أسموها ضربه صاروخيه لموقع إنطلقت منه الأسلاحه الكيميائيه المزعومه على "خان شيخون" في إدلب، إتهام محدود إستدعى ضربه محدوده، إتهام بأدلة مزيفه كما "العراق" للإقدام على تصعيد غير مسبوق في المنطقه وفي سوريا بالذات...هناك صراع حاد في سوريا وعلى سوريا سيؤدي حتما لتغيير شامل ليس على مستوى الإقليم بل على مستوى العالم ككل، خاصة وأن طبيعة الصراع القائم لم يَعد بالمطلق صراع داخلي سوري سوري، وإنما هي حرب المحاور الإقليميه وصراع دولي بإمتياز على صيغه جديده أساسها تَعدد الأقطاب الدولية، بعد أن إستفردت أمريكيا بالعالم منذ إنهيار "الإتحاد السوفيتي" والعدوان على العراق في العام 1991.
العدوان "الترامبي" على سوريا تعبير دقيق عن سياسة الجنون التي جاء بها سيد البيت الأبيض الجديد الداعيه لإعادة أمريكيا للعَظَمه والإستفراد في العالم من جديد، فالسيطره بحاجه لقوة عسكريه ليست رادعه فحسب وإنما قادره على القيام بعمليات صاعقه وعمليه يُرافقها قرارات سريعه وشجاعه من قياده تطمح لإعادة مفهوم الهيمنه كتأكيد لا لبس فيه ليس على القدره وإنما على الإستخدام للقوة وفرضها على العالم وبعيدا عن مفاهيم القانون الدولي وإحترام سيادة الدول.
العظمه الأمريكيه تُريد أن تُرجع نفسها بالقوة العسكريه بعد أن عَطّلَ "الفيتو" الروسي- الصيني سياسة القطب الواحد، و"ترامب" يُريد أن يقول للعالم أن زمن التردد "الأوبامي" ولى إلا غير رجعه، ف "أمريكيا" في عهد الملياردير "التاجر" ليست نفسها في عهد نُخبة "الإيليت" المثقفه المُلَوّنه، وأنها قادرة على فرض أجندتها في العالم وفي منطقة الشرق الأوسط، فمشكلة البيت الأبيض لم تكن يوما سوى عدم وجود قائد حازم وشجاع ومستعد للوصول إلى أقصى الحدود، وهذا يتوفر لدى "ترامب" وليس لدى الضعيف السابق "أوباما".
منطق القوة وإستخدامه، وطبيعة الصراع الدائر وصل لأبعد درجه مُمكنه، وتَدحرُجه سيؤدي لصراع دموي جديد سيتجاوز حدود سوريا ويًلهب كُل الإقليم...صراع المحاور أصبحت لغة النار تحكمه، ولن يتوقف حتى يلمس المُعتدي إستعداد المحور الآخر ليس للرد على العدوان وإنما على ردعه بالقوة حتى لو أدى لحرب إقليميه وعالميه ثالثه محدوده، والسبب أن عقلية زوج "ميــلانيـــا" مرتبطه بمهوم "الربح" وإتخاذ القرارات المغامره، فهو تاجر ورجل أعمال ويعي جيدا أن تحقيق الربح بدون مغامره أحيانا لن يتأتى له، لذلك لا بُدّ من قرارات شُجاعه تُعيد عقارب الساعه للحظة السيطره والتفرد التي جاءت بإنهيار "الإتحاد السوفيتي"، وأول تلك القرارات هي إعادة الثقه بقوة النار الأمريكيه الهجومية المُعتديه، وبزعيم أبيض بدم "أزرق" شجاع قادر على إتخاذ قرارات مُغامره ليس للردع والتهديد فقط وإنما تنفيذ الأوامر وإستخدام القوة الأمريكيه الفتاكه ومهما كانت العواقب.
العدوان على قاعدة "الشعيرات" هي البدايه لصراع سيحدد طبيعة المرحلة القادمه في منطقتنا وبالذات بما يتعلق بتصفية القضية الفلسطينيه وتقزيمها لدويلة "غزة" وأيضا تقسيم سوريا وفرض الأجنده "الكرديه" ومفهوم الفدراليه بالطريقه "العراقيه"، وفي العالم أجمع لإعادة التفرد ومفهوم الشرطي "الدولي" الأوحد، وهو إختبار عملي ليس لمحور روسيا والصين غير المتبلور بشكل مُنظم ضمن مفهوم الأحلاف التي تُنظم المُحور الآخر "الناتو"، وإنما لطبيعة السيطره وتقاسم النفوذ في الألفية الثانيه ككل.
أعتقد أن الواقع سيفرض نفسه بقوة النار في الفتره القادمه على منطقة الشرق الأوسط بالذات والعالم ككل، وأن سياسة الرئيس "بوتين" لا خيار أمامها سوى مواجهة النار بالنار، فكل التغيرات التي حدثت على العالم وفقاً للتاريخ لم تحدث إلا بعد حروب وضحايا بالملايين، وساكن "البيت الأبيض" رجل مُغامر ومُستعد لفرض أجندته بالقوة العسكريه المغامره، ولن يتراجع عنها إلا عندما يعلم أن الخساره ستكون أعظم من أي ربح مُمكن، والتاجر مثل "ترامب" لا يرى إلا المَحصول الناتج بعد عرض البضاعه وليس قبلها، لقد عرضَ بضاعة القوة الصاروخيه، وحصل حتى الآن على ثَناء كبير من قبل المُحور المُتعطش لأمريكيا "بوش" الأب والجونير، ولمنع مغامرات "الثور" الهائج مستقبلا لا بُدّ من إعادته للحظيره الدولية ومنطق العلاقات الدوليه وإحترام سيادة الدول والبحث عن حلول سياسيه قادره على إستيعاب الجميع وتعتمد منطق الحوار لا منطق القوة، وهذا لا يكون إلا بإستخدام نفس منطق "الثور" لأنه لا يفهم غير تلك اللغه.
إن وضع حد سريع لتجاوز الحدود الدولية والقانونيه لمن لا يرى غير "قوته" المزعومه، ولمن لا يرى غير أجندته وسياسته، ويريد فرضها بتجاوز كل الحدود وإستعداده لإستخدامها حتى لو أدت لحروب مدمره، لا يُمكن وقفها وإعادتها لسكونها وكُمونها إلا بإستخدام نفس المنطق، النار بالنار، والحرب بالحرب، والردع بالردع، والقرار بالقرار، والمغامره بتدفيعها ثمن باهظ يفوق مفهوم الربح لدى "تاجر" البيت الأبيض.
بقلم/ فراس ياغـي