أعجب كثيراً، وكثيرون غيري يعجبون أكثر وأكثر، لذلك الاعتذار الذي وجهه إلى الرئيس عباس ذلك الحمساوي (القُحّْ) فوزي برهوم، الذي هو ناطق رسمي/ إعلامي باسم حركة حماس، والذي كان للتو قد قدم عضو المكتب السياسي لحركة حماس، الدكتور/ خليل الحية، في أهم مؤتمر صحفي للحركة، والذي استمر لأكثر من ساعتين، بغية التعليق والإجابة على أخطر المواقف وأهم التساؤلات التي فجرتها جائحة الخصم من الرواتب التي ما تزال تطحن غزة وأهلها، والتي ما يزال ينفتح منها المزيد من الأزمات.
أما مبعث العجب- وربما العجب الملفع بالاستنكار- هو أن حركة حماس التي وصفت الرئيس عباس أكثر من ألف مرة ومرة بأنه "منتهي الولاية"، فإننا نراها اليوم، ونسمعها، ونقرأها، وهي تقدم الاعتذار له عبر متحدثها الرسمي/ الإعلامي فوزي برهوم، والذي كان قبل ساعات قليلة من الاعتذار يقدم لأكثر مؤتمراتها الصحفية أهمية وخطورة، وهو المؤتمر الذي عقده الدكتور الحية يوم الثلاثاء الماضي 18/4/2017.
وفوق ذلك، إذا كان الدكتور/ أحمد بحر، نائب المجلس التشريعي الذي مكَّن اللجنة الإدارية- التي كانت الذريعة لكل ما جرى لقطاع غزة من كوارث في الآونة الأخيرة- من القيام بعملها في الإشراف على عمل الإدارات والمؤسسات والتنسيق فيما بينها، قد وصف الرئيس عباس بأنه "منتهي الولاية" مرات ومرات لا حصر عليها ولا قيد عليها، وإذا كان رئيس اللجنة القانونية في المجلس التشريعي، المستشار/محمد فرج الغول، وكثير من النواب أيضاً، قد وصفوا الرئيس بأنه "منتهي الولاية" عشرات المرات، إن لم يكونوا قد
وصفوه بذلك مئات المرات، فما الذي يكون قد دفع برهوم- وهو صاحب مستوى رسمي هذه المرة بالذات ولا مجال لوصفه بغير ذلك- والذي كان قبل الاعتذار بساعات قليلة يدير مؤتمراً صحفياً للحركة إلى أن يعتذر لرئيس واصلتم وصفه في السنوات الأخيرة بأنه "منتهي الولاية" ؟!
إننا، لا نعجب ولا نستغرب اعتذار حمساوي آخر للرئيس، وقد كان، فلم نعجب ولم نستغرب بغض النظر عن رأينا في صوابية اعتذاره أو خطئه. أما أن يعتذر حمساوي إعلامي رسمي كان قبل قليل يدير مؤتمراً صحفياً لحركته، ويقدم فيه عضو مكتبها السياسي الدكتور/ خليل الحية، لهو أمر يدعو إلى العجب والاستنكار معاً، لا سيما إذا كان برهوم قد قدم للرئيس اعتذار حركته عن الإساءة له (أي للرئيس) خلال مسيرات كانت حركته قد دعت إليها رفضاً لإجراءاته ضد قطاع غزة. غير أن الأعجب من ذلك، هو أن برهوم أضاف لكلمة "الرئيس" وهو يعتذر صفة (سيادة) قائلاً: (يا سيادة الرئيس).
أما آخر الكلام، فإننا نريد أن نفهم منكم يا قيادات حماس: "هل الرئيس عباس رئيس منتهي الولاية كما تصفونه دائماً، أم أنه "سيادة الرئيس" كما خاطبه المتحدث باسمكم وهو يقدم الاعتذار له عن حركتكم؟! وإذا كان هناك ما يضطركم إلى التعامل معه سياسياً كرئيس، فهل هناك ما يضطركم إلى الاعتذار له؟!.
بقلم: الدكتور/ أيوب عثمان كاتب وأكاديمي فلسطيني جامعة الأزهر بغزة رئيس "جمعية أساتذة الجامعات- فلسطين"