براك: حكومة نتنياهو تسعى لإسقاط السلطة وتقود إسرائيل للهاوية

قال رئيس حكومة إسرائيل ووزير جيشها الأسبق إيهود براك إن "الصهيونية أكثر المشاريع القومية نجاحا في القرن العشرين لكن الحكومة بقيادة بنيامين نتنياهو تقودها اليوم نحو منزلق خطير ونحو تهديد وجودي".
وجدد براك هجومه على نتنياهو، ونفى أن يكون مثله متورط بترهيب الإسرائيليين، مشددا على أن الحكومة الحالية تدفع إسرائيل بقوة نحو دولة ثنائية القومية من البحر للنهر.
وتابع مكررا تحذيراته "في حال تم الحفاظ على الديمقراطية ستكون هنا دولة مع أغلبية فلسطينية تشهد حربا أهلية. وإن تم كسر الديمقراطية في إسرائيل فإنها ستتحول لدولة فصل عنصري (أبرتهايد) تعيش تحت خطر الانهيار وهذا تهديد وجودي".
ويعلل رؤيته لصحيفة "يديعوت أحرونوت" بالقول إن منطق الدولة الواحدة يقود اليمين بالضرورة لإضعاف الجهاز القضائي، والمجتمع المدني والإعلام الحر.
وردا على سؤال إن اليمين ملزم بدهورة منظومة قيم الجيش ونتنياهو يقود حكومة مهووسة، وشباب إسرائيليين يهاجرون إلى برلين….
عن ذلك قال براك إنه لا يحب ظاهرة هجرة الإسرائيليين لكنه يفهم من أين تنبت. وتابع "ترعرع هؤلاء على قيم ليبرالية تتركز بالفرد. تهبط في برلين، ولندن أو نيويورك وبسهولة تجد ذاتك هناك. مجتمعات يمينية وتقليدية تشدد أكثر على قيم الجمهور- ولاء للمجموعة ولمن يقف على رأسها. هناك أمور مقدسة. لا استخف بهذه القيم فهي تمنح الحياة معناها. في العقود الثلاثة الأخيرة تم الإخلال بالميزان بين مجموعتي القيم. اليسار تبنى قيم الفرد وأهمل قيم الجماعة، وتنازل عن طموحات دافيد بن غوريون بتشكيل مجتمع مثالي. والحكومة تتحدث باسم الأمن وهي تمس به باستيطانها في كل مكان".
وأكد براك أن حكومة نتنياهو تحاول زعزعة السلطة الفلسطينية وتساءل وهل تظن أن حركة "بيتار" الصهيونية ستستبدلها غداة انهيارها؟.. وتابع "عندئذ ستستبدلها حماس وهذه مريحة أكثر لليمين. حماس ستأتي ومعها تأتي صواريخ على كفار سابا.
وعن إمكانية عودته للسياسة وهو ابن 75 سنة قال"تصلني توجهات كثيرة وبهذه المرحلة لست معنيا. ربما تكون محاولات وأنا لا أطمح لها. أنا لست القصة. القصة هي نتنياهو".
وردا على سؤال لماذا سعى ونتنياهو لتوجيه ضربة عسكرية لإيران، كشف براك أن النية كانت دفع الولايات المتحدة لتصعيد عقوباتها على طهران والقيام بعملية أيضا ضدها، لافتا إلى أنه كان صقرا أكثر من نتنياهو. ويتابع "افترضنا أن الولايات المتحدة تعرف كل شيء- تعرف عن الضربة التي خططنا لها وعن معارضتها من قبل قائد الجيش غابي اشكنازي ورئيس الموساد مئير دغان ورئيس الاستخبارات العسكرية عاموس يادلين ورئيس المخابرات العامة (الشاباك) يوفال ديسكين. لم يحب الرئيسان جورج بوش وباراك أوباما خطتنا لاستهداف إيران لكنهما احترما موقفنا بأننا وحدنا نملك الحق باتخاذ القرار في مواضيع تتعلق بأمن إسرائيل ومستقبلها. وحينما سألني مسؤول أمريكي بأي وقت مبكّر ستبلغوننا وتنذروننا بالضربة على إيران فقلت: بضع ساعات فقط لأننا نريد المفاجأة. وأبلغتنا واشنطن أنها تعارض الضربة لكن في حال وقوعها ستقف لجانبنا".
وردا على سؤال أن التحضيرات الإسرائيلية لضرب إيران كلفت إسرائيل ثلاثة مليارات دولار راحت سدى، قال براك بتهديد مبطن إن التحضيرات كانت مبررة أولا وثانيا إن المشروع النووي الإيراني لم يختف بعد بل تم تأجيله عشر سنوات. سلاح نووي بحوزة إيران سيكون على نسق السلاح النووي لدى كوريا الشمالية وهو سيغير وضع المنطقة ومن شأنه التحول لمشكلة وجودية لإسرائيل بعكس المشروع النووي الليبي أو في جنوب إفريقيا والمعد لهدف الردع فقط.
وقال إن المعارضين للضربة عللوا موقفهم بالقول إن إيران ستعيد بناء قدراتها بعد سنوات قليلة. ويواصل إن إسرائيل حينما ضربت المفاعل النووي العراقي في 1981 لم تكن تعرف كم من الوقت ستحتاج لترميمه لكن الطرف المستهدف يخشى عادة من محاولة البناء من جديد. وتابع "وهذا ينطبق على المفاعل النووي في دير الزور في سوريا الذي ضربته إسرائيل وفقا لتقارير أجنبية. وتابع القول "في إسرائيل يصادق على العمليات العسكرية عندما تتوفر ثلاثة شروط: قدرة عملياتية، وشرعية دولية وحاجة ملحة للتحرك فورا لأنه لا يمكن القيام بالعملية نفسها مستقبلا. المشروع النووي الإيراني هو ليس كمركبة في الطريق يمكن استهدافها طالما أنها تسير على هذا الطريق. هي تشبه قطارا يدخل رويدا رويدا لنفق وكلما دخل فيه قلت جدوى العملية".
كما أوضح براك أن معارضة قائد الجيش للضربة الجوية لا تمنعها ولكن عندما يؤكد أمام المستوى السياسي صاحب صلاحية القرار أنه لا توجد قدرة عملياتية فهذا يعني منعها وللأسف تلقى المعارضون من الأجهزة الأمنية دعما بهذا المضمار من رئيس الدولة الراحل شيمون بيريز الذي لم أنجح بإقناعه مثلما لم أنجح بإقناع بقية المعارضين رغم الحديث معهم ساعات طويلة".
كذلك كشف براك أنه مع توالي السنوات زادت شكوكه حول مدى تصميم نتنياهو على تنفيذ الضربة.
براك الذي يدأب على مهاجمة نتنياهو بقسوة في الشهور الأخيرة وربما طمعا بالعودة لرئاسة الحكومة يتابع "اقترحت على نتنياهو التقدم بالشأن الفلسطيني ليس من أجل تسوية الصراع فقط بل للحصول على دعم دولي للهجوم على إيران ويبدو أن الحاجة لفعل شيء ما في الموضوع الفلسطيني هو الذي أخافه وربما خشي تحمل مسؤولية عن قرار عارضه كل رؤساء الأجهزة الأمنية فهو لا يحب أصلا اتخاذ قرارات بعكسي".
وردا على سؤال عما إذا كان النزاع بين الولايات المتحدة وبين كوريا الشمالية من شأنه أن يتطور لحرب قال براك إنه سأل ذات مرة مسؤولا صينيا رفيعا ما رأيه بكيم جونغ أون فقال: ماذا تريدون منا  فأون تتلمذ على أيديكم، وداخل مدرسة للأثرياء في سويسرا". وتابع "المثير في هذا النزاع وجود أكثر من لاعب غير متوقع. مقابل أون يقف رئيس أمريكي يصعب جدا معرفة ما ينوي فعله. وفي حالة الغموض هذه هناك امتياز ولكن مخاطر أيضا".
وعن الضربة الأمريكية في سوريا اعتبر براك أن ترامب اختار الخيار الأكثر محدودية ومع ذلك نجح بأن يفاجئ، منوها إلى أن الولايات المتحدة ما زالت الدولة الأقوى بالعالم وميزانية الأمن فيها توازي ميزانيات الأمن في روسيا، والصين، ألمانيا، واليابان، وفرنسا وغيرها ويضيف "لذا حينما تقول واشنطن كفى فهذا يحمل معنى. في المئة يوم الأولى له في الحكم تنازع ترامب مع روسيا، والصين، وكوريا الشمالية وإيران".
ويستبعد براك نزاعا أمريكيا روسيا لأن روسيا دولة أوروبية ومسيحية بنهاية المطاف ويحذر من احتمالات نشوب مواجهات مع بقية الدول المذكورة على خلفية أسباب عدة ممكن أن تكون سفينة أمريكية تبحر في الصين أو تحليق طائرة أمريكية في المنطقة لا سيما أن الصينيين يعتبرون أنفسهم متساوون مع الولايات المتحدة. ويضيف معللا تقديره سهولة اشتعال مواجهة عسكرية بالقول "ترامب محاط بعدد من المسؤولين والخبراء الرصينين ومع ذلك فإن تفكيرا جماعيا قطيعيا، (الانجرار خلف الرئيس)، قراءة مغلوطة للمخاطر- كل هذا من شأنه أن يحدث وسبق أن حصل".

المصدر: القدس المحتلة - وكالة قدس نت للأنباء -