إن حالة الإحباط التي زادت وتيرتها ، في الآونة الأخيرة في مجتمعنا الفلسطيني وخصوصا في قطاع غزة ...والتي أصابت قلوب المعذبين ،وسط نمو نبتة شيطانية من التنكيل بالجثث والترهيب ، ووسط تدحرج كرة القتل الشنيعة، والتي تطحن كل شيء بطريقها ...! وهل هناك من جريمة أفظع من قتل النفس البشرية ،وهل هناك من مشهد ٍ مؤلم ٍ أكثر من لون الدماء ،والتي تراق بكل وحشية ،وجبروت...ولأنها ثقافة جديدة شاذة... فاحت رائحتها الكريهة ، في عمق مجتمعنا ...ولما لها من أثر ٍ سيء ، و انعكاس عواقبه ، الوخيمة ، لذا سادت حالة الإحباط ،والحزن الشديد ...فكيف بنا ، وما أن تمر أيام ٍ قلائل ،وإلا ونسمع عن جريمة قتل جديدة ، عناوين ٌ كئيبة يتم عرضها أو تناقلها عبر الوسائل الإعلامية ،أو ألسنة الناس ،ومن تلك العناوين:" ... مقتل شاب طعنا في النصيرات وسط قطاع غزة …العثور على جثة سيدة مقتولة طعنا بمخيم النصيرات وسط القطاع …و أقدم مواطن فلسطيني على قتل أبنائه الثلاثة، بينهم طفلان، قبل أن يضرم النار بنفسه في مدينة رفح بجنوب قطاع غزة... ومن أخر تلك العناوين ، المأساة التي هزت جموع الناس في مدينة رفح هو عندما أفادت مصادر محلية بأن مواطناً " أقدم على طعن زوجته بالسكين في حي تل السطان برفح، ما أدى إلى وفاتها على الفور" هي عناوين مزعجة تأثرنا بها ،الكثيرون يسألون هذي الأيام عن سبب مدى سرعة ازدياد الجريمة في مجتمعنا ،والذي يرفض القتل وتحت أي ذريعة من الذرائع مهما كانت ...واني هنا لن احمل دور الخطباء في المساجد فقط رغم تقصيرهم في الإرشاد ،والوعي ، وفي الترهيب ...! ،أو دور المؤسسات الأهلية ،والوسائل الإعلامية التي قامت بتهميش مثل تلك القضايا الخطيرة ،وعما يحدث في قطاعنا الحبيب ،ولن أحمّل كذلك الحكومة في غزة عن تصاعد وتيرة القتل سواء بدافع السرقة أو الشرف في غيره ، وسط غياب القانون ،والقصاص العادل والرادع والمناسب لوضع ِ حد ٍ لمجريات مثل تلك الأمور التي تفاقمت مؤخرا ، ولن أتكلم عن حرمة قتل النفس أو عقابها في شريعتنا الإسلامية ، أو من خلال الشرائع الأخرى ...ولكني أود أن أشير إلى أحد الأسباب التي زادت من الجريمة في مجتمعنا ..طبعا من المسلمات التي لا يمكن إنكارها عن أسباب القتل أو دوافعه مثل غياب الوازع الديني ،وانهيار السلوك الأخلاقي ،وكذلك الحصار وتردي الوضع الاقتصادي ،ولكن هنا أشير بقلمي إلى أحد أسباب زيادة الجريمة ،ولا تتعجبوا أن قلت لكم أن تسليط الإعلام، لمثل تلك القضايا الحساسة دون وضع حد ٍ للمعالجة ، خاصة إننا نعيش بمجتمع مغلق ، هو ما يزيد مثل تلك الجرائم بفعل الضغط أو التأثير النفسي والتقليد الأعمى ...ولكن برأيي الشخصي أن أحد أسباب تفشي الجريمة ،بل أحد دوافعها هو انعكاس كامن ،وليد لثقافة قديمة توارثناها و تربينا عليها فماذا ننتظر من مجتمعات لا تغذي عقول أبنائها الصغار قبل النوم ،بقصص الأنبياء وزرع الصبر والتحمل والعزيمة في نفوسهم ،والخوف من الله ...؟! ،وماذا ننتظر من مجتمعات ما عادت تهتم بحواديت الشاطر حسن وست الحسن والجمال ،أو حكايات ألف ليلة وليلة والسندباد البحري بل تمركزت محور حواديتها حول ...أمنا الغولة ،وأبو رجل مسلوخة وأبو رجل حمار والنداهة وبكل صراحة إن ما نجنيه اليوم ،هو من حصاد ِ ثمار ِ تلك الخرافات التي عششت في مخيلاتنا ...!
بقلم/ حامد ابوعمرة