هم عناوين المجد القابعون خلف زنازين القهر والغدر، تحت ظلم الاحتلال ، خلف قضبان الحديد ، هم من رسموا احلامهم بالحرية داخل زنازين ضيقة ، هم ابطال معركة الحرية والكرامة الذين رفعوا صوتهم عاليا وفي مقدمتهم القادة مروان البرغوثي واحمد سعدات وفؤاد الشوبكي وشادي ابو شيخدم وبسام الخندقجي وكافة اسرى واسيرات الحرية الذين قرروا التصدي للاحتلال وسجانيه نتيجة معاملة غير إنسانية تتنافى مع جميع القوانين والأعراف الدولية وشرعة حقوق الإنسان.
امام كل ذلك لقد قال اسرى فلسطين ان دولة الكيان الصهيوني تضرب بعرض الحائط كل الأعراف والمواثيق الدولية وميثاق "هيئة الأمم المتحدة" وتمعن في ممارسة هذه الإجراءات الوحشية التي تزداد عنفاً يوماً إثر يوم، حيث بلغت الممارسات الصهيونية واستهتارها بحياة الإنسان الفلسطيني درجة من الفظاظة والبشاعة تستنكرها كل المؤسسات الإنسانية .
نعم يخوض الاسرى في أقبية الزنازين الصهيونية معركة الأمعاء الخاوية والحرية والكرامة صفا واحدا دفاعاً عن كرامتهم ودفاعاً عن حقهم في الحرية والكرامة والإنسانية، ويطالبون العالم بالتضامن معهم في صون وحماية حقوق الإنسان أن تقوموا بما يمليه عليهم ضميرهم الإنساني، ومسؤولياته الأممية بالاجراءات التي تصون كرامة الاسرى الفلسطينيين وإطلاق سراحهم لممارسة حقهم في حياة حرة وشريفة.
في ظل هذا المعركة لابطال الحرية نؤكد على ضرورة تدويل قضية الاسرى ونقل ملفهم الى المحافل والمؤسسات الدولية لفضح الممارسات النازية للاحتلال وادارات سجونه المخالفة لكل القوانين الدولية واتفاقية جنيف الرابعة وابتداع اشكال من التوقيف المخالف للقوانين وهو ما يعرف بالتوقيف الاداري الذي يستمر لسنوات احيانا دونما ادانات وتهم محددة، علما ان عملية الاعتقالات باطلة اصلا لانها دولة احتلال تمارس احتلالها لاراضي الدولة الفلسطينية، وتقوم بقمع ابناء هذه الدولة من ممارسة حقهم المشروع في مقاومة الاحتلال والاستيطان والتهويد والقضم وابتلاع الاراضي.
ان ما يجسده الأسرى الفلسطينيون والعرب هو أسطورة جديدة ، يؤكدوا من خلالها على أن حريتهم آتية لا محالة، وإن نضالهم ضد الاحتلال لم ينقطع بتاتاً، فهاهم يؤكدون على حقهم في الحياة والحرية حتى من خلال زنازين العدو، حيث يبتدعوا أشكال وأساليب التضحية والصمود، من خلال خوض معركة الأمعاء الخاوية، في وجه جلاديهم، ومن أجل الحرية والكرامة والاستقلال الوطني، وليؤكدوا للعالم على أن سياسة الارهاب والعزل والاعتقال الإداري لن تثنيهم عن التمسك بمطالبهم في الحرية وإنهاء الاحتلال البغيض.
إن قضية الأسرى الفلسطينيين واحدة من اكبر القضايا الإنسانية في العصر الحديث، خاصة أن أكثر من ثلث الشعب الفلسطيني قد دخل السجون على مدار سنين الصراع الطويلة مع الاحتلال الإسرائيلي والحركة الصهيونية، إذ تقدر عدد حالات الاعتقال في صفوف الشعب الفلسطيني منذ عام 1967 أكثر من (850) الف حالة اعتقال، وان تلك الاعتقالات لم تقتصر على شريحة معينة أو فئة محددة، بل طالت كل فئات وشرائح المجتمع الفلسطيني دون تمييز، حيث شملت الأطفال والشبان والشيوخ، الفتيات والأمهات والزوجات، مرضى ومعاقين وعمال وأكاديميين، نوابا في المجلس التشريعي ووزراء سابقين، وقيادات سياسية ونقابية ومهنية وطلبة جامعات ومدارس وادباء وكتاب وفنانين.
أن الأسرى ومعهم الشعب الفلسطيني يدركون قبل غيرهم أن قضيتهم مرتبطة بانهاء الاحتلال وانتزاع الشعب الفلسطيني لحقوقه الوطنية، بما فيها حقه في اقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس وضمان حق العودة للاجئين الى ديارهم التي شردوا منها ، وإنه بات من الضرورة الوطنية لمواجهة البطش والارهاب والاعتقال الإسرائيلي أنهاء حالة الانقسام الفلسطيني – الفلسطيني التي لا يستفيد منها الا العدو الصهيوني، فالوحدة الوطنية الفلسطينية ضمن اطار منظمة التحرير الفلسطينية البيت المعنوي للشعب الفلسطيني وممثله الشرعي والوحيد وانهاء الانقسام تطبيقا للحوارات الوطنية الشاملة وآخرها حوارات بيروت وموسكو وتشكيل حكومة وحدة وطنية للتحضير لاجراء الانتخابات الشاملة على اساس التمثيل النسبي الكامل وعقد المجلس الوطني بمشاركة الجميع، وتنفيذ قرارات المجلس المركزي ،والتمسك بالثوابت الوطنية وخيار الانتفاضة والمقاومة هي الكفيلة بإنهاء عذابات الآلاف من الاسرى في سجون الاحتلال البغيض.
من هنا نؤكد على اهمية دور الأحزاب القومية واليسارية واحرار العالم بدعم نضال الحركة الاسيرة في سجون الاحتلال الصهيوني ومشاطرتهم الأمل بأن القيود لابد أن تنكسر بفضل نضالهم ونضال الملايين من رفاقهم خارج قضبان السجون والمعتقلات في فلسطين والوطن العربي والعالم.
ختاما : لا بد من القول لنرفع الصوت عاليا للتأكيد على أن هؤلاء الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني ليسوا وحدهم، فمعاناتهم وعذاباتهم وصمودهم وتضحياتهم هي صفحة مشرفة في سجل النضال الوطني الفلسطيني والعربي، فهم يكتبون اليوم مجد الامة ، ويرسمون طريق الكرامة من خلال معركة الحرية والاستقلال والعودة من خلال التصدي لكل أشكال البطش والإرهاب الصهيوني الذي لم تشهد له البشرية مثيلاً الا في زنازين وأقبية الفاشية والنازية .
بقلم/ عباس الجمعة