فيديو الاعتداء على نساءً وفتيات في قرية سعير بالخليل

في 20.1.17، زهاء الساعة 14:00 ظهرًا، اشتبك جنود الاحتلال الاسرائيلي مع أطفال وفتية في قرية سعير الفلسطينية، الواقعة شمال شرق مدينة الخليل. رشقت مجموعة من الأطفال والفتية الحجارة على الجنود، وأطلق هؤلاء بِدَورهم الرصاص المعدني المغلف بالمطاط وقنابل الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت.

وحسب تقرير لمنظمة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية "وقفت سبع فتيات من عائلة جرادات بالقرب من أحد منازل العائلة يشاهدنَ الاشتباكات. أربع سيارات جيب تابعة لقوات الاحتلال وصلت إلى المكان، وبدأ الجنود الّذين نزلوا منها بمطاردة الفتية الّذين هربوا من المكان. كذلك قامَت بنات عائلة جرادات بالهروب.

ووثّق مصوّر وصل إلى المكان بالفيديو نهاية الحادثة، حيث يشاهَد جندي ملثّم من قوات "حرس الحدود" وهو يمسك بقوّة ذراع خديجة جرادات (13 عامًا)، بينما يقوم ضابط "حرس الحدود" بدفع والدتها التي كانت تحاول مساعدتها. وصوّرت الكاميرا الجندي يطلق سراح خديجة وويهاجم ابنة عمها، ضحى بدوي (20 عامًا)، موجّهًا ضرباته إلى رأسها.


تحقيق منظمة "بتسيلم" يبيّن أنّ سراج جرادات (28 عامًا) هربت مع ابنة عمّها سمر(10 أعوام) إلى منزل الأخيرة، حيث كانت ثلاث من أخوات سراج (هبة، 18 عامًا؛ شيرين، 17 عامًا؛ وكفاح 11 عامًا). أغلقت الفتاتان من خلفهنّ بوّابة ساحة المنزل الحديديّ ودخلن إلى البيت. وعندها، سمعتا طرقًا قويًا على باب المنزل . تفيد أقوال سراج وهبة أنّ جنود الاحتلال خبطوا الباب وركلوه إلى أن كسروا القفل ودخلوا إلى المنزل. لخوفهنّ من الجنود أخذت الفتاتان في الصراخ والتصقت واحدتهنّ بالأخرى. توجّه أحدهم إلى سراج، أمسك بكتفها وشدّها خارج المنزل. أخذت سراج تبكي وتصرخ، وقالت للجندي إنها لم تفعل شيئًا.

سراج جرادات, 28 عامًا. تصوير: منال الجعبري، بتسيلم، 21.1.17في إفادة قدّمتها في 21.1.17 لباحثة بتسيلم الميدانيّة، منال الجعبري، وصفت سراج جرادات ما حدث حينئذٍ:حاولت بنات عمي تخليصي من الجندي. التصقت سمر بي، صرخت وبكت، لكنّ الجنود (نحو خمسة أو ستّة) منعوا الفتيات الأخريات من الاقتراب منّي. في الوقت الذي أخذني فيه الجندي إلى الخارج وأنا أصرخ، رفعت هبة إبريق الماء البلاستيكي ورمته على ظهر الجندي. تركني الجندي وأخذ يطارد هبة. خافت هبة وركضت إلى إحدى الغرف وأقفلت الباب على نفسها من الداخل. ركل الجندي الباب – الخشبي - فكسره ومن ثمّ دخل إلى الغرفة. ضرب هبة بعقب بندقيته وركلها. عدت إلى بقيّة الفتيات، ومعًا حاولنا الوصول إلى هبة. لكنّ خمسة من الجنود وقفوا بالقرب من الباب ومنعونا من دخول الغرفة في الوقت الذي كان الجنديّ يهاجمها. غادر الجندي الغرفة وهبة وراءه شتمته، ثمّ أغلقت الباب مرّة أخرى، ولكن الجندي عاد ودفع الباب. كانت هبة تدفع الباب من الداخل والجندي يدفعه من الخارج.

ما فعله الجندي بعد اقتحامه الغرفة، تصفه هبة جرادات: كسر الجندي الباب الخشبي ودخل الغرفة حيث كنتُ مختبئةً وراء خزانة خشبية قديمة. ضربني بعقب بندقيّته مرّتين على ظهري، وركلني عدّة مرات. بعض الضربات أصابت الخزانة فانكسرت في عدّة مواضع. عندما غادر الغرفة، لم أتمالك نفسي من فرط غضبي لاعتدائه عليّ فشتمته. فجأة رأيته يعود. أغلقت على الفور الباب المكسور، وقفت خلفه ودفعته بقوّة من الداخل في الوقت الذي دفعه هو من الخارج. تمكن هو من فتح الباب، وأمسك بي بكلتي يديه وسحبني. وصل والدي، التصقتُ به وأخذ هو يدافع عنّي. استلّ الجندي عبوة رذاذ الفلفل ووجّهها إليّ، لكن والدي دفعه ودفع العبوة وصرخ عليه. سأله والدي لماذا يعتدي علينا، وقال له إننا فتيات، وكيف يُعقل أن يعتدي هذا الجمع من الجنود المسلحين على النساء والأطفال.

عندئذٍ، تركني الجندي وخرج مع بقيّة القوات. تبعناهم أنا وبنات عمّي، ورأينا جندياً ملثّمًا يعتدي على خديجة ويخنقها بذراعه، وبجانبه يقف ضابط "حرس الحدود". تقدّم والدي إلى هناك لكَي يحاولَ تخليصها.

من اليمين إلى اليسار: خديجة (13)، كفاح (11)، شيرين (17)، سمر (10)، أمل (17، شاهدت الاشتباكات برفقتهنّ) وسراج (28)


خديجة جرادات (13 عامًا) هربت إلى بيت العمّ جميل مع ثلاث من بنات عائلتها حين كنّ يشاهدن الاشتباكات، وهربت معهنّ ابنة عمّها ضحى التي كانت تنشر الغسيل بالقرب من المكان. أغلقت الفتيات الباب من خلفهنّ، لكن بعد أن سمعن انفجار قنبلة خارج الباب فتحنه وقلن للجنود أنّ المنزل فيه فتيات فقط. خارج المنزل، كانت القوات الاسرائيلية تطلق الغاز المسيل للدموع باتجاه الأطفال والفتية، فهرب هؤلاء من المكان. الجنود الذين وقفوا عند مدخل المنزل طلبوا من الفتيات أن يدخلن إلى المنزل ويغلقن الباب.


خديجة جرادات, 13 عامًا. تصوير: منال الجعبري، بتسيلم، 21.1.17في إفادة قدّمتها في 21.1.17 لباحثة بتسيلم الميدانيّة، منال الجعبري، وصفت خديجة جرادات ما حدث حينئذٍ: قبل أن أدخل المنزل، رأيت جندي ملثمًا يركض نحونا. كان غاضبًا وصرخ بالعربية: "هذه جاسوسة!". أصبتُ بالذعر ودخلت بسرعة إلى المنزل. لاحقني إلى الداخل وأمسك بي بقوّة من كتفي. قال لي: "أنت جاسوسة" وبدأ يجرنّي إلى الخارج. أخذت في الصراخ والبكاء، وحاولت بنات عمّي تخليصي منه. هنّ أيضًا بكين وصرخن، لكنّ الجندي واصل جرّي بعنف، وهو يلف يده حول عنقي. جرّني مسافة تبعد نحو ثلاثين مترًا عن المنزل وصولاً إلى سيارة الجيب التابعة "لحرس الحدود". لوى يدي خلفَ ظهري ولفّ ذراعه حول عنقي بحيث استصعبت أن أتنفّس، وألصقني إلى الجدار. حاولت أمّي وبنات عمّي، ضحى وسراج، تخليصي من الجنود، لكن ضابط  "حرس الحدود" أبعدهنّ عني. وصل أبي وحاول إقناع الجنود أنّنا فتيات ولا يُعقل أن نكون قد رشقنا الحجارة. وصل مصوّران وبدآ بتصوير ما يحدث. تمكّنت من الإفلات من يديّ الجندي، وعندها هاجم ضحى وضربها على رأسها.

بعد أن تدخّل إبراهيم جرادات، والد هبة وخديجة، وأبعد الفتيات والأمّ، ومنع ضابط "حرس الحدود" الجندي من مواصلة ضرب ضحى، غادر الجنود القرية دون أن يعتقلوا أحدًا. في الإفادة التي قدّمتها في تاريخ 21.1.17 روت هبة أنها لا تزال تعاني من آلام في ظهرها وفي أنحاء جسدها، جرّاء اعتداء الجندي عليها.

وحسب منظمة "بتسيلم" فان "السلوك العنيف من قبل قوات "حرس الحدود"، الذي اعتقلوا واعتدوا وضربوا نساء وفتيات، أصغرهنّ تبلغ من العمر 13 عامًا، يندرج ضمن" سلسلة طويلة من الحوادث التي وثقتها بتسيلم على مدار السنين، والتي استخدم خلالها جنود الاحتلال العنف ضد أطفال وفتية فلسطينيين. معتبرة أ تكرار الاعتداءات، إلى جانب عدم مساءلة مرتكبيها، لهو دليل على موافقة ذوي الرّتب العليا في الجيش، ولو عبر صمتهم وتغاضيهم عنها."

المصدر: الخليل - وكالة قدس نت للأنباء -