ماذا لو اعتذرت بريطانيا عن وعد بلفور؟

بقلم: مصطفى أبو السعود

عزيزي اللورد/ روتشيلد: يسرني جدًا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالة الملك التصريح التالي، الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود الصهيونية، وقد عُرض على الوزارة ، وأقرته كما يلي:إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يُفهم جليًا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن يغير الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى".
ماسبق هو نص الوعد الذي ولد في يوم 2_11_1917في بريطانيا هو من أشهر واقذر النصوص في التاريخ ، والذي يُعتبر مانحه (آرثر جيمس بلفور) وزير خارجية بريطانيا في الفترة(1916 _ 1919 ) من اشهر اللصوص في التاريخ وقد دخل التاريخ من اسوأ أبوابه، ولا أخال أحداً في العالم لم يسمع بهذا الوعد أو يعرفه، لأن تأثيره بلغ الأفاق حيث منح من لا يستحق ما لا يستحق، وكانت نتيجته ( ولادة دولة اسرائيل) وصار أهل الأرض في أرضهم ضيوفاً واستوطن الاغراب.
والمتأمل في المسيرة الزمينة ما بين ولادة وعد بلفور 1917 إلى يومنا هذا 2017 يجدها مسيرة دموية وعنصرية بامتياز ، حيث التقتيل والطرد والعنف بشكلٍ وحشيٍ على أصحاب الأرض الأصليين، وحرق الأخضر واليابس ولا زال الأمر يشتد قساوة.
في مؤتمر فلسطينيي أوروبا الذي عُقد بمدينة روتردام في هولنداتحت شعار (100 عام ... شعب ينتصر وإرادة لا تنكسر) طالب الفلسطينيون الحكومة البريطانية بالاعتذار عن وعد بلفور لأنه أدى إلى احتلال فلسطين وطرد شعبها من أرضه،، حيث جاء في البيان الختامي للمؤتمر الـ15 - "- إن وعد بلفور انتهاك جذري لمعايير الإنصاف والعدالة والحقوق، تسبّب في اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه ودياره.
لم يكن الفلسطييون وحدهم من يطالب بريطانيا بالاعتذار، فقد وقع 11 ألف شخص على وثيقة تطالب الحكومة البريطانية بالاعتذار عن سماحها ببناء دولة الاحتلال، فماذا كان جواب قوم بلفور إلا أن قالوا ) إن وعد بلفور هو بيان تاريخى،وأعربوا عن "افتخارهم" بتأسيس دولة إسرائيل،ورفضوا الاعتذار ،وبأن حكومة المملكة المتحدة لا تنوى الاعتذار عنه، مشيرة إلى أن المهمة الراهنة تتمثل فى تشجيع الخطوات التى تقود نحو تحقيق السلام، والتطلع إلى المستقبل، وإقامة الأمن والعدل لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين من خلال سلام دائم".
وهنا اطرح سؤالاً، ماذا لو قدمت بريطانيا اعتذارها عن وعد بلفور؟
هل ستختفي اسرائيل من الوجود ويتم تعويض الشعب الفلسطيني عن الخسائر النفسية والمادية التي لحقت به منذ ولادة الوعد؟
هل ستعمل بريطانيا على بناء الدولة الفلسطينية بالشكل الذي يعبر عن ندمها واسفها على منحها الوعد لليهود؟

الاجابة هي :
من يقرأ التاريخ يعرف أن الحقوق لم ترجع الى اهلها الا ببذل بالكفاح بشكل عام وخاصة العسكري لانه مؤلم للعدو ومكلف، اما التوسل فلا يسمن ولا يغني من جوع، وهو بضاعة المفلسين، وشخصياً، لا أظن أن تقديم الإعتذار هو أمرٌ هينٌ على بريطانيا الدولة الوحيدة التي ليس لهاعيد استقلال، لأنها ببساطة كانت تبسط نفوذها على كل البلاد، وسميت آنذاك المملكة التي لا تغيب عنها الشمس، خاصة أن العالم العربي والاسلامي حالياً قد فقد كل مقومات القوة الضاغطة التي يمكن اسثتمارها للضغط من خلالها على بريطانيا لتقديم الاعتذار.


مصطفى محمد أبو السعود
غزة_ فلسطين