عن تقرير غوتيرس وإستدامة ميزانية الأونروا

بقلم: علي هويدي

هذه المقالة تتحدث عن تقرير الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرس الذي نشره موقع "الأونروا" على الشبكة العنكبوتية بتاريخ 7/4/2017 ويدعو فيه الدول الأعضاء إلى جعل تمويل "الأونروا" مستداماً، وقد رحبت الوكالة بالتقرير ووصفته بـ "التاريخي". التقرير بتقديرنا يخدم قضية اللاجئين الفلسطينيين على ثلاثة مستويات؛ الإنساني والسياسي وإصلاح "الأونروا".

نعم هو تقرير تاريخي لأنها المرة الأولى التي يدعو فيها أمينا عاماً للأمم المتحدة لجعل ميزانية الوكالة "كافية"، وهذا لم يحدث منذ تأسيس "الأونروا" وفق القرار الأممي رقم 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في كانون الأول 1949.

بالتأكيد لم يأت تقرير الأمين العام ما بين ليلة وضحاها، بل نتيجة تراكم الشراكة في رفع الصوت الشعبي للاجئين الفلسطينيين، المنسجم مع الحراك الفصائلي السياسي الفلسطيني الوطني والإسلامي ومنظمات المجتمع المدني، بالتوازي مع إرتفاع نسبة الوعي حول أهمية إستمرار عمل الوكالة، هذا الحراك استفادت منه الوكالة إلى حد كبير واستثمرته بالضغط على الدول الأعضاء لدرجة إحضار مجموعة من الطلاب يمثلون البرلمان المدرسي لطلاب مدارس "الأونروا" لإسماع صوتهم وحاجاتهم في الأمم المتحدة، مما استدعى الأمين العام غوتيرس كما ذَكر في التقرير "بتكليف كل من تركيا وسويسرا بإجراء مشاورات بالنيابة عنه في جنيف ونيويورك وأماكن أخرى خلال الأشهر الأخيرة وقبل إطلاق التقرير".

ما جاء في التقرير بدعوة الدول الأعضاء أن يكون تمويل الأونروا "مستداماً وقابلاً للتنبؤ وكافياً"، على اعتبار أن الوكالة "تعطي قيمة كبيرة للدور الذي لا غنى عنه"، وأنه جاء نتيجة "إنتشار القلق على نطاق واسع بشأن النقص المتكرر في تمويل الوكالة وافتقارها للأمن المالي على المدى البعيد"؛ يخدم قضية اللاجئين الفلسطينيين على ثلاثة مستويات؛ الأول على المستوى الإنساني بإعطاء المزيد من الضمانات لإستمرار عمل الوكالة بتقديم خدماتها الإنسانية (تعليم وصحة وخدمات إجتماعية وتحسين مخيمات واستجابة لحالات الطوارئ) لما يقارب من خمسة ملايين ونصف المليون لاجئ فلسطيني مسجل في مناطق عملياتها الخمسة وهذه المرة كافية وغير مرتبطة بأوضاع الدول المانحة وتراجعها عن تقديم المساهمات المالية متذرعة أحيانا بالأوضاع الإقصادية للبلد، أو إختلاف الأولويات في تقديم المساعدات للمهجرين والنازحين في مناطق أخرى، أو إشتراط تقديم المساعدات وفق الرؤية السياسية لأي من الدول المانحة التي بالنهاية لا تقدم وجبات ساخنة.

الثاني هو المستوى السياسي وارتباط وكالة "الأونروا" بحق العودة وفق ديباجة القرار 302 والفقرة الخامسة والفقرة العشرين وارتباطهم بالقرار 194 للعام 1948 الذي يؤكد على حق العودة واستعادة الممتلكات والتعويض، وبالتالي القرار جاء ليزيل المخاوف من استمرار تراجع خدمات الوكالة كمقدمة لانهاء دورها أو إنتقال الخدمات للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين وفي كلتا الحالتين شطب حق العودة، فالخيار الأول للمفوضية بتسهيل عودة اللاجئ لا يمكن تطبيقه في ظل التعنت الصهيوني وتجربة فلسطينيي العراق ليست بالبعيدة.

المستوى الثالث مرتبط ببرنامج إصلاح "الأونروا" والرقابة الداخلية في الوكالة لا سيما على مستوى إدارة الموارد البشرية وإدارة البرامج، والعمليات التنظيمية والقيادة والإدارة والتي بدأت منذ العام 2007 وكان مقرراً لها أن تنتهي في العام 2010، إلا أن العملية بقيت مستمرة حتى الآن، وبالتالي هي فرصة للدفع باتجاه تحقيق الإصلاحات الداخلية والسيطرة على مكامن الخلل في القطاعات الأربعة خاصة مع التذمر الدائم للاجئين من وجود عمليات فساد مالي وإداري في النظم الداخلية للوكالة.

يعتبر تقرير الأمين العام خطوة بالإتجاه الصحيح وإن كان لا يزال في مرحلة "حث الدول" ولم يخرج بعد إلى حيز التنفيذ، لكن تبني التقرير من قبل الأمين العام بحد ذاته إنجاز نوعي وتاريخي للاجئين، نأمل ألا يتوقف الضغط للتنفيذ وأن يستمر الحراك لتحقيق المزيد من المكاسب بطلب حصول الوكالة على المزيد من الصلاحيات وفي المقدمة منها الحماية الجسدية للاجئين.

بقلم/ علي هويدي