نظرةٌ سريعةٌ في المؤتمر الخامس عشر لفلسطينيّي أوروبا

بقلم: عبد السلام فايز

ينعقد المؤتمر الخامس عشر لفلسطينيّي أوروبا في مدينة روتردام الهولندية..
و ما إنْ بدأت التحضيرات لهذا المؤتمر،  حتى بدأت ألسنةُ البعض توجّه انتقاداً لاذعاً للجهات الراعية له،  أو الأشخاص المنظّمين أو المشاركين في فعّالياته، و تدعو إلى مقاطعته..
و لكنْ ، و بِغَضّ النظر عن كل من دعمَ هذا المؤتمر، و الجهات الراعية له و التوجّهات السياسية و الحزبية،  إلّا أنّ هذا المؤتمر له نقاطٌ مشرقة لابدّ من الاعتراف بها ، حتى لو اختلفت وجهات النظر،  و يمكن أن نُجملَها بثلاث بنقاط :
النقطة الأولى هي أن هذا المؤتمر يحمل شعاراً يعيد فينا عجلات التاريخ إلى الوراء كثيراً ، حيث خيوط المؤامرة الأولى ضد تلك الأرض المقدّسة..
فعندما يُعَنْوَنُ هذا المؤتمر بـ /مئة عام ننتصر لا ننكسر/ ، فهذا صمودٌ /ولو كان متأخراً / في وجه أبواق بلفور،  الذين مهّدوا لإقامة دولة الصهاينة في أرض فلسطين..
إذاً فإنّ هذا المؤتمر يبعث برقيّةً من قلبِ الشتات الفلسطيني ، أنّ بلفور مايزالُ عدوَّ الذاكرة الفلسطينية رغم مرور عشرة عقودٍ على إبرامه،  و أنّ جماهير الشعب الفلسطيني مازالت مصمّمةً على حقّ العودة أكثر من أيّ يومٍ مضى،  فقوافلُ العودة تلتقي مع بعضها اليوم في فسحةٍ من الأمل،  على أن تكون العودة الحقيقية إلى فلسطين الوطن الأم.

النقطة الثانية حولَ أهمية هذا المؤتمر، هي أنه يتيح المجال لِلَملمةِ الشعب الفلسطيني المتواجد في القارة الأوروبية، والذي أُجبِرَ و تحت ضنك الحروب على تكرار تجربة الأجداد في اللجوء و النزوح،  ولكنّ هذا اللجوء يختلف شكلاً و مضموناً عن اللجوء الأول،  إذ وجد المواطنُ الفلسطينيُّ نفسَهُ هذه المرّة ملفوظاً على شواطئ الجُزر اليونانية ، لِيَشُقّ بعد ذلك لجوءه الثاني في أوروبا، و في شَتَاتٍ مزّقه كلّ مُمَزّق..
لذلك وجد المواطن الفلسطيني في هذا المؤتمر فرصةَ لَمِّ الشمل مع زملائه في المحنة و اللجوء،  القادمين ضمن قوافل العودة من ألمانيا و السويد و الدنمارك و النمسا،  ليجتمع الجميع تحت راية واحدة ، و وطن واحد و كوفيّةٍ واحدة ، و يرددون النشيد الوطني الفلسطيني في صميم القارة الأوروبية.

أمّا النقطة الثالثة ضمن أهمية هذا المؤتمر فهي رسالةٌ واضحةٌ للخصوم و الأعادي، قُرِئَت جيّداً و بلسانٍ عربيٍّ مبين،  بأنّ فلسطين كلّ فلسطين ، هي الوجهة،  وهي البوصلة ، وهي الوطن الذي لو ابتعدنا عنه إلى ماوراء المحيطات،  إلا أننا متوحّدون و على قلبِ رجلٍ واحد في سبيل نصرة قضيّتنا..

خلاصة القول هي أنّ هذا المؤتمر فرصةٌ سنويةٌ لتضميد الجراح إلى حدّ ما..   حتى لوكانت هذه الفرصة دون المستوى المطلوب ، فواجبٌ علينا أن نبحث عن نقاط الضعف فيها،  فنقوّمها و نرمّمها و نُعيدَها إلى السبيل السديد ، لا أنْ نسلّطَ عليها ألسنةً حداداً يكون لها أغلبَ الأحيان وَقْعٌ خطير يعمّق الشرخ ولا تُحمَدُ عقباه..

إلى القائمين و المنظّمين و المشاركين في المؤتمر الخامس عشر لفلسطينيّي أوروبا..  ألف تحية..  دمتم

عبدالسلام فايز / كاتب فلسطيني