فقدان الأسير المحرر صابر أبو اللبن في أعقاب اصابته بمرض السرطان في الكبد ، وانتظار تحويلته وسفره ورحلة علاجه للخارج والعقبات التى واجهها بنقله من مستشفى إلى مستشفى بسبب نقص الأدوية ، وتعديل التحويلة وتغطيتها ، وعودته محمولا على الأكتاف ضحية المرض والحصار وتكلفة العلاج في دول أخرى متخصصة ، وحرمانه من العلاج في داخل دولة الاحتلال بسبب اعتقاله لمرتين كانت الأولى بعمر أربعة عشر عاما ، وتكملة لمشواره ورسالته أعتقد أننا أحوج ما نحتاج في فلسطين وقطاع غزة على وجه الخصوص لمستشفى متخصص بالأورام السرطانية ، كون أن كل الفلسطينيين مهددين في ظل انتشار المرض بصورة متزايدة ، حيث أن مرض السرطان يحل في أولى المراتب المسببة للوفيات اضافة إلى أمراض القلب والأوعية الدموية، وبلغت وفيات الفلسطينيين الناتجة عن السرطان ما نسبته 11.5% من مجموع الوفيات ، ويبلغ معدل الإصابة بالسرطان في فلسطين ما يزيد عن 80 حالة جديدة لكل 100 ألف نسمة من السكان سنويا .
كما نحتاج لمستشفى خاص لمرضى السرطان لأن عدد التحويلات الإجمالية من وزارة الصحة الفلسطينية للعلاج خارج مرافق الوزارة منها إلى المستشفيات في الأراضى المحتلة عام 1948 لربما يزيد عن 74683 تحويلة ، 53% منهم من الضفة الغربية، و47% من قطاع غزة، وبتكلفة تقدر ب 564 مليون و457 ألف شيقل في العام 2014 ، والعدد يزيد في العام 2017 ضمن آخر التقارير والاحصائيات .
كما نحتاج لمستشفى خاص لمرضى السرطان لأن دولة الاحتلال ، وبشكل غير انسانى ، وبلا رحمة ، قام جهاز أمنها الشاباك ، وضمن شهادات للمرضى بمراودة البعض منهم " العلاج مقابل التعاون " ، ونشرت صحيفة هآرتس العبرية فى 23 فبراير 2017 تقريرا عن منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان "الإسرائيلية" جاء فيه أن "الشاباك" يتعمد منع مرضى من السفر عبر معبر بيت حانون "إيرز"، واتهمت المنظمة جهاز الشاباك باستغلال حاجة المرضى لتحويلهم إلى مصادر للمعلومات وهو ما يخالف كل القوانين الدولية ، لافتةً إلى أنها ليست المرة الأولى التي تسيء فيها دولة الاحتلال معاملة المرضى بغزة .
نحن بحاجة لمستشفى متخصص في فلسطين وبالأخص في قطاع غزة بسبب الحصار وصعوبة فتح المعابر للسفر، ولأن هنالك مليون فلسطينى دخلوا المعتقلات والسجون الاسرائيلية وممنوعين من العلاج في مستشفيات داخل الأراضى المحتلة ومهددة حياتهم بالخطر ، كون أن الاحتلال يقيّد حركتهم وتنقلهم ، ومعطيات منظمة الصحة العالمية أفادت أن الاحتلال قلّص في العام 2016 عدد مرضى السرطان الذين سمحت لهم بتلقّي العلاج من قطاع غزة إلى الضفة الغربية أو أراضى ال 48 ، حتى أن أكثر من ثُلث المرضى لم يحصلوا على تصريح علاج ، ومنهم من لم تسجل عليه أى ملفات في سياق عملية المقاومة للشعب الفلسطينى .
نحن بحاجة لمستشفى فلسطينى متخصص بمرضى السرطان للحد من التوتر العصبي ، والرُهاب بأنواعه المختلفة، والقلق ليس خوفا من الموت بحد ذاته، و إنما من عوامل أخرى، تتضمن غالبا الخوف من الألم غير القابل للسيطرة، أو الخوف من تركهم وحيدين دون دعم ، أو من شعورهم بالحاجة و الاضطرار للاعتماد على الغير ، كما نحن بحاجة لمستشفى للتقليل من تلك التخوفات ، وغيرها أثناء إجراء الاختبارات و التحاليل الأولية للسرطان، أو حين انتظار المريض لنتائج الفحوص، و تلقى نبأ التشخيص والبدء بالمعالجات ، وبمعرفة نتائج الصور الطبية المطلوبة للاطمئنان على نتيجة الفحوصات و التحاليل المخبرية في أعقاب عمليات الجراحـة ، والعـلاج الكيمـاو ى والإشعـاعي ، والمنـاعي ، والمضاعفات المتأخرة لعـلاجات السرطان .
أعتقد أننا بحاجة ماسة لمشروع يعنى بحياة الانسان ، كونه أقدس ما في الوجود ، وأن على السلطة الفلسطينية والقوى الوطنية والاسلامية والمراكز والمؤسسات والهيئات الحقوقية والانسانية والصحية واجب الانتباه للتركيز على حياة أبناءها من خلال علاقاتهم بالدول المانحة والأصدقاء بما يزيد عن حاجاتها الأخرى على أهميتها في مجالات متنوعة .
بقلم/ د. رأفت حمدونة