القدس الدوليّة تصدر تقرير حال القدس الفصلي الأول لعام 2017

أصدرت مؤسسة القدس الدولية تقرير حال القدس الأول لعام 2017 وهو يرصد تطوّرات مشروع التهويد في القدس ما بين كانون ثانٍ/يناير وآذار/مارس 2017، بالإضافة إلى تطورات الموقف السياسي المرتبط بالقدس.

ويعتبر عام 2017 محطةً مختلفة عن باقي السنوات، حيث يتعاطى الاحتلال مع هذا العام على أنّه عام مميّز في تاريخه كونه يُتم خمسة عقود كاملة على استكمال احتلال القدس، أو على ما يسميه هو توحيدها، ليروّج لها عاصمة له؛ و100 عام على "وعد بلفور" الذي أسّس لقيام الدولة المحتلّة على دماء وأجساد الفلسطينيين وأراضيهم، ولا يكتفي الاحتلال بـ "إنجازاته" على مدى العقود السابقة، بل هو يرصد الميزانيات للاحتفال بما أنجز عبر مزيد من التّهويد والاعتداءات على الأرض وعلى أصحابها ومقدّساتهم.

ويتابع التقرير التّهويد الديني الذي يتعرض له الأقصى، وقد كان المشهد لافتًا خلال الربع الأول من العام لا سيما مع التصعيد في حملات الإبعاد عن الأقصى التي طالت مقدسيّين وموظفين من دائرة الأوقاف الإسلامية. وتستمر اقتحامات المسجد الأقصى بنسقٍ غير مسبوق خلال الفصل الأول من عام 2017، فقد وصل عدد مقتحمي الأقصى إلى 5094 مقتحمًا. فيما استمرّ اقتحام "السياح" بحماية الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة، واستهداف حراس المسجد الأقصى بالاعتقال والإبعاد وخلال أشهر الرصد عملت أذرع الاحتلال على تثبيت الوجود اليهودي في الأقصى عبر قرار محكمة الصلح بأن الأقصى "مكان مقدس لليهود"، وعبر إنشاء مشروع "صندوق تراث جبل المعبد"، ودعوات "منظمات المعبد" لإقامة حفلات البلوغ في المسجد.

وبموازاة هذا المشهد، تتزايد المطالبات برفع الحظر المفروض على دخول أعضاء "الكنيست" إلى الأقصى، وقد أعلن نتنياهو في 27/3/2017، بعد اجتماع حضره وزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال، ورئيس "الشاباك"، وقائد شرطة الاحتلال في القدس، أنّه بصدد النظر في إمكانية رفع الحظر بعد انتهاء شهر رمضان، مع احتمال تطبيق إجراءات معينة تفرضها الشرطة. ويمكن النظر إلى هذا الإعلان من قبل نتنياهو، الذي قال إنه سيستند إلى تقييم الأوضاع الأمنية لحسم الأمر وأنّ الاقتحامات ستكون لمدّة تجريبية، على أنّه محاولة لامتصاص الضغوط التي يواجهها في هذا المجال وتمرير شهر رمضان من دون فتح المجال أمام مزيد من الاستفزاز الذي تفرضه اقتحامات السياسيين من داعمي فكرة "المعبد".

أمّا على المستوى الديمغرافي وتحديدًا في ما يتعلق بالاستيطان فيمكن القول إنّ الربع الأول من العام كان لترتيب الملف مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الذي تسلم الرئاسة رسميًا في 20/1/2017 وهو يحاول "إرساء" قواعده في السياسة الخارجية. وقد زار رئيس حكومة الاحتلال واشنطن في 15/2/2017 والتقى الرئيس ترمب الذي قال لنتنياهو إنه يريد أن يرى كبحًا للبناء الاستيطاني. وعلى الرغم من أن نتنياهو أعلن أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق مع ترمب بهذا الخصوص، إلا أنّه أعلن في 31/3/2017 عن "إرشادات" حول الاستيطان تتضمن عدم بناء مستوطنات أو بؤر استيطانية جديدة، والتزام البناء داخل حدود المستوطنات المقامة حاليًا في الضفة الغربية، أو البناء بالقرب منها في حال تعذر البناء فيها. وبالطبع، فهو أعلن خلال زيارته إلى الصين في وقت سابق من الشهر أن البناء الاستيطاني في القدس غير مطروح للنقاش.

ويسلط التقرير الضوء على احتفالات الاحتلال بمرور 50 عامًا على استكمال احتلال القدس، التي يعتبرها محطةً فارقة في تاريخه، حيث يولي احتفالات هذا العام اهتمامًا خاصًا لا لأنها تكرس مرور 5 عقود على استكمال احتلال القدس وحسب، بل لأنّها تتوج 50 عامًا من جهود التهويد لتكريس هوية يهودية للمدينة المحتلة. وقد بدأ الاستعداد للمناسبة منذ العام الماضي بفعاليات "تمهيدية" من افتتاح "طريق الحجيج إلى المعبد" ضمن سلسلة الحفريات والأنفاق تحت منازل المقدسيين في سلوان، وافتتاح معرض صور في "الكنيست". وفي الأشهر الأولى من عام 2017، فإنّ التّحضير للاحتفالات مستمر على قدم وساق وفي مقدمته إعداد شعار العام، والتحضير لرفع ما يزيد على 10 آلاف علم في القدس تشمل العلم الإسرائيلي وعلم بلدية الاحتلال في القدس، وعلم اليوبيلية؛ ودعوات إلى اليهود في الخارج إلى زيارة إسرائيل مع عروض تشجيعية. كذلك طالب عدد من أعضاء "الكنيست" بتفعيل مشروع "القدس الكبرى"، وضمّ الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية لتكريس هذا العام على أنه "عام السيادة".

وإذ تحاول إسرائيل أن تمضي في تثبيت الحقائق التي فرضتها وأن تغطّي على الواقع في القدس باحتفالات وشعارات "تتناسب وحجم الذكرى الـ50 لاستكمال احتلال القدس" تبقى انتفاضة القدس الرد الأبلغ على الاحتلال لما تمثله من رفض لسياساته واعتداءاته. وقد دخلت الانتفاضة عامها الثاني من دون أن تتوقف، ولا يزال الاحتلال يحاول القضاء على أيّ محاولات للإعداد لتنفيذ عمليات ضده، ومن ذلك ورش ومحلات يزعم أنّها تصنّع أسلحة ومتفجّرات، واعتقالات يومية في صفوف الفلسطينيين على خلفية المواجهات التي تشهدها أحياء مختلفة مع جنود الاحتلال، وعلى خلفية "منشورات تحريضية" تدعو إلى التصدي للاحتلال ومواجهته. وقد بلغ عدد العمليات في القدس خلال مدة الرصد نحو 50 عمليّة، فيما تجاوز عدد نقاط المواجهة في المدينة المحتلة 253 نقطة، ما يؤكد أنّ القدس لا تزال عاملًا مركزيًا ومحرّكًا للانتفاضة.

المصدر: القدس المحتلة – وكالة قدس نت للأنباء -