القادم المذهل !!

بقلم: محمد فايز الإفرنجي

خرج اليوم جموع غفيرة من ابناء غزة الموظفين لدى سلطة رام الله احتجاجا على خصم 30% من رواتبهم, والتي ادت الى صدمة غير مسبوقة بتأثيراته الاقتصادية والاجتماعية على عشرات الالاف من الموظفين وعوائلهم, والتي لم تظهر بعد نتائجها المرعبة على ارض الواقع .

إن ما تم اتخاذه من قرار من قبل الرئيس عباس ورئيس وزراءه رامي الحمد الله ليس له قانون ضمن القوانين الفلسطينية التي تدعم حق الموظف والعامل, ولا يمكن لأي رئيس كان او رئيس وزراء ان يرسم مخطط اقتصادي ليتجاوز محنة مالية كما يدعي الحمد الله ويستهدف بهذا المخطط حدود جغرافية معينة من ارض الوطن, فلو كان الاستهداف يشمل كافة موظفي السلطة الفلسطينية بالضفة والقطاع فلربما كان مبرر وجود ازمة مالية خانقة امر يمكن تصديقه!!

ان ما حدث لا يبشر بخير فيما ستكون الخطوات التالية التي سيتم اتخاذها ضد موظفي السلطة بقطاع غزة, ولا اعتقد ان نسبة الخصم الحالية ستكون الخطوة الوحيدة التي سيتخذها رامي الحمد الله بموافقة عباس بل سيكون القادم المذهل اشد مضاضة واكثر قهرا لغزة وموظفيها بل لكل ساكنيها, لان ما يصيب هؤلاء الموظفين سيكون له انعكاساته السلبية على كامل النسيج الاجتماعي بقطاع غزة.

ان الاحداث التي تلت خصم نسبة الثلث من رواتب موظفي السلطة لهي كارثية بالمعنى الحقيقي فنسبة 85% من موظفي السلطة حسب الاحصائيات المحلية والتقديرات البنكية هم مقترضون من البنوك الفلسطينية لأسباب عديدة, بمعنى ان النسبة الكبرى من الموظفين مرهونين بحياتهم وقوتهم للبنوك الفلسطينية التي بدورها قامت بخصم حصتها من القروض دون مراعاة لما حدث من قبل وزارة المالية!!

غزة المحاصرة منذ ما يزيد عن عقد من الزمان اليوم تتعرض لانتكاسه تمعن بحصارها وخنقها بآليات جديدة مبتكره من قبل السلطة الفلسطينية ذاتها والتي طالما كانت متهمة بتعاونها مع الحصار المضروب على غزة من قبل الاحتلال الاسرائيلي.

غزة ستستقبل بالفترة القادمة العديد من الانعكاسات والتداعيات لما قامت به السلطة من تقليصات في رواتب موظفيها, ونخشى ان النسيج الاجتماعي الذي بدأ يتفتت ويتعرض للتشرذم ستظهر علاماته سريعا على الحياة العامة بقطاع غزة التي ستتعرض لانتكاسه اقتصادية جديدة, وفقدان السيولة المالية والتي تشكل رواتب موظفي السلطة اهم ركائزها.

ان ما يراد به لغزة هو اثارة الفوضى بشكل عارم حتى وان كان الموظف لدى السلطة والذي ينتمي لحركة فتح التي يرأسها الرئيس عباس هو اهم ادوات الفداء التي يقدمها الرئيس للتضييق على حماس وحكمها بالقطاع!!

رامي الحمد الله يقول ضمن تغريده له عبر الفيس بوك : على اخوتنا بغزة ألا ينجروا للتحريض وعليهم ان يشاركونا في تجاوز محنتنا, خطة التقشف التي اعتمدها مجلس الوزراء ووافق عليها الرئيس عباس متكاملة وسننفذ قريبا مشروع التقاعد " الاجباري او الخياري " لتفادي اضرار الازمة المالية الخانقة!!

السؤال المشروع هنا لأي مواطن فلسطيني لماذا غزة هي دوما تدفع الثمن لأي ازمة كانت اقتصادية او سياسية, لماذا غزة دوما هي على راس الحربة في أي معادلة, غزة وشعبها هم دوما ضحية وفداء لأي ازمة تمر بها السلطة فهل يمكن لبقعة جغرافية بوطن ما تكون هي الحل لازمات أي سلطة او دولة؟!!

غزة اليوم مستهدفة بشكل جلي وواضح, والاخطر ما يتم اتخاذه من اجراءات وقرارات قاتلة بحق غزة في ليل مبهم وخلف كواليس السياسة !!

غزة اليوم تتعرض لمجزرة بدأت برواتب الموظفين, ولربما تنتهي بكوارث متلاحقة وصولا لفصلها عن الضفة الغربية وتمرير مشروع دولي جديد للقضاء على المقاومة فيها وانشاء دولة فلسطين في غزة لتصفية القضية برمتها بعد وصول الرئيس الاميركي ترامب لمقاليد الحكم بالبيت الابيض.

غزة الكبرى التي طالما نادوا بها لتضاف لها اراضي من صحراء سيناء المصرية بالاتفاق مع السيسي لتوسعتها, وعودة اللاجئين اليها لتكون القضية برمتها في طور التصفية النهائية لها!!

غزة اليوم هي محط انظار السياسيين وان كانت نظرات غير واضحة المعالم كي يتم تمرير المؤامرة الكبرى بالقضاء على القضية الفلسطينية .

غزة اليوم في مهب الريح فالي اين يمكن ان تصل الامور فيها سؤال سنجد له العديد من الاجوبة كلما مرت الايام التي ستحمل بين طياتها احداث اشد مرارة مما بدأته في خصم ثلث راتب موظفي القطاع!!

بقلم/ محمد الافرنجي