الحرب الغير معلنة في غزة!

بقلم: وسيم وني

السياسة الاسرائيلية الجديدة التي ينتهجها الاحتلال من حين إلى آخر بحيث يبادر الاحتلال إلى قصف مواقع متعددة في قطاع غزة بشكل يكاد يكون روتيني على أراضي فارغة في بعض الأحيان والحجة وجود أنفاق للمقاومة  فيها وهذا الحال منذ سنوات  إلى الآن  والهدف الرئيسي فيه هو استنزاف المقاومة الفلسطينية في غزة والتلويح بالحرب بين فينة وأخرى  من خلال القصف  المكثف في بعض الأحيان والعنيف  بقنابل ارتجاجية  بالقرب من التجمعات السكنية لإرهاب أبناء شعبنا الفلسطيني وليعيد بهم بالذاكرة إلى  التاريخ الإسرائيلي الدموي في اجتياح المدن الفلسطينية ومسلسلات المجازر الاسرائيلية  .

والغريب بهذه الاعتداءات المتكررة هو خروج صواريخ من القطاع تقوم  بقصف لمواقع الاحتلال بحيث  لا يتبنى  أي فصيل من فصائل المقاومة الفلسطينية هذه العملية ،  ليعلن لاحقاً تبني إطلاق الصواريخ من جهات غير موجودة إلا على مواقع الإنترنت وهذا ما يشكك في أمرها ومقصدها وتوقيتها ومصدرها والمفارقة العجيبة وهي مدى هذه الصواريخ وسقوطها في أراضي فارغة عند السياج الحدودي مع القطاع وتكون بدون رؤوس تفجيرية وبلا تأثير ولا تصدر صوتاً كبيراً من شأنه دب الرعب لدى الاحتلال  .

والغريب العجيب هنا معرفة  سلطات الاحتلال بأن هذه الصواريخ لا تمت للمقاومة بصلة ، ولكن الاحتلال يخرج للإعلام بمقولة  أن هذه الصواريخ من صنع المقاومة في غزة ليبرر اعتداءاته وليستنزف  المقاومة في غزة .

ونتيجة هذه الاعتداءات والاستفزازات المتكررة للمقاومة في غزة فقد أعلنت المقاومة بأن صبرها بدأ ينفذ على اعتداءات الاحتلال وهذا الأمر دفع بسلطات الاحتلال بتحجيم الاعتداءات على القطاع خشية تفجر الوضع الذي من شأنه جر كيان الاحتلال إلى حرب  هو بغنى عنها في ظل الوضع العربي والدولي المسيطر .

وبما أن  الحرب واللاسلم الغير معلنة  بتفاصيلها المشار إليها ،  فإنها تبدو للمتابع  العادي لمجريات الأمور  وكأنها ممارسات منفصلة عن بعضها البعض أو تصرفات ارتجالية لا ناظم لها ، إلا أنها في حقيقة الأمر  تصرفات مرتبطة بعضها ببعض وهناك عقل شيطاني  مدبر يسيرها  ، وهي محل  توافق غالبية مكونات المجتمع الإسرائيلي ،  وهو تطبيق للرؤية الإسرائيلية للتسوية وشكل السلام القادم الذي تريده إسرائيل حسب رؤيتها ومقاسها   ، ويبدو أن الإدارة الأمريكية ليست بعيدة عن هذه الرؤية ، بل يمكن القول بأن الحرب واللاحرب  التي تمارسها إسرائيل مُستَلهَمَة من سياسة (الفوضى البناءة ) الأمريكية التي نشرتها  واشنطن وحليفتها اسرائيل في  المنطقة  العربية ، فمن خلالها  تخلط إسرائيل الأوراق لتُدخل خصومها في حالة من الفوضى والإرباك والحرب الداخلية ، وتخلق حالة من الإرباك عند العالم الخارجي ، الأمر الذي يساعدها على إعادة بناء الرؤية  السياسية  كما تريد..

كما أن ما تقوم به إسرائيل من حرب ضد أبناء شعبنا الفلسطيني  وخلط للأوراق وإثارة الفوضى على  الساحة الفلسطينية  يحتاج  لرد على نفس المستوى ومن نفس المستوى ، ويحتاج لسياسة فلسطينية تعمل على تجميع الأوراق الفلسطينية التي يحاول تمزيقها الاحتلال ،  وذلك  بتوحيد الرؤية والهدف وإنهاء حالة الانقسام السائدة بالصف الفلسطيني  ،  ما لم يحدث ذلك ستعوث  إسرائيل فساداَ  بقطاع غزة ومقاوميه حصارا وتدميرا واغتيالا وأخرها " اغتيال الأسير المحرر الشهيد مازن محمد سليمان  فقهاء والتي اغتالته أيادي اسرائيل في غزة "   ، وستنفرد بالضفة الغربية والقدس استيطانا وتهويدا بدون أي رادع ، ومما لا شك أن حركات المقاومة الفلسطينية  في القطاع واجهوا وسيواجهون العدوان كما هو عهدنا  بشعبنا الذي قدم ويقدم الغالي في سبيل تحرير فلسطين . 

وأخيرا  ما دام الاحتلال قائما دون حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي ،  وما دام الانقسام الفلسطيني قائما وحاضراً  ، وحتى مع وجود وقف لإطلاق النار أو تهدئة او هدنة ...  فإن انزلاقا جديدا نحو التصعيد العسكري في القطاع قد يحدث في أية لحظة وإن  إسرائيل المعنية بإبعاد الأنظار عن الضفة والقدس و القطاع و عن فشل المفاوضات والمعنية باستمرار فصل غزة عن الضفة ،  ليس المهم إن أسميناها حربا غير معلنة  ولكنها في النتيجة تسبب  مزيدا من المعاناة لأهلنا في القطاع ولمجمل القضية الفلسطينية.

بقلم/ وسيم وني