أمتشق قلمي وهو يصهل كصهوة الخيل في معاركة,لإن ذاتي راودتني على الكتابة لأكتب ملحمة أسطورية عن أمهات وطني,لان قرص الشمس تخجل منهن لعفتهن وصلابة عنفوانهن,ومع هذا أجد ذاتي تخجل من نفسي ومن عجزي وضعف حيلتي,فأكتب وقلبي يعتصره والوجع لوجع أهل الشهداء والأسرى والجرحى والمكلومين والمبعدين قصراً عن ذويهم وأوطانهم,أكتب ويكتسيني الفخر والشموخ أما عظمة آلاف الأمهات الخنساوات الفلسطينيات الماجدات الصائمات الساجدات الصابرات الثابتات ممن استشهد أو أسر أبناؤهن في غياهب باستيلات العدو الصهيوني....
أكتب عن أمهات يحملن في صدورهن قلوباً رقيقة ومشاعر فياضة,وأقوياء كالجبال الراسية تباتا على تحمل الشدائد والمصاب وشامخات شموخ السنديان لا ينكسرن عند المحن,فقد ذقن مرارة الاحتلال والاعتقال وعذابات أبنائهن وهن قطعن أميال ويتنقلن من سجن إلى أخر راكضات خلف أبنائهن المعتقلين والمعتقلات في سجون الاحتلال,وقد تحلوا بالصبر وتجاوزا الآم والفراق ولوعة الحرمان,فهن نعم الأمهات المناضلات في قمة الصبر والتحدي والتحمل والصمود والشجاعة والكبرياء والعطاء والتضحيات في صبرهن على غياب فلذات أكبادهن وضربن لنا أروع الملاحم البطولية وسطرن أنصع الصفحات المشرفة في سجلات المجد والتاريخ ....
شرعت الأم المناضلة الصابرة الثائرة العظيمة سنديان فلسطين الحاجة لطيفة محمد ناجي أبو حميد،وكنيتها"أم يوسف"والمعروفة بأم ناصر(70عاماً)والدة الشهيد عبد المنعم ناجي والذي اغتالته قوات خاصة إسرائيلية عام 1994م وأربعة أسرى يقبعون في سجون الاحتلال حكم عليهم بالمؤبدات,والتي تسكن بالضفة الغربية في مخيم الأمعري للاجئين جنوبي رام الله المحتلة أم الرجال الأبطال أم الشهداء والجرحى والأسرى الأوفياء إضرابها المفتوح عن الطعام للأسبوع الثاني على التوالي لا تتناول سوى الماء والملح وذلك من يوم الأحد بعد أن سلم الأسرى ورقة مطالبهم إلى إدارة السجن إلى جانب نحو 1500 أسير فلسطيني يخوضون إضراباً مفتوحاً عن الطعام في سجون الاحتلال في إضراب الحرية والكرامة والذي انطلق يوم الاثنين 17 نيسان/إبريل 2017, رغم الحديث معها من المقربين من أجل فك إضرابها خشية على صحتها إلا إنها تصر على مواصلة إضرابها إبان بإنهاء أبنائها لإضرابهم وينتصر الأسرى لمطالبهم.....
تضامناً مع أبنائها الأسرى الأربعة المضربين عن الطعام والمعتقلين جميعاً في سجن"عسقلان وبعد خوضهم للإضراب تم نقل ناصر المحكوم سبعة مؤبدات وعشرين سنة وهو ممثل الأسرى في سجن عسقلان إلى سجن الجلمة ومحمد محكوم مؤبدين وثلاثين سنة إلى سجن الرملة وبقي شريف محكوم أربع مؤبدات ونصر محكوم بخمس مؤبدات في سجن عسقلان,فقد حملت هذه الأم المناضلة الثائرة قضية الأسرى على عاتقها منذ عقود وقد ذاقوا أبنائها العشرة مرارة الاعتقال وصنوف أشكال القهر والتنكيل والتعذيب في غياهب السجون,ومرت سنوات من عمرها ولم يكنوا أبنائها العشرة المعتقلين بجوارها’وقد حرمها الاحتلال الزنيم من زيارتهم لفترة طويلة من الزمن,وهدمت منزلها مرتين ما بين العام 1994م والعام 2002 ومازالت رغم شيخوختها تتواصل نضالها في جميع الفعاليات التضامنية والمساندة للأسري ولم تنكسر أو تنهار او تنحني لجبروت الاحتلال ومازالت متسلحة بإيمانها بالله وبالأمل الممزوج بقوة الإرادة والصلابة على كسر أغلال السجان وقضبان السجن .......
عاشت خنساوات فلسطين الثائرات الصابرات....عاشت أمهاتنا في العالم العربي والإسلامي ... فالمجد يركع صاغرا أمام عظمة صبركم وعطائكم أمهاتنا الماجدات..
بقلم الكاتب // سامي إبراهيم فودة
[email protected]