قتل غزة

بقلم: حسن دوحان

يكون الموت في كثير من الاحيان راحة من الحياة ومعاناتها، حتى ان البعض يدعو بالرحمة لكثير من المرضى ممن يتوجعون ويصرخون ولا ينامون ..

يبدو اننا نعيش حالة حرب باردة في غزة غير معلنة واثارها اشد قساوة من القتل الذي يمارس بشكل يومي في المنطقة العربية لأنه بمنطق الحياة الاعمار بيد الله ، ففي غزة تموت الناس بمجزرة الرواتب التي تطال قوت الموظفين واطفالهم وبشكل بطئ ربما يكون اكثر الما وحسرة من الموت في مجزرة هنا او هناك.

ان الاحصائيات تؤكد ان الحكومة لا تدفع سوى ١٥% فقط من موازنتها على غزة ، وبتلك الاجراءات العقابية غير المبررة تكون قلصت ما تدفعه لغزة الى اقل من 10% من موازنتها العامة.

للأسف الحكومة لم تكلف نفسها عناء التفكير باهل غزة حتى من باب المصلحة ، فكيف لحكومة تجني ما يقارب من 1300,000000 مليار و300 مليون دولار سنويا على الاقل ضرائب من غزة تشكل ثلث موازنة السلطة الوطنية الفلسطينية، ولا تصرف منها الا 600 مليون دولار فقط تفكر ايضاً بتقليص حجم المدفوعات الى النصف ليصل المجموع الى 300 مليون فقط اذا تم تمرير الاجراءات العقابية الجديدة بتقليص رواتب المدنيين 40% ورواتب العسكريين 30% ، ومن ثم الذهاب لقانون التقاعد ليصبح حجم ما تدفعه الحكومة لغزة لا يتجاوز 5% من اجمالي موازنتها السنوية ، او 15% من مدخولات غزة لموازنة السلطة.

ان من ابجديات دفع الضرائب ان تقوم الحكومة بإنشاء مشاريع وبنية تحتية ورواتب وتوفير فرص عمل للمواطنين، ولكن عندما تجني الحكومة مليار و300 مليون دولار سنوياً ولا تقدم أي من تلك الخدمات للمواطنين ماذا تنتظرون من المواطنين؟ الا يحق لهم المطالبة بأموالهم؟!

ان التعلل بان موظفي قطاع غزة ليس على رأس عملهم كذبته الورقة السويسرية حول واقع الموظفين في غزة بتأكيدها ان ما يزيد عن 85% من الموظفين على رأس عملهم، وباقي الموظفين تم اقصائهم لالتزامهم بالشرعية القانونية.

الراتب حسب القانون حق أصيل ويشمل علاوة طبيعة المهنة والعلاوات الاخرى حسب تعريف قانون الخدمة المدنية، ولا يجوز الاستمرار في وقف الترقيات والعلاوات سواء للعسكريين او المدنيين رغم اقراراها ادارياً من قبل وزارة المالية بشكل يخالف القانون.

ويدحض تقرير سلطة النقد الفلسطينية خلال الربع الرابع من العام الماضي ادعاء وجود ازمة مالية اذ يشير إلى ارتفاع الايرادات غير الضريبية بشكل ملحوظ خلال العام، ووجود فائض شهري بقيمة 82.6 مليون شيكل ، وتلقي السلطة نحو 2.9 مليار شيكل مساعدات خارجية أي نحو 800 مليون دولار.

 لقد بات المواطن يشعر اننا نعيش قانون الغاب بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فلم تستطع الحكومة اداء مهمتها اعادة اللحمة بين الضفة وغزة وبات مطلوباً منها الاستقالة.

ان المطلوب من الفصائل وفي مقدمتها حركة فتح الاعلان اتخاذ خطوات راديكالية من اجل استعادة حقوق اهل غزة ورفع الظلم عنهم، لم يعد مقبولا ممارسة سياسة القتل العمد والبطئ بحق اهل غزة والاستيلاء على اموالهم وقوت اطفالهم.

ويبقى التساؤل هل انتهى عهد اتمام المصالحة، وبات المطلوب عزل غزة والانفصال عنها على جثث اطفالها ونساءها وشيوخها؟!.

د. حسن دوحان

باحث واعلامي