبحة قرب السكة الحديد ،.وعند البوليس الحربي جنوب قطاع غزة استطاع كمين إسرائيلي قتل 56 جنديا فلسطينيا من الحرس الوطني .
و انطلقت المظاهرات في الأول من آذار مارس عام 1955 وفي الصباح تحول خبر المذبحة إلى الشرارة الأولي للانتفاضة العارمة " حملت شعار " لا توطين ولا إسكان ، وجابت المظاهرات والمسيرات شارع عمر المختار بغزة تهتف ضد مشروع التوطين ، .وكان نتيجتها سقوط (حسني بلال ) أول شهيد وطني ضد مشاريع التوطين ، تلاه ( يوسف أديب طه) الذى سقط شهيدا حينما كان يرفع العلم الفلسطيني على مقر الحاكم العسكري ..
الموقف الفلسطيني الراهن من مشروع توطين بيبى - ترامب :
المتتبع لمواق الفصائل والاحزاب الفلسطينية الراهنة وفى ظل حالة من التخبط والانقسام ، والانزياح وراء مواقف ومصالح دول اقليمية ، يرى ان هناك فتور في التعامل مع هذه القضية ، بل ان بعض الفصائل الاستراتيجية لم يتحدث ناطقيها الاعلاميين ببنت شفه حول الموضوع الذى ذاع صيته في وكالات الانباء ، في الوقت الذى نشاد تلك الابواق تنعق كالغربان حينما يتعلق الأمر بخصمه السياسي اذا اصطاد له موقف ما ولو تافه.
الخطير بالأمر ان هذه المشاريع التصفوية تنسج بدقة بين السرية والعلنية ، ودهاقنة السياسة الصهيونية والغربية تلهي فصائلنا بأزمات مصطنعة بدراسة خبيثة ، في الوقت التى تجد فيه بعض الانظمة العربية واسرائيل وامريكيا ، تشغل ساحتنا الفلسطينية بمشاريع ظاهرها تنموي وباطنها يهدف للانزياح ل (دولة غزة ) بحدودها المرسومة حسب خطط التوطين ..
قضيتنا الفلسطينية تمر بمراحل ومؤامرات من اخطر ما مر عليها منذ حرب 48م ، والاخطر هو تماهي بعض الفصائل مع تلك المخططات تماشيا مع بقائها على عرش وهن وهمي سيذهب مع اول عاصفة رياح اقليمية ..

د ناصر اسماعيل اليافاوي