(( قبل الإسلام كنا قبائل متفرقة ترعى الغنم
جاء الإسلام فجعل منا أمة ترعى الأمم
تركنا ديننا فصرنا أغناماً ترعاها الأمم ))
هذه العبارة إنتشرت عبر وسائل التواصل الإجتماعي وقد تلقيتها في أكثر من مئة رسالة ولذا وجب التعليق:
الحقيقة أن هذه العبارة من أسوأ ما قرأت، لما تحمله من مضامين خبيثة ظاهرها الغيرة على الأمة وعلى الدين، وحقيقتها، الخبث الذي يدس السم في العسل، وهي جملة تقضي على الأمل بنهوض الأمة، وتربط كل شيء بالدين وتحمله ما لا علاقة له به.
فالأمة هي الأمة، العرب هم العرب، قديماً وحديثاً، قبل الإسلام وبعده، وقت الهزيمة، وقت الإنتصار، وقت التقدم والنهوض، ووقت التراجع والخمول.
فالإسلام دين حنيف يحض على التسامح والحلم، والتعاون والصفاء، يحض على المحبة ونبذ الفرقة والأحقاد، يحض على العلم والأخذ بأسباب البناء والعمل والنهوض والتقدم، فأي أمة أخذت بأسباب النمو والعلم والعمل والنهوض، بنت نفسها وتقدمت ونهضت سواء كانت مؤمنة بالإسلام أو غيره من المعتقدات، ما يؤكد على أن الأصل في ذلك هو الأخذ بالأسباب، وهنا يصدق قول الرسول الكريم: (اعقل وتوكل، ولا تتواكل).
إن تحميل ما نحن فيه من تخلف وفرقة لقربنا أو بعدنا عن الدين، هو تحميل ساذج خبيث، ليجعلنا في حالة شك في ديننا وتديننا، علماً أن إنتشار العلم بين العرب أدى إلى إنتشار الدين والتدين أكثر مما كنا عليه في عصر الجهل والأمية، ولكن عدم الأخذ بأسباب النهوض والتقدم جعلنا أمة متخلفة ومتأخرة عن بقية الأمم رغم تديننا وإلتزامنا بمبادئ ديننا الحنيف، فدب فينا الكسل والتواكل، وبتنا أمة متخلفة رغم تديننا وكثرة مساجدنا.
لذا فإن العبارة أعلاه، ليست صحيحة ولا في مكانها، وتحمل ما تحمله من تشكيك في إلتزامنا بعقيدتنا وإيماننا بديننا، وتصرف الأنظار عن الأسباب الحقيقية وراء ما نحن فيه من تخلف وتكالب للأمم علينا، فتستحق من نظري عنوان آخر هو أسوأ ما قرأت، وليس أجمل ما قرأت.
والله من وراء القصد،،،
بقلم/ د. عبد الرحيم جاموس