جرائم متتالية وقعت خلال ثلاثة أيام متتالية بقطاع غزة، كلها أبشع من بعضها البعض، مما أحدث حالة من الصدمة المجتمعية لهذه الجرائم التي أصبحت تطرق الواقع المجتمعي في القطاع بعنف.
وأمام كل جريمة هناك قصة وأسباب، ولعل التهويل في واقع هذه الجرائم يجب أن يدفعنا للبحث عن المسببات في ظل واقع قطاع غزة الصعب و الوقوف على حيثيات هذه الجرائم، وعن دور جهات الاختصاص و رجال الدين و الفصائل وكافة مكونات المجتمع الغزى للحد من انتشار الجريمة .
وأمام هذه الجرائم انتشرت إشاعة حول وجود ما يسمى بحبوب "الفيل الزرقاء" أو "الثور"، وأنها أحد الأسباب وراء جرائم القتل او السرقة، إلا أن هذا الحديث نفاه العقيد احمد القدرة، مدير مكافحة المخدرات بغزة بقوله إنه "لا صحة لما يُشاع عن وجود حبوب "الفيل الزرقاء" أو "الثور" ووصولها لقطاع غزة " ، مؤكداً أنها لم تدخل للقطاع ولم يتم ضبط ولو حبة واحدة على مدار الـ 10 سنوات الأخيرة.
وحبة الفيل الزرقاء هي من الحبوب الخطيرة ولكن لم يثبت وجود مثل هذه الحبة في قطاع غزة ولا يوجد حالة ضبط واحدة من هذا النوع من الحبوب وكل ما يشاع عن وجودها في قطاع غزة ليس صحيحا.
حقيقة حبوب الفيل الزرقاء أو الثور
وحول هذه المادة ومدى تأثيرها على من يتعاطها قال الدكتور الصيدلاني ذوالفقار سويرجو ((Di_methyl_Treptamin. DMT مادة كيميائية تسبب النشوة و الانفصال عن الواقع لساعات .لا تسبب الادمان الفيزيائي بل تسبب الادمان النفسي.اي ممكن التخلص منها دون تدخل طبي .فقط تغير العادات و ترك الاصحاب المشاركين في تعاطيه كفيل ان يخرج المتعاطي من حالة الادمان النفسي و العودة للحياة الطبيعية."
وعن الاعراض الجانبية لهذا العقار أوضح سويرجو وفق ما نقلته " وكالة قدس نت للأنباء " عن صفحته الشخصية بشبكة التواصل الإجتماعي (( لهذا العقار اعراض جانبية سيئة كارتفاع ضغط الدم وخفقان القلب والقيء وسيطرة العقل الباطني على المتعاطي ما يضع احتمال التعرض لافكار ووسواس مخيف وحالة من الوهم يدخل المتعاطي في خالة نفسية مرعبة تستمر اثارها لسنوات . كل ما سبق جعل من هذه المادة ..مادة خطيرة ولا تصلح للاستعمال الطبي ويتم استخدامها لاغراض البحث العلمي فقط. وايضا هذه الاعراض جعلت كل من تعاطاها في السنوات الماضية .يقلع عنها بسبب اثارها المدمرة على صحة الانسان)) .
وأضاف سويرجو "أعتقد اننا في قطاع غزة نمتلك مستوى من الوعي يجعلنا حذرين جدا من الوقوع في هذا الوحل المزعج والمقرف والضار بصحتنا .ناهيك عن ان هذه المادة انقرضت من السوق السوداء منذ سنوات بسبب خطورتها على الصحة العامة)).
جرائم قتل بشعة
وتمثلت جرائم القتل التى وقعت مؤخرا، بقيام القاتل مصعب هنية (26 عامًا) بقتل المغدورة نسرين أبو حسنين (42 عامًا)، في مخيم النصيرات وسط القطاع بعدة طعنات، في جريمة تكشفت خيوطها بالقبض على قاتلها و الذى أكد و فق ما أفاد به رئيس نيابة الوسطى المستشار نهاد الرملاوي بعد انهاء التحقيقات معه "انها كانت بهدف سلب مالها بعد التخطيط والرصد لارتكاب الجرم مع سبق الاصرار والترصد". وبين المستشار الرملاوي توجيه للمتهم "تهمة القتل قصداً والسلب والسطو بقصد ارتكاب جناية وحمل اداة مؤذية وحيازة مواد مخدرة بقصد التعاطي".
والجريمة الثانية وقعت في مدينة رفح جنوب قطاع غزة ، وذلك بعد أن لقيت المغدورة سعدة عاشور( 31 عاماً) مصرعها، في ساعة مبكرة من فجر يوم السبت من هذا الاسبوع، إثر تعرضها للطعن على يد زوجها، وقال المتحدث باسم الشرطة في القطاع المقدم أيمن البطنيجي إن "المواطنة قُتلت طعنًا بالسكين على يد زوجها في حي تل السلطان برفح"، مشيراً إلى أن القاتل محمد دوحان (37 عامًا) سلّم نفسه للشرطة.
والثالثة تمثلت بمصرع المسن إسماعيل ديب غباين (70 عاماً) الذى لقي مصرعه إثر سقوطه من شقته السكنية في منطقة تل الهوى جنوب غرب مدينة غزة يوم الأحد من هذا الاسبوع، وقال الناطق باسم الشرطة البطنيجي"إن المسن لقي مصرعه جراء سقوطه من الطابق الثاني، بعد أن اقتحم لص شقته السكنية".
واعلنت المباحث العامة عن إلقاء القبض على اللص (ج. د) 17 عامًا الذي حاول سرقة منزل المسن غبيان "بعد تحقيقات وجهود مكثفة تمت خلال الساعات الماضية، فيما تُستكمل إجراءات التحقيق وإحالة ملف القضية للنيابة العامة."
ومنذ بداية عام 2017 وقعت العديد من الجرائم البشعة وكانت بتاريخ22/4/2017 : رجل يقتل زوجته سعدة عاشور في حي تل السلطان غرب مدينة رفح و 18/4/ 2017 مقتل المواطنة نسرين أبو حسنين من أبراج النصيرات بعد سرقة منزلها وفي8/3/2017 مقتل المواطن أحمد النجار على يد رجلين في مخيم النصيرات وكذلك في 13/2/ 2017 مقتل ألفت محمد شاهين( 45 عاماً) جراء شجار وقع في منطقة جحر الديك بمدينة غزة و أيضا بتاريخ 17/2/2017 المواطن طلال أبو ضباع يقتل أبنائه الثلاثة ويحرق نفسه في مدينة رفح و كذلك بتاريخ 20/1/2017 مصرع الطفل محمد بلاطة يبلغ من العمر (11 عاماً) شنقاً في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة .
تعزيز الوازع الديني لدى أفراد المجتمع
وأمام هذه الجرائم ، وعن دور العلماء و رجال الدين ودروهم في توعية المواطنين للحد من انتشار الجريمة، قال الشيخ الدكتور نادر وادى "من المهم تعليم الناس وتوجيههم وهدايتهم وتخويفهم من عاقبة الجريمة في الدنيا والآخرة ، ونشر الوعي والثقافة الإسلامية، وتعزيز الوازع الديني لدى أفراد المجتمع، الذي بدوره يضبط الكم الأكبر من السلوك العدواني لدى البشر."
ويتمثل ذلك بتوعيةُ المسلمين بخطورة الاعتداء على النفس أو الآخرين، وتخويفهم من عقاب الله تعالى وانتقامه، وأن حُرمة المسلم أعظم من حُرمة الكعبة، وأن بلاء الدنيا أهون من عذاب الآخرة ، و نزع المبررات من ذوي النفوس الضعيفة، الذين يبررون إجرامهم بالفقر أو البطالة أو نحوه، والتأكيد على أن هذه الأمور لا تعفي الجاني من المسؤولية ولا تسقط عنه العقاب الديني والدنيوي.
أيضا من المهم تعميم ثقافة العقوبات والحدود والقصاص في الاسلام، وتعريف الناس بما يلحق بهم من عقوبات وأحكام شرعية من قصاص أو حبس أو خسارة مالية في حال اعتدوا على بعضهم، ليكون زاجرًا ماديا لهم ، و كذلك تعميم ثقافة التقاضي والتحاكم والتخاصم بدلاً من أخذ القانون باليد، ومحاربة النزعة القبلية في الثأر العائلي والقبلي .
وحول دور المسؤولين للحد من هذه الجريمة قال الشيخ وادى في حديث لـ " وكالة قدس نت للأنباء "، "من الضرورة حثُ المسؤولين ومساعدتهم وتزويدهم بالأفكار والخطط الثقافية والاجتماعية والتنموية لمكافحة الجريمة وتحذير المسؤولين من الغفلة عن احتياجات الناس، وتذكيرهم بالأمانة والمسؤولية التي يحملونها، وأنهم شركاء في الجريمة لو كانت نتيجة اهمالهم لاحتياجات الناس".
مواصلا حديثه، "كذلك يجب حث الناس على القيام بفريضة الزكاة والصدقات، التي لو أقيمت لوسعت الناس ولبت كثير من احتياجاتهم ولما وجد فقيرٌ ولا متسولٌ ولا لجأ شابٌ عاطل إلى السرقة والاجرام وحث الناس على تيسير المهور وتسهيل أمور الزواج، لأنه حصن حصين يمنع الشباب من الانحراف، وتنبيه الناس لضرورة الحيطة والحذر وعدم التباهي والتبجح بالنعم والأموال والثروات."
وأضاف، "كذلك يجب دعوة النساء للستر والحشمة وعدم إظهار زينتهن وعدم اظهار الذهب والمجوهرات حال خروجهن من البيوت ، و دعوة الشباب الى المبادرة والابداع في خلق فرص العمل، وعدم الاستسلام للبطالة والفقر ، والاسهام بالنفس والمال والعلم والجاه في فض المنازعات وحسم الخصومات ونزع حبال الحقد والضغينة والكره من المجتمع ، كذلك الدعوة إلى الأخلاق الحسنة وبث روح التسامح والعفو والصفح، والتذكير بأن ما عند الله خير وأبقى، والتحذير من اتباع النفس والهوى والجري وراء دوافع الانتقام ، وحثُ الحكام وأولياء الأمور على إقامة حكم الله تعالى في الجناة، وتطبيق الحدود والقصاص عليهم، وهي كفيلة بالقضاء على المجرمين وردعهم.
وغير ذلك مما يتوجب على العلماء والدعاة في سبيل محاربة الجريمة ، وفي النهاية، فإن مهمة العلماء هي التبشير والانذار، وليس للعلماء قوة تنفيذية تتولى القيام بالحدود والقصاص وتعقب المجرمين ونحو ذلك، وإنما هم جهة توعوية توجيهية تربوية تثقيفية، قال تعالى: { وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ } (النور54)، وبقية المهام تقع على أولياء الأمور الذين بيدهم القوة والسلطان والرجال والمال لإحقاق الحق وابطال الباطل . ختم الشيخ وادى حديثه
