التاريخ الفلسطيني حافل بعظمة الشهداء

بقلم: عباس الجمعة

اقف امام الحدث الفلسطيني حيث شكل استشهاد القائد الوطني والقومي الكبير الشهيد أبو العباس، الذي التصق بشعبه وهمومه وقضاياه وبقوا على العهد حتى الشهادة.

وامام ذكرى فارس ترجل عن صهوة حصانه عمل بكد ودون ملل لجمع وحدة الصف الوطني ودعم الكفاح العادل لشعبه، وسقط وهو متمسك بأصالة شعبه وأمته وبقى مصمماً على النضال بكل السبل والوسائل الممكنة حتى تتحرر فلسطين، رغم الظروف البالغة التعقيد للحالة الوطنية الفلسطينية والتي يعبر عنها باستعصاء سياسي وتنظيمي عجز الجميع على مدار أكثر من تسعة سنوات عن معالجة الانقسام وآثاره الضارة على كل الصعد والمستويات للقضية والشعب، حيث راوحت جهود المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية مكانها، رغم كل الاتفاقات واللقاءات الثنائية والمشتركة فكانت لذر الرماد في العيون.

ونحن اليوم في ذكرى القائد الوطني الشهيد ابو العباس تتصاعد انتفاضة الشباب والشابات على ارض فلسطين ، وليشكل استشهاد المناضل باسل الاعرج نموذجا في النضال والكفاح ليكون جسراً للقضية، حيث إلتف حوله في حياته كل المؤمنين بالانتفاضة التي بشّر بها، وراهن عليها، وبالصراع مع العدو الذي رآه حتمية لا فكاك منها، حيث جاء استشهاد باسل مع ذكرى الشهيد القائد ابو العباس وجيفار غزة ، وهذه الشهادة لباسل تمثل نموذجا حيا لكل المناضلين، مما يستدعي من الجميع اليوم استعادة ذاتنا وهويتنا المسلوبة، والنهوض لنموت وقوفاً كالأحرار إذا لم نجد نصرنا الموعود، فالمعركة تبدأ بالالتحام بكل ما قاتل لأجله الشهداء والاستمرار في قتالنا لهذا العدو، وحتى نحمي المشروع السياسي الذي حمله الشهداء، مشروع تحرير فلسطين عبر مواجهة عدوها حتى آخر رمق، ومشروع وفاء فلسطين لعروبتها، واخوتها مع المعذبين وضحايا نظام القهر العالمي الغربي، لذلك سيبقى الشهيد القائد ابو العباس وجيفارا والشهداء القادة العظام وشهداء فلسطين والمقاومة وشهيدات وشهداء الانتفاضة وفي مقدمتهم باسل الاعرج عنوانا للنضال الوطني حتى تحرير الارض والانسان.

من هنا نقول أن القادة الكبار أمثال الشهيد الرئيس الرمز ياسر عرفات والشهيد القائد ابو العباس والحكيم ،والشهداء أبو علي مصطفى ، والشيخ أحمد ياسين وفتحي الشقاقي وعمر القاسم، والكثير الكثير من قادة شعبنا الكبار هم ضمير شعبنا وقدوته لإعلاء شأن الوحدة الوطنية والخيارات الوطنية القادرة على استنهاض الحالة الوطنية ووضعها على سكة الانطلاق لمواجهة المخططات والمؤامرات الصهيو- أمريكية برؤية استراتيجية وكفاحية مؤهلة لإنقاذ الوضع الفلسطيني من حالته الراهنة، والعمل بكل الوسائل الممكنة للضغط من أجل إنهاء حالة التخبط والتشرذم والتفكك والضياع التي وصلت إليها القضية الفلسطينية ولعزل الكيان الصهيوني وسياساته الإجرامية من خلال تعزيز الانتفاضة والمقاومة بكافة اشكالها .

لذلك نرى أن رسالة الجبهة اليوم في ذكرى الشهيد الفارس القائد ابو العباس، هي وفاء لدماء جميع الشهداء ورسالتهم وصيانة وصاياهم التي تركوها أمانة في أعناقنا جميعاً.. وهي وفاء لذكرى الثائر محمد الأسود " جيفارا غزة" ولقائدة عملية دير ياسين الشهيدة البطلة دلال

المغربي وللشهيد باسل الاعرج ولابطال عملية الشهيد كمال جنبلاط " عملية الطيران الشراعي " التي قّدمت للوطن أمثولة ستذكرها الأجيال الفلسطينية، ولشهداء جبهة التحرير الفلسطينية وفصائل الثورة الفلسطينية الذين امتشقوا السلاح ، وقاتلوا العدو على ارض فلسطين في البيارات والجبال والبيارات والشوارع ، هذا يتطلب من الفلسطيني المقيم في كل انحاء العالم ان تبقى بوصلته فلسطين ، فيجب ان لا يهادن ، ويتمسك بالمقاومة بكافة أشكالها لتحرير فلسطين، و يدفع الاحتلال الصهيوني الثمن باهظاً عن جرائمه التي ارتكبها بحق شعبنا.

التاريخ الفلسطيني حافل بالبطولات والمآثر، تاريخ خطت حروفه بدماء قوافل طويلة وطويلة جداً من الشهداء لا يمكن حصرها، دماء زكية روت ثرى فلسطين الغالية، وبلدان عربية شقيقة، دفاعاً عن فلسطين التاريخية ، وعن أراضي عربية مجاورة، وصوناً للشرف العربي ودفاعاً عن الكرامة العربية، وقدم الشعب الفلسطيني عبر العقود الماضية عشرات بل مئات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين، وعليه فليعذرنا ذوي الشهداء والجرحى والمعتقلين الذين لم نتناول سير حياة أبنائهم، ولو كنا نمتلك الإمكانيات لوثقنا وبدون تردد كل تلك القصص والحكايات، واليوم ليس عادياً للشعب الفلسطيني وقواه المناضلة عامة ً وخاصة في ذكرى استشهاد القائد والفارس ابو العباس، وكذلك لمن انتهج الثورة طريقاً الشهيد القائد جيفارا غزة، حيث لم يمنح هذا الرجل حقه وان لم ينصف تلك التجربة الفدائية الرائعة في قطاع غزة.. هذا الاسم الذي دب الرعب في قلوب الإحتلال وقياداته ، حيث افتخر به رفاقه وشعبه وأمته العربية ، كما افتخر بعملية الشهيدة دلال المغربي التي شكلت نقطة تحول مضيئة في سماء فلسطين.

في ظل هذه الظروف نكتب عن رجل من اعز الرجال وقائد من قادة الثورة الفلسطينية المعاصرة، وقاد مع الشهداء القادة لعقود، حروباً ونضالات، في الوطن والشتات، قائد وهب حياته لقضية بحجم قضية العرب الأولى، قضية فلسطين، لم يكن الاعتقال والاغتيال في معتقلات الاحتلال الصهيو امريكي في العراق بحاجة إلى دليل كي يهتدي لشمس تسطع في سماء الكفاح، بل كانت شمسه إغراء بالوصول إليه من عدو يحترف الحروب ويرفض التسويات ويكره البشر، نحن إزاء قائد شهيد، ظلت وصاياه كتابا مفتوحا للمناضلين وللجماهير، هكذا هو الفارس ابو العباس الذي كان لديه الحس السياسي والفهم المتميز لحركة المجتمعات وقوانين الصراع بروحية فكرية جمعية مقاومة ، فكان صمام أمانٍ وعامل تجسير بين النظرية والممارسة، بين الوطني والقومي، وبينهما وبين الاممي، دون أن يفقد البوصلة، ودون مغالاة في تقدير أهمية كل طرف من أطراف هذه المعادلة التي يتشابك فيها صراعنا الوطني ويشتبك أحيانا، فهو حين وطئت قدماه أرض فلسطين لحضور المجلس الوطني الفلسطيني، بدأ يتلمس الواقع الجديد، مؤكدا على ترتيب وضع جبهة التحرير الفلسطينية والعمل بحكمة ومسؤولية في حماية المصالح الوطنية للشعب الفلسطيني والنضال من اجل أهدافه العليا.

لم يفقد الشهيد القائد ابو العباس ثقته بالجماهير العربية واحزابها القومية والتقدمية، ولم يعبر عن قنوط منها، بل ظل مراهنا عليها، رغم جفاف الوضع العربي وتصحره، حيث اكد ان القوى العربية الشعبية قادرة أن تفشل المشروع الصهيوني الأمريكي الساعي لإخضاع الوطن العربي وتصفية قضيته المركزية، وحماية الأمة من عملية سلب إرادتها وثرواتها ، وهي قادرة على تبديد كل الأوهام حول سلام مزعوم مع قاتلي الأطفال وقاطعي الشجر وممتهني الكرامة الإنسانية.

ختاما: لا بد من القول ، هذا هو القائد ابو العباس صاحب العزيمة التي لم تلن والقائد الذي عركه الكفاح وعلمه فنون القيادة، وبعد الرؤية، والحرص الوطني، والانشداد للجماهير، لم يتعب، كما الشهيد باسل الاعراج ، لذلك نقول مشوارنا صعب، وطويل لكننا نسير بالاتجاه الصحيح وبيدنا بوصلة الرؤية السياسية والتنظيمية والفكرية والكفاحية، التي لن تجعلنا نتوه عن الطريق، هكذا تعلمنا من الشهيد القائد ابو العباس الذي خسرته فلسطين والأمة، فحين اغتالوه لم يختاروا عينة عشوائية لإشباع نهم الإجرام الدموي لديهم، أو حتى توجيه رسالة سياسية إلى طرف فلسطيني آخر، بل انتقوا ضحيتهم بعناية وهم يعرفون سلفا ماذا يمثل الشهيد ابو العباس لشعبه وانتفاضته ومقاومته.

بقلم / عباس الجمعة