بعد الإنتخابات الداخلية التي جرت في حركة حماس، وجاءت خلافاً لما انتظره عدد من اللاعبين الإقليميين في قلب الحركة السياسية الفلسطينية، بالتعاون مع قيادة الحركة المقيمة في قطر، برزت تحديات متلاحقة أمام قيادة حماس الجديدة في غزة، تناوب في وضعها كل من :
التحدي الأوّل
الجماعات السلفية التي أطلقت الصواريخ قبل أسابيع من غزة، ووضعت غزة على حافّة الحرب، وستضعها في حالة تهديد دائم.
التحدّي الثاني
إسرائيل التي نفذّت إغتيال مازن فقهاء في قلب غزة، وانتظرت رد فعل حماس، لكي يمارس الإحتلال جريمة حرب جديدة على السكّان في قطاع غزة، وتصفية من يرغب من قيادات حركة حماس المنتخبة.
التحدّي الثالث
محمود عباس الذي نفّذ مجزرة الرواتب، ويواصل تهديده بالمزيد لضرب الاقتصاد الوطني عبر تجويع الناس، بعد أكثر من عشر سنوات على تسليم غزة لحكم الإخوان المسلمين، بموافقة دولية، جميعهم كان يعلم ما ستفرزه الإنتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006، وقد حضّروا البيئة الملائمة لفوز حماس.
اللافت، هو صمت خالد مشعل وامير قطر تميم ورجب طيب أردوغان!
ما يجري محاولة لشطب قيادة حماس الجديدة، وتمكين التيار القطري في حماس وفتح من تعديل نتائج الإنتخابات الداخلية في حماس بالمال والسلاح لإستعادة القرار في الحركة، بعد التغير الكبير في العلاقة ما بين مصر وحماس.
يريدون فضّ هذه العلاقة كي تبقى غزة مشكلة أمن قومي مصري، وتبقى فريسة للفقر والتطرف، ويستمر عبّاس في التهرب من مسؤولياته الوطنية والأخلاقية تجاه الفلسطينيين في غزة وكل مكان، والقيام بوظيفته الأمنية في الضفة الغربية والتهرب من الإستحقاقات السياسية المطروحة بفعل فشل المفاوضات السياسية وغياب أيّ فرصة لنجاحها وفي امكانية تحقيق تسوية عادلة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي_ لقد سقط اتفاق اوسلو وسقطت معه فكرة حلّ الدولتين.
تهرب محمود عبّاس اتجاه الشعب الفلسطيني لا يقتصر على قطاع غزة، مخيمات لبنان وسوريا نماذج حيّة تؤكّد عبث القيادة السياسية الرسمية ورغبتها في أن يبقى الفلسطينيين شراذم، لا يجمعهم وحدة موقف ولا نظام سياسي.
الأسئلة الماثلة أمام محمود عباس، الذي أشهر سلاح المال من أجل المصالحة كما يدّعي:
أوّلاً/ كيف ستتعامل حكومة عبّاس مع غزة في مسألة موظفي حكومة حماس، هذا سؤال مزمن مطروح في كل جولات الحوار مع حركة حماس، هل موازنة السلطة تسمح بإدماجهم في جهازها الإداري وتحمّل نفقاتهم، وقادرة على ضمان التمويل اللازم لفعل ذلك؟
ثانياً/ كيف لحكومة عباس أن تمارس بسط سيطرتها على غزة في ظل وجود منظمات مسلحة، هل تقبل حماس بحلّ هذه المنظمات المسلحة تحت شعار سلاح واحد للسلطة الفلسطينية، واحداث تحوّل في العقيدة الأمنية لأجهزة السلطة العسكرية ؟.
ثالثاً/ كيف يمكن لحكومة عبّاس تنفيذ الإملاءات الأمنية الإسرائيلية في قطاع غزة، وهل ستسمح حماس بفعل ذلك مع عناصر منها مطلوبة للإحتلال، هل ستتوقف عن صناعة الصواريخ مثلاً؟
رابعاً/ هل ستقبل حركة حماس، بالمفاوضات السياسية على علّاتها، وتبقى خارج المشهد التفاوضي بعد أن قدّمت عرضها السّخي للعالم في وثيقتها السياسية الجديدة؟
خامساً/ هل ستسمح أمريكا واسرائيل لمحمود عباس بإجراء مصالحة مع حركة حماس، ويتخلى ترامب عن شعار محاربة منظمات الإسلام السياسي، ونتنياهو عن إنجاز تجزأة الفلسطينيين ونظامهم السياسي؟
الموضوع الوطني الفلسطيني دخل في متاهات جديدة، ستُغرق الشعب الفلسطيني بمزيد من الويلات والمآسي، ويحتاج الفلسطينيين إلى معجزة للثبات على خط التدهور الموجود، ثم عشرات المعجزات لإصلاح ما افسده عبّاس وشريكته حماس.
بقلم/ محمد أبو مهادي