اختلفت الآراء والتفسيرات حول الأسباب التي دفعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لأن يقرر زيادة الدعم المادي للسلطة الفلسطينية قبل لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" في الثالث من مايو القادم.
فهل هذه التسهيلات هي رسالة من ترامب لأجل حلول مستقبلية يمكن أن تدفع بعملية السلام للأمام، كذلك ما هو شكل العلاقة ما بين هذا الدعم والأوضاع في قطاع غزة، الذي يشهد ظروفا استثنائية في ظل تدهور العلاقات ما الرئيس عباس وحماس، وهل يمكن اعتبار ذلك بداية الانفصال التدريجي عن قطاع غزة.
في هذا الصدد حاورت" وكالة قدس نت للأنباء"، الكاتب والمحلل السياسي الدكتور محمد خليل مصلح، للوقوف على تداعيات هذه الأحداث، وماذا يقرأ فيما بين السطور، و إلى أى مدى يمكن أن تتطور الأوضاع بين حماس والرئيس عباس.
وحول زيادة الدعم المالي للسلطة من قبل الإدارة الأمريكية قال مصلح:" لا شك أن هذه الخطوة دعم مباشر للرئيس أبو مازن وتشجيع للاستمرار في خطواته السياسية بما يتفق مع الوعود والالتزامات التي تعهد بها أبو مازن سواء من خلال ما تم نقله عبر الملك الأردني عبدالله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في لقائهما مع الرئيس ترامب وأيضا هي خطوة تشجيعية جاءت قبل اللقاء مع أبو مازن لدفعه لاتخاذ خطوات قريبة من الأطراف العربية خاصة مصر الأردن والسعودية، وقد تكون مكافئة للرئيس عباس على الخطوة التي اتخذها بمواجهة معضلة غزة التي تعتبر عقبة أمام الحل السياسي والمشروع الإقليمي المبني على الحل المؤقت حسب تحليلنا والذي تعتبر غزة فيه المرحلة الأولى وهو ما يتوافق مع رؤية نتنياهو واليمين الإسرائيلي بأن غزة أولا ومن ثم نجلس للتفاوض على مستقبل الضفة في إطار حل إقليمي .
خطوة كبيرة لصالح أبو مازن
وأضاف مصلح، و تعد هذه خطوة كبيرة لصالح أبو مازن وهي تسقط كل المناورات من المعارضين للرئيس والدول الداعمة لخصمه خاصة الخصم السياسي النائب محمد دحلان وهي في نظري تفسر الكثير من القادم والذي أشرت إليه بأن الرئيس عباس وضع أمام المبعوث الأمريكي الذي زار المنطقة توضيحات أنه يواجهه عقبتين دحلان المحتضن من قبل الإمارات العربية وقد تم تجاوز تلك العقبة بمصالحة مصر مع السعودية واستقبال السيسى للرئيس عباس ودعوته للقاء، مما وضح الكثير لقواعد اللعبة بينهما ومكانة دحلان فيها، وبقيت حماس وغزة فقواعد اللعبة بحاجة إلى موقف عربي داعم وهو ما حصل عليه والدعم المالي الذي أثاره الرئيس بخصم نسبة الرواتب وطرحه قانون التقاعد في صفقة لحماس لتجاوز أزمة موظفيها وحصر المشكلة لحماس في الموظفين ولا شيء غير ذلك، أبو مازن استطاع أن يكسب دعم ترامب لكن لكل شيء ثمن والثمن يبدو موافقة أبو مازن على الحل الإقليمي أو المؤقت وعدم البحث في دولتين لفترة زمنية حتى يتم التأكد من استقرار الوضع ونجاح الفلسطينيين في فرض رؤية أمنية متفق عليها بين كل الإطراف مصر الأردن والسعودية وإسرائيل وأمريكا.
زيادة الدعم للضفة وغزة
هذا وذكر موقع "فورين بلوسي"، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ينوي زيادة الدعم الخارجي للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة بنسبة 5%.
وبحسب الموقع فان وثائق داخلية أمريكية أشارت إلى أن إدارة ترامب تخطط لتقليص الدعم المالي الأمريكي الخارجي، ولكنها في نفس الوقت تخطط لزيادة الدعم المالي للسلطة الفلسطينية، وتوقع الموقع الأمريكي أن يعارض مجلس الشيوخ الأمريكي هذه الخطوة اتجاه السلطة الفلسطينية .
وأوضح الموقع أن الإدارة الأمريكية تخطط لتقليص كبير في دعمها المالي لدول افريقية وكذلك في آسيا ومنطقة الشرق الأوسط، والتي ستشمل بعض الدول التي تعتبر حليفة للولايات المتحدة مثل الأردن ومصر في حين تخطط الإدارة الأمريكية بزيادة الدعم المالي للسلطة الفلسطينية، ومن المتوقع أن يصل هذا الدعم إلى 215 مليون دولار بدلا مما كان في السنة الماضية 205 مليون دولار.
قواعد اللعبة بين حماس والرئيس عباس
وحول علاقة هذا الدعم بالأوضاع في قطاع غزة، وهل يمكن اعتبار ذلك رسالة لحماس في ظل تغيرات الأوضاع فقال الكاتب مصلح:" يبدو أن قواعد اللعبة بين حماس والرئيس عباس قد تغيرت وبدأت بمنحى أخر خطير يتلقى أبو مازن التشجيع للاستمرار فيه فالخيارات محدودة أمام الجميع خاصة حماس التي تحاول أن ترسل وتستبق الأحداث بتعديل الميثاق لكن هل هذا يكفي للأطراف المعنية؟ وهل حماس تقول أنها مستعدة لأكثر من ذلك إذا تطلب الأمر وكان ثمن للتغيير في المواقف والتزحزح عنها لمصلحة فكفكة عقد الشرق الأوسط والصراع لمصلحة محور الاعتدال في المنطقة.
وأوضح الكاتب مصلح، أن أبو مازن أرسل لحماس رسالة قوية تعكس التأييد الإقليمي والأمريكي لها حتى يتأهل الرئيس أبو مازن للمرحلة القادمة لصفقة ترامب المشروع الإقليمي انه شريك كامل فهو بحاجة إلى دعم حماس وباقي الفصائل أو مشاركة حماس في الحل وعلى اقل تقدير عدم عرقلة حماس لخطوات الحل الإقليمي الأمريكي فهي أمام خياران إما التسليم وإعطاء الموافقة على حكومة وطنية ليس شرطا أن تكون عضوا فيها بل يكفي الموافقة أو أن تكون شريكا لأبو مازن بحسب تصوراته وهذا مستحيل أن يبقى والخيار الأخر والذي في نظري يمثل انحناءة للريح بدأت الإشارة له بتغيير بعض بنود الميثاق بالاعتراف بدولة على حدود 67 ما يعني بقاء حماس كلاعب لكن ليس شريكا في هذه المرحلة.
سيناريوهات أمام حماس
وفي تعقيبه على السيناريوهات التي يمكن أن تحدث إذا ما تعقدت الأوضاع بغزة، فأوضح مصلح، أن السيناريو السيئ هو رفض حماس للعروض والتمسك بحكم غزة وسيكون هناك سيناريوهان أما سيناريو العقاب الجماعي للقطاع وحصار غزة وقطعها عن العالم حتى تنفجر الجماهير في وجهها أو إذا كانت الدول المعنية مستعجلة بتهيئة البيئة لصفقة ترامب والحل الإقليمي فستواجه غزة ضربة قاسية تضر بحماس بشكل كبير جدا قد تصل إلى حرب تمهد لتغيير الوضع كله بإرجاع غزة كما يسميها فريق رام الله إلى شرعية أبو مازن الذي استطاع أن يجعل الكرة في ملعب حماس بانتظار الرد منها.
مواصلا حديثه لـ "وكالة قدس نت للأنباء"، وغزة ستكون المرحلة الأولى من المشروع الإقليمي لأنها الحلقة أو المرحلة المقبولة لإسرائيل في الحل المؤقت مع بعض التفاهمات الجغرافية مع مصر.
تفكير آخر رمي غزة وحماس في وجه إسرائيل إذا أعلن انفصال غزة واعترف أمام العالم أنها إقليم خارج عن الشرعية ومتمرد ومخطوف من قبل حماس وهي دعوة للحرب على حماس وإنهاء فصل حماس لحكم غزة وبذلك ينتهي قرار الانفصال، لكن مناورة الانفصال عن غزة ليست حقيقة ولن يتجرأ أبو مازن على مثل تلك الخطوة إلا إذا كان هناك مخطط للقضاء على حماس حتى لا يتهم انه وراء الخطوة جنبا إلى جنب مع الاحتلال.
وسيكون فك الارتباط ضمن سيناريو المقاطعة وتشديد الحصار على غزة للرضوخ والدفع بحماس إلى حالة العجز للاستمرار في الحكم ووضعها في الزاوية على أمل أن تنفجر وتبادر إلى حرب مع إسرائيل وهي الورقة المنتظرة أو الخطأ المنتظر الوقوع فيه للمبادرة إلى حرب واتهام حماس بالمسؤولية .
