حول جنود الإحتلال الإسرائيلي مدينة القدس المحتلة إلى ثكنة عسكرية بكل ما تحمله من معنى، ونشرت شرطة الإحتلال الحواجز وعناصرها وأغلقت الطرقات، وشنت حملات مداهمات اعتقالات بين صفوف المواطنين المقدسيين.
كل هذه الانتهاكات التي ترتكبها شرطة الإحتلال كانت تحت مسمى الاحتياجات الأمنية خوفا من حدوث عمليات فدائية في مدينة القدس المحتلة، وذلك بالتزامن مع دعوات من قبل منظمات الهيكل المتطرفة لتنفيذ اقتحامات واسعة للمسجد الأقصى المبارك تزامنا مع ما يسمي "تمرين الذبيحة بعيد الفصح".
وقد استغلت حكومة الإحتلال هذه الذريعة لتنفيذ جرائمها من خلال دعوات عامة للمستوطنين المتطرفين للمشاركة المكثفة بالاستمرار لتنفيذ هذه الاقتحامات يوم الخميس القادم ووزعت عشرات المنشورات والدعوات من اجل ذلك في منطقة القصور الأموية المُلاصقة لجدار المسجد الأقصى المبارك الجنوبي.
وستكون هذه الفعاليات المتطرفة وفق ما رصده تقرير "وكالة قدس نت للأنباء" في باحة حائط البراق، وأخرى في البلدة القديمة بمدينة القدس، فضلاً عن محاولة استهداف المسجد الأقصى باقتحامات واسعة ومحاولة أداء طقوس تلمودية بهذه المناسبة."
وتزامنت هذه الدعوات، مع تنفيذ نحو 1800 عملية وتدنيس خلال شهر آذار، تخللها محاولات متكررة لأداء طقوس تلمودية في أنحاء متفرقة من المسجد الأقصى المبارك وكذلك تنفيذ 160 عملية اعتقال بحق المقدسيين خلال آذار/ مارس الماضي في كافة أحياء وقرى القدس المحتلة، وفق ما أفادت به إحصائية صادرة عن لجنة أهالي الأسرى المقدسيين، فظلا عما قاله وزير الأوقاف والشؤون الدينية يوسف ادعيس بأن الاحتلال الإسرائيلي وأذرعه ارتكب أكثر من 99 اعتداءً وانتهاكًا بحق المسجدين الأقصى والإبراهيمي ودور العبادة خلال آذار /مارس المنصرم.
الأخطر على مستقبل المدينة المقدسة
وأمام هذه الجرائم حذرت شخصيات سياسية فلسطينية من مغبة هذه الاقتحامات، وأوضح عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس دائرة شؤون القدس، أحمد قريع "أبو علاء" أن هذه الخطوات والإجراءات التي تقوم بها حكومة الاحتلال الإسرائيلي بدأت تنتقل لمرحلة هي الأخطر على مستقبل المدينة المقدسة، من خلال إعطاء الضوء الأخضر لغلاة المستوطنين واليهود المتطرفين بالدخول إلى المسجد الأقصى المبارك واستباحة ساحاته الطاهرة والقيام بأفعال مشينة تخدش قدسية المكان وتنتهك حرمته.
وعبر رئيس دائرة شؤون القدس، عن رفضه الشديد لما آلت إليه الأوضاع في المدينة المقدسة جراء الممارسات التي تنفذ بتخطيط إسرائيلي مدروس، والتي ستأخذ منحاها السياسي الممنهج، حيث أن الاقتحامات اليومية المتكررة لباحات المسجد الأقصى المبارك تنفذ بحماية أعداد كبيرة من عناصر شرطة ومخابرات الاحتلال الإسرائيلي الذين يمنعون المسلمين والمقدسيين من التواجد في المسجد الأقصى ويقيدون حركتهم أثناء اقتحام هذه المجموعات الاستيطانية للأقصى.
صبري: شد الرحال ضرورة وطنية ودينية
حيث أكد عكرمة صبري رئيس الهيئة الإسلامية العليا في فلسطين، أن جماعات المستوطنين تستغل موسم الأعياد المتكررة من اجل زيادة وتيرة الاقتحامات للمسجد الأقصى المبارك.
وأوضح صبري في تصريح لـ"وكالة قدس نت للأنباء"، الاقتحامات المتكررة من قبل قطعان المستوطنين للمسجد المبارك إنما تؤكد أطماع الاحتلال فيه، محذراً في الوقت ذاته من خطورة المساس بالمسجد.
وشدد على أهمية مشاركة فلسطينيي الداخل المحتل في إعمار المسجد الاقصى في الوقت الذي يغيب الاحتلال فلسطينيي قطاع غزة بسبب الحصار المفروض على القطاع ووقوف الحواجز عائقا أمام وصول سكان الضفة.
ودعا صبري المسلمين في جميع أنحاء العالم لشد الرحال للمسجد الأقصى، للحفاظ عليه وإعماره لإفشال مخططات الاحتلال لتقسيمه مكانيا وزمانيا.
ومن المقرر أن تقوم ما تسمى "بمنظمات الهيكل المزعوم" بالمشاركة الواسعة في اقتحامات جماعية للمسجد الأقصى بدءا من يوم الخميس المقبل.
حرب دينية وشيكة
من جهته قال المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، خطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ محمد حسين، أن دعوات ما تسمى بمنظمات الهيكل اليهودية المتطرفة لاقتحام المسجد الأقصى المبارك بالتماهي مع سلطات الاحتلال هو إمعان في تجاوز القوانين والأعراف الدولية جميعها والتي كان آخرها قرار اليونسكو بخصوص المسجد الأقصى المبارك.
وأوضح أن استمرار الاعتداء على المقدسات الفلسطينية، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك، يحوّل المنطقة إلى قنبلة موقوتة، وينذر بحرب دينية وشيكة، ومن ثم إلى نتائج لا يمكن التكهن بمداها وعواقبها، محملاً سلطات الاحتلال المسؤولية التامة عن ذلك.
وتابع، أن هذه الممارسات من قبل المستوطنين تتنافى مع التعاليم السمحة التي تدعو إليها الديانات السماوية، مديناً مظاهر الحقد والكراهية والعنصرية التي يكنها المستوطنون لأهل فلسطين من خلال الاعتداء على أماكن عبادتهم ومقدساتهم وأرضهم وأرواحهم بحماية السلطات الإسرائيلية.
ودعا لشد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك؛ لإعماره والصلاة فيه؛ إفشالاً لدعوات المنظمات اليهودية المتطرفة لاقتحامه وانتهاك حرمته، في تصعيد خطير يهدد أمن المسجد الأقصى المبارك وقدسيته، مناشداً العالم أجمع بحكوماته ومنظماته وهيئاته العمل على لجم الاعتداءات الإسرائيلية، وإنقاذ الأقصى مما يتعرض له من مخاطر.
تهويد المسجد الأقصى واعلانه كنيس يهودي
وطالب الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات حنا عيسى، المجتمع الدولي ممثلاً بالجمعية العامة ومجلس الأمن بالضغط على سلطات الاحتلال من أجل أن توقف انتهاكاتها لأماكن العبادة وإجبارها على الالتزام بأحكام القانون الدولي الإنساني وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين وقت الحرب وتحت الاحتلال.
وأكدت الهيئة على تمادي سلطات الاحتلال بانتهاكاتها اليومية الفاضحة بين جدران الحرم القدسي الشريف على مرأى العالم أجمع، فالنوايا باتت علنية وفاضحة لحكومة الاحتلال الإسرائيلي ومتطرفيها من المستوطنين بالسيطرة الكاملة على المسجد الأقصى المبارك، وتحويله إلى كنيس يؤدون فيه طقوسهم الدينية.
وأشارت الهيئة إلى أن سلطات الاحتلال باتت على مشارف الانتهاء من تهويد المسجد الأقصى واعلانه كنيس يهودي، فالمتحف أسفل المسجد المبارك إضافة إلى مئات المخططات التهويدية التي تستهدف المسجد وكل ما هو عربي في مدينة القدس المحتلة، تسعى إسرائيل من خلالها إلى تهويد المسجد المبارك من خلال تضافر جهود حفر الأنفاق أسفله، والسيطرة على معالمه الإسلامية من مساجد ومواقع وتحويلها إلى كنس ومراكز تهويدية، إضافة إلى فتح بوابات المسجد أمام سوائب المتطرفين وقطعان المستوطنين لتدنيسه وبالنهاية السيطرة الكاملة عليه تمهيداً إلى تحويله إلى كنيس خاص بهم وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه.
وحذر وزير الأوقاف والشؤون الدينية يوسف ادعيس وفق ما رصده تقرير "وكالة قدس نت للأنباء"، من مخاطر ما يقوم به الاحتلال في الأقصى من حصار واقتحامات والسماح للمستوطنين بأداء شعائرهم الدينية، والاستهداف المتواصل والمتصاعد لحراسه، والمرابطين فيه، وتصاعد الحملات والإقرارات الهادفة لإسكات صوت الحق.
وأوضح أن ما تسمى "منظمات الهيكل" المزعوم كثفت من طلباتها ودعواتها لاقتحام ساحات الأقصى خلال عيد "الفصح" العبري، وتقديم قرابين "الفصح" في باحاته، وإقامة الصلوات التلمودية وارتداء ملابس الصلاة اليهودية.
وأشار إلى المداولات والحديث عن السماح لوزراء حكومة الاحتلال وأعضاء الكنيست باقتحام الأقصى مجددًا، وإطلاق مبادرة جديدة لتنظيم احتفالات "البلوغ اليهودي" فيه، بدلًا من إقامتها في ساحة حائط البراق، وكذلك اقتحامه مقبرة باب الرحمة لمنع دفن أحد الموتى.
وأضاف أن الخطوات التي تنفذها حكومة الاحتلال منذ بدأت تنتقل لمرحلة هي الأخطر على مستقبل المدينة المقدسة، من خلال إعطاء الضوء الأخضر لغلاة المستوطنين واليهود المتطرفين بالدخول إلى الأقصى، واستباحة ساحاته الطاهرة، والقيام بأفعال مشينة تخدش قدسية المكان وتنتهك حرمته.
التعجيل ببدء التقسيم الزماني والمكاني للأقصى
كما ودعت الهيئة الإسلامية العليا ودائرة الإفتاء ومجلس الأوقاف والشؤون والـمقدسات الإسلامية ودائرة أوقاف القدس، أهالي المدينة المقدسة، لشد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك للتصدي لإقتحامات المستوطنين الخميس المقبل.
وأضافت ان "هذه الدعوات الممنهجة من قبل الـمتطرفين اليهود وبتشجيع من قبل سلطات الاحتلال تاتي لتوتر الوضع في القدس والـمسجد الأقصى الـمبارك وإننا إزاء ذلك ندعو شعبنا الـمرابط من جميع محافظات فلسطين وفلسطينيي الداخل والقدس شد الرحال إلى ألـمسجد الأقصى المبارك لتعزيز إسلاميته والصلاة فيه".
وقالت "نتوجه لحكام الـمسلمين، وأحرار الأمّة والـمؤسسات الدولية لاتخاذ إجراءات تليق بمؤسساتهم ودولهم لوقف هذه الهجمات الـمبرمجة على الـمسجد الأقصى، كما نتوجه لرجال الدين الـمسيحي وطوائفهم من الشعب الفلسطيني للوقوف معهم لصد هذه الهجمات العنصرية".
يشار إلى أن النشرات والملصقات التي تم تعميمها على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع منظمات الهيكل دعت المستوطنين إلى الحضور والمشاركة في فعالية ما يسمى "تمرين الذبيحة بعيد الفصح"، يوم الخميس المقبل في منطقة القصور الأموية المُلاصقة لجدار المسجد الأقصى المبارك الجنوبي. حيث تشمل البرامج المُعلنة فعاليات في باحة حائط البراق، وأخرى في البلدة القديمة بمدينة القدس، فضلاً عن محاولة استهداف المسجد الأقصى باقتحامات واسعة ومحاولة أداء طقوس تلمودية بهذه المناسبة.
يذكر أنه منذ 15 عامًا تنظم "جماعات الهيكل" وبرعاية بلدية الاحتلال تدريبًا على تقديم "القرابين بالفصح"، وفي الأعوام الأخيرة تعزز هذا التدريب ويلقي اهتمامًا بأوساط الأحزاب السياسية ومعسكر اليمين، ويعتاد على المشاركة به أعضاء كنيست ووزراء، وفي العام الماضي أقيم التدريب على أراضي قرية الطور المطلة على القدس القديمة والأقصى.
وتهدف المنظمات إلى الضغط على الحكومة الإسرائيلية للتعجيل ببدء التقسيم الزماني والمكاني للأقصى، كخطوة أولى على طريق بناء "الهيكل" المزعوم، وتؤيدها بذلك قطاعات كبيرة في "إسرائيل"، وتحميها قوات الاحتلال خلال الاقتحام بأمر من الحكومة.
