إن ما يحدث اليوم في سرادق العزاء في بلادنا ، وفي مجتمعنا العربي ،من هرج ومرج ، لهو أمرٌ رهيب وما انزل الله به من سلطان ... فحدث ولا حرج ،من أحاديث اللغو، وتعالي الضحكات والابتسامات وكأنها جلسة سمر أو حفلة عُرس...! لطالما بعدنا كثيرا عن تعاليم ديننا الحنيف... فالله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز " وما جعل عليكم في الدين من حرج " فأين نحن من تلك الآية بالله عليكم ...؟!
لما سألت عائشة رضي الله عنها الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية ،قال هو الضيق .
ما جعلني أتطرق لهذا الموضوع ، هو تلك العادات والتقاليد الرديئة التي أطلت علينا بوجهها القبيح منذ زمن ٍ ليس ببعيد ،وانتشرت كانتشار النار في الهشيم ، فما أن يموت الميت ، وإلا ويبادر البعض بالهمس في أذن ِ أهل الميت سواء من المقربين أو الجيران أو غيرهم ، بضرورة الإعداد لوجبة الغذاء للذين يقومون بتشييع الجنازة ،أو المعزيّين وإلا فالفضيحة لا محالة ستلحق بأهل المتوفى ،مع التهجم والتطاول ،واتهامهم بالباطل بالبخل ،وسوء الأدب وعدم إكرام الضيف ...! مما يدفع أهل المتوقي إلى الوقوع في الدين ،لتحقيق ذلك ، رغم المصيبة أو البلاء الذي أحل بهم ورغم ظروفهم الحياتية الصعبة ...وأقول للذين يتبعون الوشاية أين نحن اليوم من تلك السلوكيات الشاذة ، وقد ثبت عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- وهو ابن عمه لما قتل في مؤتة في الشام لم يقل النبي يا أهل جعفر اصنعوا الطعام للذين أحلوا بكم لمواساتكم ...! بل قال النبي لأهله: (ابعثوا لأهل جعفر طعاماً، فقد أتاهم ما يشغلهم)، فأمر أهله أن يبعثوا إليهم طعاماً مصنوعاً، لأنه أتاهم ما يشغلهم،فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل حتى ابعثوا لأهل جعفر طعاما وهم يصنعونه أو يطبخونه ...بكل أسف أني أرى وبرؤيتي الضيقة في المستقبل القريب أن هناك أقوامٌ ستحل علينا ،يوما ..ما ،بسلوكيات أكثر سلبية وشذوذا حيث يتهمون فيها أهل الميت بالبخل إن لم يقدموا مع وجبة الغذاء علب الكولا وصواني الحلويات و... الخ ، إلى متى نضيّق على أنفسنا ،وماذا تركنا لبني إسرائيل الذين يسر الله عليهم سبحانه ،بأن يذبحوا بقرة ...أي بقرة ...!،لكنهم لما ضيّقوا على أنفسهم ،ضيّق الله عليهم ،والمخرج لتلك المسألة هو التمرد المحمود ،والتصدي لمثل تلك العادات فما المشكلة ،إذا أوعظ أهل الميت للشيخ أن يبلغ المشيعين، عند القبر أن العزاء من بعد صلاة العصر لمدة ثلاث أيام ، وعلى أن يخرج أهل الميت صدقة ، عن الميت بالطريقة والأوقات التي تناسبهم لكن هل يمكن أن يتجرأ الكثير من الناس في بلاد العرب أوطاني ،وهناك شرذمة من القوم يصرون على المساءلة عن لون البقرة وبيانها بعدما تشابه البقر عليهم ...!
بقلم /حامد أبوعمرة