استكمالاً للدور التاريخي للعمل النقابي في الكفاح الوطني والاجتماعي عبر مراحلها التاريخية حتى اللحظة، والذي تميز برغم كبر حجم الأعباء والتحديات والتضحيات والعطاء في كافة المجالات لخدمة العمال، والحفاظ على المكتسبات الوطنية والاجتماعية، والتي ما كان لها أن تتحقق إلا بتواصل وتعاقب الأجيال النقابية، والعمل الدؤوب لتحقيق الأهداف للرقي بالواقع العمالي والاجتماعي وتحقيق التنمية، ولكي تستمر النقابات العمالية في عطائها وتواكب التطورات والأحداث والمتغيرات السريعة المحيطة بعملها، والتي تؤثر عليها وتنعكس على قيامها بدورها في مواجهة اتساع حجم التحديات وظواهر البطالة والفقر والتهميش والاستبعاد الاجتماعي للعمال، وخاصة الشباب والنساء منهم، بالإضافة لانعكاسات الانقسام السياسي، واستمرار البيروقراطية النقابية والتقليدية في ظل معممة اقتصاد السوق، وارتفاع الأسعار، وتدني الأجور، وضعف الرقابة على تطبيق القوانين الاجتماعية العمالية، وانطلاقاً من الإيمان بأن النقابات العمالية يكمن مستقبلها بالتجديد والتحديث والاقتناع بحق العمال بالتغيير والنضال لتحقيق الأفضل لهم وللمجتمع ومن هنا نري ضرورة القيام بالتالي :
- على النقابات العمالية أن تطور هياكلها وبنائها الوظيفي بما يساعد في منحها المقدرة على تحقيق أهدافها من خلال نقل التجارب من الاتحادات النقابية الدولية والصديقة لتحديث وتطوير الأداء، وتوسيع ثقافة العمل النقابي لتستطيع مواكبة العصرنة والتطور السريع المحيط بالعمل النقابي والاجتماعي.
- تمكين قيادات ونشطاء العمل النقابي عن طريق تبادل الخبرات المؤسسية مع النقابات والاتحادات الدولية، من وخلال التدريب والتعلم المتبادل فيما بين هؤلاء القادة والكوادر، وتُظهر مواضيع التدريب واللقاءات التعليمية التي تقوم بها النقابات الدولية أمثلة ملموسة عن اتجاهات التمكين وآليات التأثير في صناعة القرار والسياسات العامة.
- تحديد الأولويات الوطنية والعمالية؛ لتنظيم حملات ضغط، وكسب التأييد لصالح قضايا العمال، وبناء التحالفات والشبكات؛ وتحسين البيئة التشريعية لعمل النقابات العمالية، ولعمل العمال؛ وبناء الشراكة الحقيقية بين الحكومة وأصحاب العمل والنقابات العمالية، لتطوير نظم الشراكة بين أطراف الإنتاج.
- نشر القيم الديمقراطية والحاكمية الرشيدة لعمل النقابات وتعزيز قيم والتسامح ومكافحة التطرف ومكافحة الفساد ولعب دور في مراقبة الانتخابات التشريعية والمحلية والرئاسية.
- إصدار أدلة للتدريب ومواد تعليمية متنوعة لمساعدة كوادر العمال والنقابات العمالية على اكتساب معارف ومهارات جديدة، أو لأغراض تثقيف جماهير العمال بقضايا محدده تعمل عليها هذه النقابات.
- تطوير التدريب والتواصل الإلكتروني عبر الصفحات الالكترونية والتعليم والتثقيف الإلكتروني، وتطوير التواصل مع الأعضاء باستخدام تقنيات الكترونية خاصة لوضوح ارتفاع نسبة استخدام التقنيات الالكترونية بين العمال الفلسطينيين.
- توسيع دائرة الاتصال المباشر مع العمال من خلال تلمس المشاكل وتعظيم المصالح المتعلقة بهم والقيام بدور نقابي فعال معهم، وتنظيم عضويتهم بالنقابات من خلال برامج وأنشطة نوعية تساعد في الاستقطاب العمالي للمشاركة والتفاعل مع برامج العمال، فكلما كانت النقابات قريبة من نبض العمال وتدير برامجها وخططها بما يحاكي ظروفهم وواقعهم تكون على اتساق معهم وتواصل فعال.
- العمل لتطوير قدرات النقابات العمالية بوسائل الإدارة العصرية والحديثة، والقيام بإنشاء إدارة متخصصة لتنمية الموارد البشرية في النقابات تقوم بتنمية قدرات العاملين والقيادات النقابية، لتوفير البيئة المناسبة لهم لتحسين الأداء والخدمات التي تقدم لصالح العمال حتى تكون النقابات تجديدية في برامجها وخدماتها وتخرج من التقليدية والثقافة البالية التي تعاني منها بسبب عدم تناسبها مع الظروف الجديدة التي تمر بها الحركة النقابية والعمالية.
- وجوب توفير قاعدة بيانات متطورة ومتجددة، ونظام دقيق للمعلومات في النقابات العمالية يتضمن كل البيانات عن القيادة النقابية واللجان العمالية والعمال، وبيانات اجتماعية عنهم وعن مهاراتهم وقدراتهم المهنية...الخ، بحيث تعتمد كأساس علمي في عملية التخطيط.
- إرساء ثقافة التطوع بين العمال من خلال تضمينها في كل الأنشطة التي تقوم بها النقابات لزيادة الوعي نحوها في المجتمع الفلسطيني.
- ضرورة أن تطور النقابات العمالية برامجها الترويحية لشغل أوقات الفراغ بالعمل على إنشاء الأندية والمنتجعات والمنتديات الثقافية والتفكير بالسبل الترويحية الفعالة لتخفيف الضغوط على العمال كالرحلات واللقاءات الفنية، والشعرية ...الخ من أنشطة تساهم في تعزيز العلاقات النقابية بين العمال والنقابات.
- ضرورة العمل على تطور وسائل وإمكانيات النقابات المالية لتستطيع توفير احتياجاتها وتحافظ على استقلاليتها وفعاليتها، وذلك من خلال القيام ببرامج وأنشطة ذات عائد مادي يمكن توظيفه لصالح الخدمات التي تقدمها للعمال.
- نقل التجربة المصرية بإنشاء معهد للتثقيف والتدريب العمالي، يقوم على أساس منهجي وفق مقياس الجودة للتعليم والتدريب، ومتخصص في مجالات مهنية ونقابية ليؤسس ذلك في المستقبل لإنشاء جامعة عمالية متخصصة.
- ضرورة العمل على تطوير سبل المشاركة العمالية في صناعة القرار النقابي باستخدام آليات جديدة تناسب الظروف من خلال الاجتماعات وعقد المؤتمرات والندوات التي تناقش قضايا عمالية متخصص، والاستماع لآراء أصحاب العلاقة والاستعانة بخبرات فذلك يساهم في تطوير العمل النقابي.
- ضرورة العمل على تعزيز لغة الحوار في إطار المحاولة للعب دور في مواجهة التعصب والفئوية التي أصبحت تسيطر على كل القوى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في المجتمع الفلسطيني تأثراً بالانقسام الداخلي المرير الذي يجب مكافحته شعبياً وإنهاؤه لصالح القضية الوطنية والأولويات لمواجهة الاحتلال والابتعاد عن تقاسم السلطة التي لا تملك قرارها.
- ضرورة تقييم الأداء وبرامج العمل بهدف التقويم والتحسين بالخدمات، فأي عمل يفتقر للمتابعة والإجراءات المنهجية في التقييم والتقويم تنهار خططه أمام الإشكاليات والمتغيرات والحاجات العمالية التي تحتاج لمرونة ومتابعة دائمة للعمليات التنفيذية فأي خطة نقابية تسعي لتحقيق أهدافها بشكل نوعي وفعال يجب أن تخضع لمعايير التقييم والتقويم وتقوم بالتغذية الراجعة.
وأخيراً تحتاج النقابات العمالية لجهود بحثية جادة وعميقة وجماعية لبناء أسس وركائز المجتمع المدني الحديث، وتطوير كل ما هو تقليدي لتكون النقابات أكثر مرونة، لحشد كل الطاقات والقدرات للدفع نحو التنمية البشرية والديمقراطية في المجتمع الفلسطيني.
*د. سلامه أبو زعيتر
* باحث نقابي في التنمية البشرية