أكد المتحدثون والمشاركون في مؤتمر سوا "أجيال تحت مطرقة الإباحية" عبر عدة توصيات أهمها إدراك الشخص المدمن على الإباحية لوضعه والتوجه مباشرة للعلاج النفسي، توعية الأهل بدورهم في التحدث مع أطفالهم، تركيز وزارة التربية والتعليم على النشاطات اللامنهجية، وضرورة مواجهة الحقائق والجرأة في التحدث عن هذا الموضوع بدون الخجل.
جاء ذلك في مؤتمر سوا الثاني عشر تحت عنوان "أجيال تحت مطرقة الإباحية" الذي عقد في مقر جمعية الهلال الأحمر بمشاركة خبراء محليين ودوليين، وبحضور جمع غفير من المشاركين من مختلف المؤسسات الرسمية و المحلية و الدولية.
افتتحت المؤتمر المدير العام لمؤسسة سوا أهيلة شومر وقالت: " أظهرت دراسة تحليلية عام 2010 عدداً كبيراً من النتائج حول أن استهلاك كمية كبيرة من المواد الإباحية لدى الذكور يرتبط بممارستهم لعنف أكبر ضد النساء وبالأخص العنف الجنسي مثل الاغتصاب، وقد أظهرت الدراسة ازدياد هذا الارتباط عند احتواء المحتوى الإباحي نفسه على مشاهد عنف ضد النساء ".
وقد شارك في المؤتمر المستشار النفسي الدكتور جواد فطاير حيث تطرق لمفهوم الإباحية وتأثيرها على الصحة النفسية والسلوك الاجتماعي للفرد، وقال " تناول المؤتمر ظاهرة وقضية مهمة وكبيرة، والتي هي تأثير الإباحية على الأطفال والشباب كل يوم، ولاحظت أن الجمهور كان متحمس ومهتم حيث الأسئلة لم تكن تنتهي وأشار النقاش إلى التفاعل والقلق الشديد والاهتمام بالموضوع."
وأضاف الدكتور فطاير: "غطى المتحدثون الأبعاد الرئيسية للقضية وتبادلوا وجهات نظرهم وخبراتهم الميدانية."
وبين فطاير إعجابه بعمل المؤسسة وشعورها بالمسؤولية المجتمعية وشجاعتها لتسليط الأضواء على قضية مهددة وخطيرة وتؤثر على السلام المجتمعي ومستقبل الشباب.
ومن جهته تحدث أستاذ الإعلام الاجتماعي الدكتور محمد أبو الرب عن التأثير الخفي للرسائل الإيحائية على مخيلة الأطفال قائلا" إن التوعية بخطر الإباحية على الأطفال باتت مسألة ملحة واهتمام مؤسسة سوا بطرح القضية يجب أن يتبعه اهتمام مؤسساتي ورسمي كبير" وأضاف:" المؤتمر نجح في التنبيه لتصاعد المشكلة وخطورة الرسائل الإباحية بشقيها الإيحائية والمضمنة والتي لا يكاد يخلوا منها أي محتوى إعلامي."
وبدورها عبرت المستشارة التربوية سريدة منصور أن على الأفراد والأهالي محاورة أبنائهم حول المحتويات المختلفة من الصور والفيديوهات وأفلام الكرتون ورفع الوعي المجتمعي حوله، والاعتراف بأن هذا الواقع الذي يفرضه وجود التكنولوجيا وما أفضت عنه من أجهزة الحواسيب والتلفاز هو واقع افتراضي لا مناص منه.
واوضحت المدير العام لمؤسسة سوا أهيلة شومر مفهوم السلوك الاجتماعي والذي يرتبط ارتباطا كبيرا باحترام الانظمة عند قيام الافراد بتنفيذ اي نشاط، وكيف يؤثر الإدمان على الاباحية بسلوك الفرد الذي ينعكس بدوره على المجتمع، وكيف ان هذه السلوكيات قد تؤدي الى ازدواج في الشخصية، وقالت "لا نقصد هنا الازدواجية المرضية وانما اختلاف السلوك المنفذ من قبل الفرد عن اقواله ومعتقداته" وأضافت" أن أثر مشاهدة الاباحية على زيادة العنف الاسري كبير جدا، وان بداية الطريق لمعالجه هذه المشكلة يكون من خلال الاعتراف بوجود هذه الآفة".
وأشارت أهيلة شومر أن مصدر الفكرة هو الواقع الذي نلامسه، وقالت:" نحن من خلال عملنا سواء في خط حماية الطفل أو العمل الميداني، تطرح أسئلة عديدة عن هذا الموضوع بالأخص، وهذا ما يدفع سوا دوما لاختيار المواضيع والحساسة والممنوعة مجتمعيا وتبدأ بتقديم سبل الوقاية والعلاج لها".
وأكدت أهيلة على أن المؤتمر حقق أهدافه المرجوة حيث تم التعارف على الأمور المخفية، وتم التطرق لتأثير الإباحية على العنف الأسري والعنف الجنسي وحتى النظرة للمرأة. ذلك لأن معظم الأشخاص الذين يقومون بالعمل في مجال الإباحية هم أشخاص متاجر فيهم ولا يستمتعون بذلك وما يقومون به ليس عمل طبيعي.
ومن جانبها تحدثت الاخصائية الاجتماعية حنان شحادة عن بداية انطلاق منتدى الجنسانية وزاوية عندي سؤال في الموقع الالكتروني للمنتدى والذي يستقبلون من خلاله جميع الاسئلة التي تتعلق بالجنسانية ويقوم المتخصصين العاملين عندهم بالإجابة عليها، كما انها تحدثت عن نوعية الاسئلة التي يقومون بتلقيها والتحديات التي تواجه العاملين في هذه الزاوية. وقالت حنان: " مشاركتي بالمؤتمر كانت تجربة مميزة وجديدة بالنسبة لي. المكان، الحضور، القائمين على المؤتمر، وكل تفصيلة صغيرة كان لها اثر كبير ودور اكبر على انفعالي عند الوصول."
وأضافت " عندما جلست على الطاولة رأيت القاعة من زاوية جديدة، التحدي بات أكبر وخاصة انني كنت آخر المتحدثات، وكل كلمة قيلت في المداخلة خرجت مني كانت من مكان اخر يختلف تماما عن الورقة التي حضرتها، الكلمات والمداخلة كانت من وحي المؤتمر، ومن الجو العام السائد ومن قلب عملنا اليومي في المنتدى".
وقد تخلل المؤتمر عرض بلاي باك لمسرح انسمبل فرينج الناصرة، حيث تم بداية طرح الأسئلة على الحضور والاستماع لقصصهم المتعلقة بموضوع الإباحية، ومن ثم تبعه قيامهم بتمثيل تلك القصص الواقعية بطريقة كوميدية على مسرح المؤتمر.
وأشار المستشار القانوني في المؤسسة المحامي جلال خضر إلى بعض الإحصائيات في القضاء الشرعي، 13% من حالات الطلاق تمت بسبب موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك"، وقال المجامي جلال:" الفيسبوك مهدد لوحدة الأسرة والسلامة المجتمعية". وتطرق الأستاذ خضر إلى سبل الوقاية من الإباحية وقال: " الوقاية هو عن طريق التوعية والتربية وليس من خلال القمع والمنع". وأضاف:" سلط المؤتمر الأضواء على العديد من المخاطر التي لا يدركها الناس، فالناس يدركون فقط ما يروه بالعين."
واختتم بالقول أن المؤتمر قام بتأدية هدفه وهو عرض المشكلة، وتمنى في المستقبل القريب التركيز على وسائل الوقاية والعلاج من إدمان الإباحية مشيراً أنه يحتاج إلى عمل طويل مع الأهل والمربين والأجيال الشابة أنفسهم".
وعبر أحد المشاركين عن سعادته للمشاركة وحضور المؤتمر، وقال: "ما يميز سوا هو طرحها لعدة قضايا متميزة وحساسة، فكرة الموضوع رائعة تهم مجتمعنا ويجب التوعية بخصوصها حتى يكون هناك تنشئة وتربية سليمة"، وأضاف: "التنظيم والاستقبال والمتابعة مع الحضور كان ممتاز، واختتم بالقول:" أتمنى المشاركة المستمرة في مؤتمرات سوا الرائعة".
