في الوقت الذي قررت به حكومة الاحتلال الإسرائيلية، الاستيلاء على ما يقارب (977) دونما من أراضي المواطنين الفلسطينيين جنوب نابلس بالضفة الغربية وتحويلها لأراضي حكومية،صادق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر "الكابينيت"، على بناء مستوطنة جديدة لصالح سكان بؤرة "عامونة" العشوائية التي تم إخلائها الشهر الماضي .
و المستوطنة الجديدة ستقام في منطقة وادي شيلو قرب مدينة نابلس وستكون المرة الأولى التي ستقام فيها مستوطنة جديدة كاملة في الضفة الغربية منذ 20 عاما ويعيش حوالي 400 ألف مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية التي يسكنها أيضا 2.8 مليون فلسطيني .
قرار حكومة الاحتلال الذي جاء بموافقة كاملة من الكابينت " مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي"، يمثل ضربة موجهة قبل لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس و الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أوائل الشهر الحالى وسيلتقي ترامب أيضا في الفترة نفسها كلا من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الاردني عبد الله الثاني .
تفاهمات أمريكية إسرائيلية لمواصلة الاستيطان..
هذا وقالت القناة الثانية العبرية مساء أمس إن إسرائيل والإدارة الأمريكية توصلتا إلى تفاهمات غير مكتوبة تسمح لحكومة نتنياهو بمواصلة البناء داخل جميع مستوطنات الضفة لكن ضمن الحدود القائمة لتلك المستوطنات.
وأشارت القناة أن هذه التفاهمات لاقت ترحيبا واسعا لدى اليمين في إسرائيل.
وفي ذات السياق أضافت القناة نقلا عن مسؤول أمريكي رفيع المستوى أن إدارة ترامب تلقت قرار الكابينت بإقامة مستوطنة جديدة لمستوطني بؤرة "عامونة"، بتفهم.
يذكر أن الكابينت اتخذ الليلة قبل الماضية قرارا بالإجماع يقضي بإقامة مستوطنة جديدة شمال الضفة بدلا من بؤرة "عامونة"الاستيطانية التي أُخليت من ساكنيها مؤخرا، وقرارا آخرا بمصادرة أكثر من 900 دونم من أراضي الضفة الغربية، وقرارا ثالثا بتسويق 2000 وحدة استيطانية من أصل 5000 أعلنت الحكومة الإسرائيلية الانتهاء من بنائها.
استرضاء المستوطنين
و اعتبرت حنان عشراوي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إن إعلان إسرائيل عن بناء أول مستوطنة جديدة بالضفة الغربية ، يثبت أن"الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنامين نتنياهو ملتزمة باسترضاء المستوطنين غير القانونيين أكثر من الالتزام بشروط الاستقرار والسلام العادل."
ودعت عشراوي وفق ما رصده تقرير " وكالة قدس نت للأنباء" ، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إلى ضمان امتثال إسرائيل لقرارات مجلس الأمن، بما في ذلك قرار مجلس الأمن 2334. وقالت: "لقد آن الأوان على المجتمع الدولي العمل بجدية لخدمة قضية السلام والعدل والاتجاه نحو إجبار إسرائيل على الكف عن أنشطتها الاستيطانية غير الشرعية والأحادية ووقفها نهائيا" .
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن المستوطنين الذين تم إخلاؤهم من "عامونة" رحبوا بقرار المجلس الوزاري المصغر، واعتبروه نصرا لهم، أما عضو الكنيست تسيبي ليفني من "المعسكر الصهيوني" المعارض، فقالت إن بناء المستوطنة الجديدة سيعيق التوصل لاتفاق سلام مع الفلسطينيين.
والشهر الماضي، تعهد نتنياهو بإقامة مستوطنة جديدة في "القريب العاجل" لإسكان العائلات التي تم إجلاؤها من بؤرة "عامونة" ، وكان يقيم في بؤرة "عامونة" المخلاة، ما بين 200 إلى 300 مستوطن.
وفي ديسمبر/كانون أول 2014، أوعزت المحكمة العليا (أعلى هيئة قضائية في إسرائيل) إلى الحكومة بإخلاء "عامونة" في غضون عامين، بعد ثبوت إقامتها على أراض فلسطينية خاصة، خلافا للقانون.
والشهر الماضي، أنهت الشرطة الإسرائيلية عملية إخلاء "عامونة" بعد أن تمكنت من اقتحام الكنيس اليهودي، الذي تحصن به عشرات المستوطنين الرافضين لعملية الإجلاء
خيبة أمله و عقبة أمام السلام
البيت الأبيض من جهته عبر عن شعوره بالقلق بعد قرار الكابينت الإسرائيلي بناء مستوطنة جديدة شمال الضفة الغربية بدلاً من مستوطنة "عمونا" قائلا" لا يساعد على دفع عملية السلام إلى الأمام، وطالب "إسرائيل" بضبط نفسها".
كما أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إدانته لجميع الأعمال الأحادية، ومنها القرار الإسرائيلي الأخير ببناء مستوطنة جديدة في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وذكر بيان صحفي منسوب للمتحدث باسم الأمين العام أمس ، إن تلك الأعمال الأحادية تهدد السلام وتقوض حل الدولتين.
وأبدى الأمين العام خيبة الأمل والقلق إزاء هذا القرار. وذكر البيان أن الأمين العام شدد مرارا على عدم وجود خطة بديلة للإسرائيليين والفلسطينيين للعيش معا بسلام وأمن.
وأكد البيان الصحفي أن الأنشطة الاستيطانية غير قانونية وفق القانون الدولي، وتمثل عقبة أمام السلام.
ومنذ دخول ترامب الى البيت الأبيض، أعلنت إسرائيل عن المصادقة على بناء نحو 6000 وحدة سكنية في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية وشرقي القدس، إضافة إلى تشريعها قانوناً بسلب الأراضي الفلسطينية لصالح الاستيطان، نظرا لدعم ترمب إسرائيل واعتباره أن الاستيطان لا يشكل عائقاً أمام التوصل لسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
المستوطنات مقامة على ملكيات خاصة
الخارجية الفلسطينية من جهتها قالت إن سلطات الاحتلال لم تكتف بمصادرة الأراضي المصنفة "أراضي دولة" وتحويلها للاستيطان بل تقوم بالاستيلاء على الأراضي الفلسطينية الخاصة وتحويلها لأراضي دولة بهدف بناء مستوطنات جديدة أو توسيع مستوطنات قائمة، بحيث أن أكثر من 48% من الأراضي المقامة عليها المستوطنات هي ملكيات خاصة للفلسطينيين. ولتشريع ذلك أقدمت سلطات الاحتلال على سن تشريعات عنصرية وغير قانونية ومخالفة للقانون الدولي لمواصلة سرقتها للأرض الفلسطينية تحت مسميات وذرائع مختلفة لتحولها لاحقا لصالح المستوطنات.
وقالت الوزارة وفق تقرير "وكالة قدس نت للأنباء" "أنها اذ تحرص أن تطلع إدارة الرئيس ترامب على الإجراءات غير القانونية التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية لمصادرة الأرض الفلسطينية، فإنها تعتبر أن قرار نتنياهو مصادرة أكثر من ألفي دونم لبناء هذه المستوطنة واستكمال إجراءات تشريع بناء أكثر من 7000 وحدة استيطانية جديدة هو تحد كبير وغير مسبوق لإرادة المجتمع الدولي، وخاصة قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334.
من جهتها قالت حركة حماس:" إن إسرائيل تتمرد على القرارات الدولية "الرافضة للاستيطان" ، وقال حازم قاسم، الناطق باسم حركة "حماس"، في تصريحات صحفية :" هذا القرار يؤكد مواصلة إسرائيل أعمالها خارج إطار القانون الدولي".
وتابع:" وهو استمرار للسياسة العنصرية التي ينتهجها الاحتلال، بتهجير الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم".
وبيّن أن القرار الإسرائيلي "يضع الرؤساء العرب المشاركين في القمة العربية، أمام تحد حقيقي، إذ تُصرّ إسرائيل على عدوانها إزاء الشعب الفلسطيني، وتنكرها لحقوقه".
هذا و استنكرت منظمات حقوق الإنسان في إسرائيل إقدام حكومة نتنياهو على هذه الخطوة، و قالت منظمة ييش دين الإسرائيلية :"إن قرار مجلس الوزراء هو استمرار لسياسة الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية ، بينما وصفت حركة السلام الآن الإسرائيلية: "نتنياهو أسير لدى المستوطنين ويضع بقاءه السياسي فوق مصالح دولة إسرائيل".
وأضافت: "بإذعانه لضغط المستوطنين، يقود نتنياهو الإسرائيليين والفلسطينيين إلى حقيقة دولة واحدة وتفرقة عنصرية".
وجاءت الموافقة على المستوطنة الجديدة رغم طلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من نتنياهو في منتصف شباط/فبراير بـ"التوقف عن بناء المستوطنات".
