تموج المنطقة والمحيط الدولي بسيل من المقترحات التي تستهدف الضغط على الجانب الفلسطيني ، ويحاول نتنياهو بدسائسه المعهودة تمرير المشاريع الإسرائيلية للتصفية التدريجية للقضية الفلسطينية عبر قنوات إقليمية ودولية.
ولا بد للفلسطينيين ومن يتحدثوا باسمهم أن يتحلوا باليقظة تجاه محظورات خطرة تجري محاولات دبلوماسية للترويج لها.
أول المحظورات ،محاولات الالتفاف على مطلب الوقف الشامل للاستيطان، بالحديث عن وقف إنتقائي مؤقت، يستثني القدس وما يسمونه بالكتل الإستيطانية و "النمو الطبيعي" .
هذه لعبة قميئة لعبها نتنياهو في السابق، ولا يجوز التعاطي معها، فاما وقف شامل وكامل ومطلق للاستيطان بكل أشكاله بما في ذلك في القدس وسائر أرجاء الأراضي المحتلة، أو رفض خديعة استمرار الاستيطان بأساليب ملتوية ،ولا يجوز خداع النفس بهذا الشأن.
المحظور الثاني ، محاولات تمرير تطبيع إسرائيلي مع الدول العربية على حساب القضية الفلسطينية ودون تلبية حقوق الشعب الفلسطيني وطرح إطار اقليمي للتفاوض كبديل للإطار الدولي.
ورفض العرب للتطبيع صار واجبا ملحا خاصة بعد أن أصبح مطلوبا تبني القمة العربية القادمة لتقرير الاسكوا حول نظام الأبارتهايد وتنفيذ توصياته بفرض المقاطعة على نظام الأبارتهايد الاسرائيلي والتكاتف من أجل إسقاطه.
المحظور الثالث، التعاطي مع الرواية الإسرائيلية التي تدعي أن جوهر المشكلة هو ما تسميه " التحريض والارهاب الفلسطيني " ، للتغطية على جذر المشكلة الكامن في الاحتلال والتهجير القسري للفلسطينيين ونظام الأبارتهايد الذي أخضعوا له.
وأعجب الأمور أن يتحدث بعض المبعوثين الدوليين عن " التحريض" الفلسطيني، ويتناسوا طوفان التحريض الإجرامي الذي يقوم به الساسة والحاخامات والعسكريون الاسرائيليون.
والتحريض الإسرائيلي لا يقتصر على الكلام بل يترجم الى تنفيذ معلن لجرائم الاعدام الميداني كما جرى للشهيدين محمد الخطاب في الجلزون وباسل الأعرج في قلب رام الله.
أما حق الفلسطينيين في مقاومة الظلم والدعوة للحرية والتحرر فليس تحريضا بل واجب أخلاقي وانساني ومن لا يتمسك به يتخلى عن شرفه الوطني والإنساني.
المحظورالرابع، الرضوخ للضغوط الشرسة لمنع السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية من القيام بواجبها في رعاية أسر الشهداء والأسرى والأسيرات.
ومن يمارس هذه الضغوط يريد دفع المسؤولين الفلسطينيين الى ممارسة العقاب الجماعي ليس فقط ضد المناضلين من أجل الحرية بل وضد عائلاتهم وأسرهم، وهو أمر مخالف أصلا للقانون الإنساني والقانون الدولي كما هو مناقض للأخلاق الوطنية.
المحظورالخامس، قبول الترويج لبعض التحسينات والمعونات الإقتصادية كبديل للحل السياسي ولانهاء الاحتلال . وهذا أسلوب استخدم مرارا في السابق وفشل، بحكم أن جذر معاناة الشعب الفلسطيني الاقتصادية يكمن في استمرار الاحتلال والاضطهاد العسكري ونظام الابارتهايد والتمييز العنصري.
المحظور السادس، محاولات حصر دور السلطة الفلسطينية في التنسيق الأمني وما يسمونه "الشراكة الأمنية" و الترويج لقمع نضال الشعب الفلسطيني من أجل الحرية . وهذا أمر لا يمكن لعقل وطني أن يقبله أو يتخيله.
أما المحظور السابع والأخطر ، فهو تمرير الفكرة ،التي أفشلها الشعب الفلسطيني سابقا، والتي تروج لما يسمى بالدولة المؤقته على معازل وبانتوستانات مقطعة الأوصال بغرض توفير فرصة لضم أكثر من نصف الضفة الغربية لاسرائيل ومستوطناتها.
لسنا ضد الجهد الدبلوماسي ما دام ملتزما بالثوابت الوطنية، ولكن من الواجب تعميق الادراك الاستراتيجي ، بأننا لسنا في مرحلة حل مع إسرائيل وحكوماتها، بل في مرحلة نضال وصراع من أجل البقاء.
ولا قيمة لمفاوضات تبدأ قبل اقرار إسرائيلي واضح بالاستعداد لإنهاء الاحتلال بالكامل ووقف شامل وكامل للاستيطان بما في ذلك في القدس.
ولن يكون حل قبل أن نغير ميزان القوى لصالحنا بنضالنا ، وأول خطوة نحو تغيير ميزان القوى هي تحقيق الوحدة الوطنية ،وتجاوز الانقسامات ،وبناء قيادة وطنية موحدة وتبني استراتيجية كفاحية مشتركة.
بقلم/ د. مصطفى البرغوثي