النقابات العمالية ودورها في تمكين العمال

بقلم: سلامه ابو زعيتر

من أبرز جوانب عمل النقابات العمالية في الميادين الحفاظ على حق العامل وواجبه كمواطن مسؤول يحمل رسالة شعبه وأمته، ودوره الوطني في بناء وطنه وتنميته، وهذا الاهتمام للنقابات يتركز في الدور الذي تلعبه النقابات في تمكين العمال في الحياة الاجتماعية والاقتصادية من خلال تعزيز مشاركتهم، وإعطائهم سلطة أوسع في ممارسة الرقابة، وتحمل المسؤولية، وفي استخدام قدراتهم من خلال تشجيعهم على اتخاذ القرارات، وقد أصبح مفهوم " التمكين " (Empowerment) للعمال من المفاهيم الرئيسية في تصور مقومات التنمية البشرية، وتعني توسيع القدرات والخيارات المتاحة للعمال والعاملات، ليزيد من قدراتهم على ممارسة تلك الخيارات، وهم متحررون من البطالة والفقر والجوع والحرمان، مما يزيد من الفرص المتاحة لهم للمشاركة الكاملة في القرارات والآليات، التي توجه حياتهم ومصيرهم والموافقة عليها ، وأن هذه القرارات والآليات يجب ألا تصاغ في غيابهم، ودون أن يتمكنوا من التعبير عن حاجاتهم ومشاكلهم الفعلية وطموحاتهم، وهذه المشاركة تتيح لهم الوصول إلى خيارات أوسع في توجيه مصيرهم، وفتح مجالات عمل جديدة، والحصول على الحقوق القانونية والاجتماعية، التي تضمن تحسين وسائل الإنتاج والعمل، وليس من الإنصاف أن تتخذ أي قرارات نقابية أو تنموية، دون سماع وجهة نظر العمال بمثل هذه القرارات، ومشاركتهم في صياغتها؛ لكي تراعي مصالحهم الحيوية، وبناء على ذلك فالمشاركة للعمال تسير بجانب التمكين في العملية التنموية، فهناك اتفاق على أهمية الأفكار النابعة من أصحاب العلاقة، وإبراز دور العامل كمواطن للتمكين، ولتحقيق الفاعلية الأكثر التصاقا بالواقع، واستناداً لمفهوم التمكين، فهو يعترف بالعامل كعنصر فعال في التنمية، من خلال قيامه بالأدوار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، التي تتيح له الفرصة في الإسهام، بوضع الأهداف العامة لمجتمعه، والتعرف على الفرص المتاحة، واقتراح أفضل الوسائل لتحقيقها وإنجازها .

تتصف النقابات العمالية بالمرونة، وبالمشاركة الجماهيرية لجموع العمال، وهي من مؤسسات المجتمع المدني الأكثر قدرة وكفاءة وفاعلية، من حيث أنشطتها وأهدافها وبرامجها لتحقيق مصالح للعمال، باعتبارها تهدف لتوفير بيئة تشريعية وسياسية ملائمة، وتجسيد ثقافة التطوع وتقوية قدراتها المؤسسية والبشرية، فالعمال ينضمون لها طوعياً وبملء إرادتهم، إيماناً منهم بقدرتها على حماية مصالحهم والتعبير عنهم، وبالتالي فإن قيما ومبادئ مثل: المبادرة، والحرية، والإرادة، والعقلانية، والحكم الرشيد، تعتبر من المقومات المهمة لبناء النقابات العمالية، التي تسعى إلى تحقيق مصالح عامة تهم المجتمع، ومختلف فئات العمال التي تنتمي إليها.

مجمل القول مع بروز التنمية البشرية واهتمامها بكل الجوانب الإنسانية، والتي تدور حول خمسة مبادئ أساسية وهى " التمكين، المشاركة، التعاون، الإنصاف، الاستدامة، وتتشابك هذه المبادئ في الواقع، وتمثل الإطار العام لاستراتيجية التنمية البشرية، ما يتصف بها من سياسات، لتحقيق التنمية للعمال وبهم وتحافظ على استمراريتها، وحتى يمكن وضع هذه المبادئ موضع التنفيذ، وتدعيم التفاعل بينها بشكل إيجابي، تصبح اللامركزية أمراً ضرورياً في إدارة النقابات العمالية، التي تتطلع إلي إنجازات أفضل في مجال التنمية البشرية والتي لا يمكن اعتمادها، والعمل وفقاً لمبادئها إلا بتمكين العمال، فهم رأس المال البشري والاجتماعي، وهذا يتضمن أمرين، الأول: أن يتم فوراً تحديد وتنفيذ الوضع الأمثل للتوازن بين المركزية واللامركزية، في ظل الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والمؤسسي والتنظيمي والثقافي السائد، والثاني: صياغة وتنفيذ برامج للإصلاح ترمي إلى التقدم بهذه الأوضاع نحو مزيد من اللامركزية، وفي نفس الوقت تدعيم الهوية الوطنية والقومية للعمال، فمن خلال ذلك يمكن أن تكون النقابات العمالية قادرة على التجاوب مع الواقع، وتساهم في تمكين العمال لجوانب الحياة بشكل فعال ومؤثر إيجابي.

بقلم/ د. سلامه أبو زعيتر