مفهوم الاسير من وجهة نظر القانون الدولي الانساني :
تم توسيع تعريف اسير الحرب في البروتوكول الاول بالمقارنة بالتعريف الوارد في اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949, وقد كان تعريف اسرى الحرب حتى الان يضم افراداً للقوات المسلحة النظامية والانصار الذين ينتمون الى احد اطراف النزاع الى جانب الاشخاص من الاخرين الذين يتبعون القوات المسلحة ولكنهم لا يشكلون جزءاً منها بشكل مباشر (المراسلون الحربيون والافراد المدنيون في اطقم الطائرات العسكرية على سبيل المثال).
وبموجب البرتوكول الاول, اصبح تعريف اسير الحرب يشمل جميع افراد القوات المسلحة التي تكون تحت قيادة مسؤولة, كما يفيد من هذه الاحكام افراد حرب العصابات الذين ليس لهم زي خاص حتى اذا كانوا يتبعون كيانات لا يعترف بها الطرف الخصم.
وقد نص البروتوكول على ان جميع افراد القوات المسلحة ملتزمون باحترام قواعد القانون الدولي الانساني, ولكن لا يعد شرطاً لمنح الوضع القانوني لاسير الحرب في حالة وقوعه في قبضة العدو, وبالمقابل يلتزم افراد القوات المسلحه بأن يميزوا انفسهم عن السكان المدنيين, على الاقل يحمل السلاح علناً اثناء القتال. ويمكن ان يؤدي عدم الالتزام بهذه القاعدة الى الحرمان من الوضع القانوني لاسير الحرب.
واما الجواسيس والمرتزقة فإنهم لا يتمتعون بأي حال بالوضع القانوني لاسرى الحرب عند اعتقالهم غير انهم يفيدون على اي حال بالمعاملة الانسانية كحد ادنى.
ويشمل هذا الحكم الخاص بالحماية, جميع الافراد الذين يقعون في قبضة الخصم, ويمثل ذلك تقدماً انسانياً ضخماً, لان هذه الاحكام تقتضي بعدم حرمان احد من الضمانات الاولية للاحترام او الحماية تحت اي ظرف.
بعيداً عن الشوفينية والاعتداد بالذات الفلسطينية المتميزة نقول: اننا من سكان هذا الكوكبوشعب كبقية الشعوب والامم, يحكمنا القانون الدولي لنا حقوق وعلينا واجبات, فلسنا استثناء سلباً او ايجابياً, فلنحتكم الى القانون الدولي في موضوع الاسرى لنعرف موقعنا في ظل هذا القانون الاممي.
كما هو معلوم بقي نظام اسرى الحرب والى زمن قريب نظاماً عرفياً لا يستند الى محددات قانونية تلزم الاطراف المتحاربة باتباعها والالتزام بها, الى ان تمت صياغته ضمن مواد قانونية تعاقدية تحددت في اتفاقيات ثلاث وهي:
1. نظام لاهاي الملحق بالاتفاقية الرابعة لعام 1907م الفصل الثاني (المادة 4 – 20).
2. اتفاقية جنيف لعام 1929م المتعلقة بتحسين حالة اسرى الحرب.
3. اتفاقية جنيف لعام 1949م المتعلقة بمعاملة اسرى الحرب.
والمحور الاساسي الذي تدور حوله هذه الاتفاقيات يستند الى ان اسر المحاربين ليس تدبيراً زجرياً, انما هو اجراء احتياطي يتخذ حيال خصم اعزل, وبناء عليه يجب المحافظة على حياة اسرى الحرب وصيانة هذه الحياة من المس بقدسيتها التي فطرها الله عليها, ولا يجوز بأي حال من الاحوال ممارسة الحقد الثأري والانتقامي ضد هؤلاء الاسرى. وحتى في حال محاولتهم الفرار فان الاتفاقيات الدولية لا تجيز ايقاع العقوبات الصارمة ضدهم ولكنها تسمح باتخاذ تدابير ذات طابع تأديبي بعيداً عن اساليب الانتقام العقابي الصارم.
وعبر التجربة البشرية في ساحات الصراع تطورت فكرة ومفهوم اسير الحرب في البرتوكول الاول لعام 1977 بحيث اصبح مفهوم اسير الحرب ينسحب على جميع افراد القوات المسلحة والمجموعات والوحدات المقاتلة التي تمارس عملها تحت امرة قيادة مسؤولة.
كما يستفيد من هذه الاحكام افراد حرب العصابات الذين ليس لهم زي خاص بهم. حتى لو كانوا ضمن كيانات لا يعترف بها الطرف الخصم. وقد نص البروتوكول على ان جميع افراد القوات المسلحة ملتزمون باحترام قواعد القانون الدولي الانساني, الا ان ذلك الالتزام لا يعد شرطاً لمنح الوضع القانوني لاسير الحرب في حالة وقوعهم اسرى في قبضة العدو, وبالمقابل فعلى افراد القوات المسلحة ان يميزوا انفسهم عن السكان المدنيين وفي الحد الادنى حمل السلاح علناً اثناء القاتال وقبل ان تضع الحرب اوزارها. وجدير بالذكر ان عدم الالتزام بذلك يؤدي الى حرمانهم من الوضع القانوني لاسير الحرب.
وفيما يتعلق بالجواسيس والمرتزقة فانهم لا يتمتعون باي حال بالوضع القانوني لاسرى الحرب عند اعتقالهم. ولكنهم في الحد الادنى لا يحرمون من المعاملة الانسانية ولو على نطاق ضيق ومحدود.
وعلى ضوء ما تقدم نطرح السؤال الآتي:-
هل المعتقلون الفلسطينيون أسرى حرب؟
لعل من اهم المسائل التي تستحق الدراسة هي مسألة اسرى الحرب, حيث شغلت هذه المسألة بال الكثيرين من مفكري ومجتهدي القانون الدولي الذين سعوا ومازالوا يسعون جاهدين لوضع ارضية قانونية تحمي حقوق الاسرى.
وقبل الدخول في المسأل القانونية لاسرى الحرب لابد من تسليط الضوء على المراحل التاريخية التي عبرتها التجربة البشرية في هذا المجال.
ففي العصور القديمة كان الاسير مجرد متاع ويعتبر جزءاً من الغنائم دون اي التفات لادميته وحقوقه البشرية بل تجاوز الامر الى حد استباحة دمه او استعباده او عرضه كسلعة في سوق النخاسة او عرضه كسلعة من البضائع التي يمتلكها وليس هناك ما يمنع من التنازل عنه لسيد اخر. وحتى بعد انتهاء الحرب سيبقى الاسير ملكاً لآسره الا اذا دفع الفدية لاسره مقابل حريته.
مع تقدم وتطور الحضارة الانسانية تطور مفهوم الحروب ومعاملة الاسرى طرداً مع التطور الحتمي في حياة الشعوب والامم. وقد ارتأت الاطراف المتخاصمة ان حرصها على ابنائها يستدعي الاهتمام بهذا الامر, لانه واقع على الفريقين لا محالة, ومن هنا بدأت الدول تقوم بعقد معاهدات ثنائية سعياً وراء تحسين وضع الاسرى ومبادلتهم في بعض الاحيان.
وعلى سبيل المثال: معاهدة تبادل الاسرى التي ابرمت بين انجلترا والولايات المتحدة عام 1813.
اما اول نص دولي تم وضعه بخصوص اسرى الحرب, كان لائحة الحرب البرية عام 1899 وعام 1907 خاص المواد (4 – 20) منها.
وقد تم تطبيق هذه المواد خلال الحرب العالمية الاولى والحروب التي تليها مباشرة قبل ان يتم عقد اتفاقية خاصة بأسرى الحرب وهي: اتفاقية جنيف الثانية بتاريخ 27 تموز / يوليو عام 1929 المتعلقة بمعاملة اسرى الحرب والتي حلت محل الفصل الثاني من القسم الاول في لائحة الحرب البرية. وهذه الاتفاقية الاخيرة حل محلها اتفاقية جنيف الثالثة بتاريخ 12 آب / اغسطس عام 1949 حول نفس الموضوع.
واذا حصرنا بحثنا بلائحة الحرب البرية فسنجد ان المواد (4 – 20) منها قد اعطت الاسير مفهوما جديدا بحيث لم يعد كما كان سابقا عبداً او مملوكا او مجرما, وهذا يحرره من شبهة الاخلال بالشرف والكرامة الانسانية المصانة في كل القوانين السماوية والوضعية اضافة الى العرف والتقاليد الاجتماعية مما يعني او وقوعه في الاسر يعود لسوء حظه الذي وضعه في ظروف قاهرة قادته الى الاسر.
وتوخياً لضفاء قدر اكبر من الحماية لاسرى الحرب فقد تم ربط هذه الحماية بمسؤولية الدولة نفسها حيث نجد في الفقرة الاولى من المادة الرابعة من اللائحة تنص بكل وضوح.
على ان اسرى الحرب يكونون تحت سلطة حكومة العدو وليس تحت سلطة الافراد والوحدات التي اسرتهم. وهذا كما نلاحظ يحرر الاسير من الوقوع في ذمة الشخص او جملة الاشخاص الذين اسروه – كما كان الحال في العصور القديمة – ويضعه في ذمة الحكومة التي تيبع لها الاسرى او الاسرون. وهناك تأكيد على معاملة اسير الحرب معاملة انسانية بحيث ينظر اليه كجندي ويعامل كجندي يحمل وسام الجندية المقدس.
وبناءً عليه لا يجوز سجنه كالسجناء العاديين, بل يتم حجزه في مدينة او قلعة او معسكر او اي مكان اخر مماثل فيترك حراً طليقاً في داخل المكان المذكور سالفاً. ولكن يمكن الزامه بعدم تخطي حدود معينة. اما ما نلاحظه في معتقلات الاحتلال الصهيوني فهو مخالف كلياً لما ورد في هذا الخصوص حيث يوضعون في معسكرات محاطة بالاسلاك والجدر المسلحة, وهذا ينافي ما ورد في اتفاقية لاهاي, ولكن الاتفاقيات المذكورة اشارت الى انه يجوز حبس الاسير اذا دعت التدابير الامنية لاتخاذ مثل هذا الاجراء الاستثنائي مع مراعاة المدة والظروف التي دعت الى ذلك, وقد نصت الاتفاقيات على انه عند وقوع العسكري في الاسر, عليه ان يذكر لآسرية اسمه الحقيقي ورتبته وحسب نص المادة (9) من اللائحة, وقد اضافت المادة (17) من اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949الى هذه المعلومات التي تلزم الاسير باعطائها لآسريه تاريخ ميلاده ورقمه العسكري واسم وحدته لكي يسهل التعرف عليه.
وفي حال اطلاق سراحه كأسير حرب بناءً على كلمة شرف شرف منه, فإن ذلك مرتبط بثلاثة شروط هي:-
1. ان تكون قوانين بلاده تسمح بمثل هذا الاجراء.
2. ان يرغب الاسير في ذلك, اذ لا يجوز اجباره على قبول حريته مقابل كلمة شرف منه.
3. ان توافق الدولة الاسرة على اطلاق سراحه بالشكل المذكور, اذ انها ليست ملزمة بالموافقة على طلب الاسير اعطاؤه حريته مقابل كلمة شرف منه.
وقد نصت الاتفاقية على حق الاسير بالتمتع بكامل حقوقه المدنية والدينية, فمن حقه مثلاً الاحتفاظ بكامل امتعته الشخصية ماعدا الذخائر والخيول والاوراق العسكرية كالخرائط والاوامر الحربية التحريرية, اضافة الى حقه في تنظيم وصيته بنفس الشروط المطبقة على عسكر الجيش الوطني الذي ينتمي اليه.
وقيما يتعلق بالحق الديني فعلى السلطة الحاجزة ان تترك الاسير يمارس حريته العبادية الكاملة بما في ذلك حضور قداسات الطائفة التي تنتمي اليها وهذا مشروط بشرط واحد فقط وهو: التقيد بتدابير النظام والامن المفروضة من قبل السلطات العسكرية.
ومن الحقوق المعتمدة في نص الاتفاقيات حق الاسير في امكانية المراسلة واستلام الرسائل والطرود والحوالات النقدية في (المواد) (68, 69, 73, 77) الواردة في اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949.
وبخصوص اتصال اسير الحرب بالخارج وتسهيل اموره وتقديم المعلومات العائلية له وعنه, فقد نصت المادة (14) من اللائحة على انشاء (مركز استعلامات) عن اسرى الحرب في كل دولة متحاربة او في اي الدول التي تحجز لديها اسرى حرب. وتكون مهمة هذا المركز جمع وتصنيف جميع المعلومات المتعلقة بالاسرى وتنظيم اتصالتهم بذويهم. ويمكن لمندوبي الجمعيات الخاصة مساعدة اسرى الحرب مثل: جمعيات الصليب الاحمر والاسد والشمس الحمراء – زيارة الاسرى في اماكن حجزهم لتوزيع المساعدات الطبية والغذائية التي يتلقونها عليهم.
وفي المادة (20) من لائحة الحرب البرية نص صريح يدعو الى اعادة اسرى الحرب الى اوطانهم بمجرد عقد معاهدة صلح بين الطرفين المتنازعين, وهذا يذكرنا بالاتفاق الفلسطيني – الاسرائيلي في واشنطن في 13 ايلول / سبتمبر عام 1993 واتفاقية القاهرة الموقعة في 4 ايار / مايو عام 1994 التي تلزم الجانب الاسرائيلي باطلاق سراح جميع الاسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال واعادتهم الى ديارهم بدون قيد او شرط حتى تأخذ هذه الاتفاقية موقعها في حيز التنفيذ. وفيما بعد يستطيع الجانبان حل جميع المشاكل الاخرى العالقة.
وجدير بالذكر ان الحقوق العامة والاساسية للاسرى الفلسطينيين لدى اسرائيل اوجبتها قوانين واعراف الحرب وضمنت تنفيذها قواعد القانون الدولي القائمة والمرعية, ولا تحتاج هذه القضية الى حوارات واجتماعات ومفاوضات ماراثونية توصلنا وباستمرار الى الحائط المسدود. وان عدم اخلاء جميع الاسرى الفلسطينيين من السجون والمعسكرات الاسرائيلية ليس اخلالاً في روح ونص الاتفاق الموقع بين منظمة التحرير واسرائيل فقط بل هو مخالفة جسيمة لاتفاقيات جنيف المقررة والمرعية بين الدول.
ويحضرنا في هذه اللحظة ما كتبه جان جاك روسو في العقد الاجتماعي حين قال: عندما يلقي المقاتلون اسلحتهم يعودون الى صفتهم كآدميين فقط, حيث لا يبقى لاحد بعد ذلك حق او سلطان على حياتهم.
واذا اضفنا الى ما تقدم ان الاسرى الفلسطينيين قد صدرت بحقهم احكام في ظل قوانين عسكرية ولم يحاكموا في ظل شروط عادلة. وبناءً عليه فإن بقائهم في المعتقلات والسجون الاسرائيلية يعتبر تمرداً على كل القوانين والاعراف. وفي حال النظر الى هذا الموضوع من زاوية الاتفاقيات الدولية فان الاحكام الصادرة بحقهم باطلة ومحض افتراء وهي مرفوضة من اساسها, لانها خارج القانون الدولي وخروج على كل نصوص الاتفاقيات الدولية بهذا الخصوص.
وعلينا حرصاً على حرية ابنائنا الاسرى ان نصرخ بأعلى صوتنا في المحافل القانونية لتحقيق العدالة والافراج عنهم بدون مماطلة لا داعي لها ولا مبرر لها. وما يعيشه اسرانا حالياً هو نوع من اشكال الحرب الاسرائيلية العنصرية ضد الانسان والحرية والوطن.
اختطاف النواب
إن الاختطاف غير القانوني للاخوة الوزراء والنواب يعد انتهاكاً صارخاً للمواثيق والاعراف الدولية حسب نص المادة 147 بند (7) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 اولاً واختطافهم كنواب في التشريعي ووزراء يخالف احكام ونصوص الاتفاقية الاسرائيلية الفلسطينية المرحلية – حول الضفة الغربية وقطاع غزة – في 28 / ايلول 1955, انظر الفصل الاول من الاتفاقية: المجلس من المادة الاولى وحتى المادة الثامنة, والتي منحتهم امتيازات وحصانات دبلوماسية وقضائية لا يجوز المساس بها. ثانياً: وبصفتهم نواب ووزراء لا يجوز لحكومة اسرائيل ان تتنصل من مسؤوليتها القانونية تجاه الاتفاقية المرحلية الموقعة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي كشخصين مؤهلين من اشخاص القانون الدولي (الحكومة الاسرائيلية ومنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني) .... فالقانون الدولي يعترف بالثوار كمحاربين اذا اقاموا نظاماً قانونياً مرتبطاً بالنظام الدولي, حيث اطلق القانون الدولي صفة اسير حرب حتى على المدنيين العزل والغاية من ذلك هي ان يتمكن الخصم من تمييز (المحاربيين) من غير المحاربين, والاحتراس بالتالي من رجال المقاومة والثوار, طالما انهم اختاروا الانسلاخ عن زمرة (غير المتحاربين) لينضموا الى زمرة (المحاربين) من جهة, والتمييز بين زمر الثوار التي تقاتل العدو بدافع من وطنيتها, وبين عصابات الاشقياء التي تقاتله بدافع السلب والنهب من جهة ثانية.
إذن ... فقد جرت الاعراف الدولية منذ القرن التاسع عشر على اعتبار القوات اللمتطوعة و"الشعب القائم في وجه العدو" حركات مقاومة شعبية منظمة, واعتبرت افرادها بحكم المحاربين, وقضت لهم بكل حقوق المحاربين, عند الوقوع في الاسر او عند الاصابة بالجراح, فحركات المقاومة الشعبية المنظمة تخضع لنفس القواعد التي تحكم الحرب الرية في القانون الدولي, وهي اتفاقية لاهاي لعام 1907, ولائحة الحرب البرية المرفقة بها, واتفاقية جنيف المعقودة في 27 / تموز / 1929, واتفاقية جنيف الرابعة المعقودة في 12 / اب / 1949, والاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عام 1948م, فالنضال الوطني الذي خاضه ويخوضه النواب والوزراء ينسجم انسجاماً مطلقاً مع قرار الجمعية العامة 3246 (د. 9) 19/11/1974, وكان هذا القرار خاصاً بحق الشعوب في تقرير المصير والاسراع في منح الاستقلال للبلاد والشعوب المستعمرة, وسمى فقرته السابقة شعوب افريقيا والشعب الفلسطيني بالذات, لذا, يمكن استنتاج التالي:
1. اختطاف النواب والوزراء من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي مخالف للاتفاقيات الموقعة بين م. ت. ف وحكومة اسرائيل.
2. اختطافهم يشكل مخالفة خطيرة للقانون الانساني الذي يضمن حماية النواب والوزراء زمن الحرب.
3. ان اختطاف النواب والوزراء يشكل بحد ذاته جريمة ضد الانسانية.
4. لا يجوز اخضاع النواب والوزراء للتحقيق والتعذيب, لانهم ينادوا بحقهم المشروع في ازالة الاحتلال استناداً للحق الطبيعي والشرعي للشعب الفلسطيني وكذلك استنتاجاً لقرارات مجلس الامن 242 – 338 – 425 – 1397 – 1402 – 1403 – 1405.
5. يجب على قوات الاحتلال اطلاق سراحهم فوراً لعدم ارتكابهم اية مخالفة تتناقض واعراف وقوانين الحرب.
6. اختطاف النواب والوزراء واخذهم رهائن, جريمة حرب وفق قواعد القانون الدولي والمواثيق الدولية وعلى وجه الخصوص:
أ- المادة الاولى من اتفاقية مناهضة اخذ الرهائن لسنة 1979.
ب- المادة الثامنة من النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية1998.
ت- قواعد القانون الدولي الانساني وخاصة اتفاقية جنيف لسنة 1949 وملاحقها.
ث- الاختطاف خرق للحصانة التي أقرت بها سلطات الاحتلال على ضوء اتفاقية واشنطن ملحق الانتخابات وتجدد الاقرار بالحصانة بالموافقة على الانتخابات التشريعية الاخيرة.
وعلى سبيل المثال لا الحصر مع احترامنا لكل ابنائنا الاسرى, نتوقف عند واحد من رموز حركتنا النضالية المشروعة ضد الاحتلال الغاشم وهو الاخ مروان البرغوثي عضو المجلس التشريعي وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح , اضافة الى كونه عضواً هاماً وبارزاً في منظمة التحرير الفلسطينية التي وقعت مع حكومة اسرائيل جميع الاتفاقيات الفلسطينية الاسرائيلية التي تلزم الطرفين بالالتزام بالاعراف والقوانين الدولية وحين تقوم قوات الاحتلال باعتقال الاخ مروان تكون قد تنكرت لكل القوانين الشرعية الدولية, والتزاماً بتلك القوانين فعلى الحكومة الاسرائيلية ان تطلق سراحه فوراً لعدم ارتكابه اية مخالفة تتناقض واعراف وقوانين الحرب, وقد استعرضنا في الفقرات السابقة موقفنا من الاجراءات الغاشمة لقوات الاحتلال.
هذا الموقف الذي يستند الى القوانين والمواثيق والشرعية الدولية التي لا تجيز لحكومة اسرائيل ما قامت به وتقوم به ضد ابناء شعبنا وخاصة من لهم حصانة دبلوماسية كالنواب والوزراء الفلسطينيين, وكل ما يمكن ان نقوله في هذا المجال: ان الشعب الفلسطيني ومنذ كارثة النكبة عام 1948 وحتى الان ما زال يعيش في ظل النفاق الدولي ومصادره الارادة السياسية العربية من قبل سياسة القطب الواحد, حيث ترك وحده في ساحة الصراع يتحمل سلبيات الشرعية الدولية المنتهكة جهاراً نهاراً وينطبق عليه قول الشاعر العربي:
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له اياك اياك ان تبتل بالماء
الوضع الحالي للمعتقلين والاسرى الفلسطينيين
تواصل قوات الاحتلال الاسرائيلي ممارسة الاعتقال التعسفي والعشوائي لآلاف الفلسطينيين واخضاعهم للتعذيب والمعاملة القاسية واللاانسانية والحاطة بالكرامة وذلك خلافاً لاحكام المواد 83 – 96 من اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949م.
وفي وقتنا الحالي لا يزال اكثر من سبعة آلاف اسير فلسطيني يقبعون خلف القضبان في ثلاثة وعشرين سجناً ومعتقلاً ومركزاً للتوقيف الاسرائيلي .... وعليه تكون قوات الاحتلال الاسرائيلي قد اعتقلت منذ العام 1967 وحتى يومنا هذا ما يزيد عن مليون اسير ومعتقل فلسطيني .... وما زال غالبية المعتقلين الفلسطينيين يتعرضون لاساليب التعذيب المحرمة دولياً. ودائماً ترد معلومات من العديد تؤكد تعرض معظم المعتقلين لاشكال مختلفة من التعذيب من قبل اجهزة الامن الاسرائيلية, ويشكل ذلك انتهاكاً جسيماً لاتفاقية جنيف الرابعة, والاتفاقية الخاصة بمناهضة التعذيب وغيره من اشكال المعاملة القاسية واللاانسانية للعام 1984م.
وتمارس اسرائيل التعذيب كوسيلة رسمية تحظى بالدعم السياسي والتغطية القانونية التي وضعتها المحكمة العليا للاجهزة الامنية الاسرائيلية في العام 1996 بعد ان منحت جهاز الشاباك الحق في استخدام التعذيب واساليب الضغط الجسدي والمعنوي ضد المعتقلين.
وتقوم اسرائيل بنقل واحتجاز آلاف المعتقلين الفلسطينيين الى مراكز الاعتقال والسجون داخل اراضي اسرائيل وخارج حدود الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م, وهذا انتهاك للمادة 76 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على انه يحتجز الاشخاص المحميون المتهمون في البلد المحتل, ويقضون فيها عقوبتهم اذا ادينوا.
وتتنافى الاجراءات الاسرائيلية التي تهدف الى ابقاء ملف معتقلي قطاع غزة مع المادة 77 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تلزم الدولة المحتلة بتسليم الاشخاص المحميين الذين ادانتهم محاكمها في الاراضي المحتلة, الى سلطات الاراضي المحررة.
بقلم/ د. حنا عيسى